مدخل القسط: حق الله الوفاء بالأمانة والمسؤولية للأولى باك

مدخل القسط: حق الله الوفاء بالأمانة والمسؤولية للأولى باك

النموذج الأول

قراءة النصوص:

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) ) سورة النساء الآية 57 – 58
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة الأنفال:الآية:27

شرح المفاهيم الأساسية:

نعما يعظكم به: نعم ما يعظكم الله به ويهديكم إليه.
لا تخونوا الله والرسول: تخونوا الله والرسول بترك ما أوجبه الله عليكم وفعل ما نهاكم عنه.
وتخونوا أماناتكم: لا تفرطوا فيما ائتمنكم الله عليه.
وأنتم تعلمون: تعلمون أنه أمانة يجب الوفاء بها.

استخلاص المضامين:

– خيانة الإنسان لما استأمنه الله عليه من أوامر ونواه محرم شرعا.
– الوفاء بالأمانة واجب شرعي.

المحورالأول: مفهومالأمانة ووجوب الوفاء بها:

أ-مفهوم الأمانة:
لغة: مشتقة من الأمن وهي الثقة الموضوعة في من استُودعَ أمانة مادية أو معنوية ليحفظها.اصطلاحا:حفظالوديعة،قال تعالى:﴿فإن أمن بعضكم بعضا.فليؤد الذي أتمن أمانته.وليتق الله ربه﴾ سورة البقرة:282 .والأمين هو من يؤمن طمعه في الوديعة التي أودعها،ويؤمن عدوانه على ما استؤمن عليه من عرض، أو أهل، أو مال…
ب- حكم الوفاء بالأمانة:
الوفاء بالأمانة واجب شرعي قال تعالى :﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾المائدة:1. ولهذا عدا تضييع الأمانة خيانة،تنقضالإيمان،وكبيرة من الكبائر تغضب الرحمان،وشعبة من شعب النفاق.عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب،وإذا وعد أخلف،وإذا اؤتمن خان» مسند أحمد.
ج- مفهوم الوفاء ومظاهر الوفاء بالأمانة.
1- مفهوم الوفاء: لغة يقال وفى،أيأتم،واصطلاحا:يطلق على المحافظة على العهد،وحفظ الأمانة وعدم تضييعه.
2- مظاهر الوفاء: من مظاهر الوفاء بالأمانة،حفظ الدين واجتناب المحارم والقيام بالواجبات،وحفظ النفس وعدم تعريضها للضرر،فالطبيب الذي يخلص في عمله يفي بأمانة المهنة وينقذ الأرواح،والمعلم الذي يدرس العلم يحفظ أمانة العقل فيبنيها بالتعليم والتأهيل،والتاجر الصدوق والخادم الوفي يحفظ أمانة المال…
د-وجوب الوفاء بحق الله وحفظ الأمانة من الإيمان:
من شيم النفوس المؤمنة الطيبة التي تزكت بنور ربها،واقتدت بهدي نبيها صلى الله عليه وسلم،وحافظت على فطرتها التي فطرها الله تعالى عليها،أن ترى في حفظ الأمانة وفاء بحق الله عزوجل،فتُحق الحق في نفسها،فتفي بالأمانة لمعرفتها بتعلق المسؤولية بذمتها،لأن تحمل الأمانة يشمل حفظ الدين، ومن ضيع أمانة الدين كان لما سواها أضيع.سورة التوبة:113.
هـ- إفشاء السرتضييع للأمانة:
ومن الخيانة إفشاء السر المؤدي إلى فضح الأعراض وإلحاق الضرر المعنوي بالغير. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه،ثم ينشر سرها» صحيح مسلم.

المحور الثاني: خصائص ومميزات  حقوق الإنسان في الإسلام.
تتميز حقوق الإنسان في الإسلام بخصائص ومميزات اكتسبتها من صفاء نبع الوحي ومن أهم هذه الخصائص:
-الربانية: بمعنى أنها حقوق مصدرها الله وهو من دعا لحمايتها والحفاظ عليها.
الثبات: بمعنى أنها حقوق لا تتغير بتغير الزمانوالمكان والظروف والأحوال .
الحياد: أي أنها حقوق جاءت لجميع الناس على اختلاف أنواعهم وأجناسهم وعرقياتهم ولغاتهم.
الشمول: بمعنى أنها شاملة لكل مصالح الإنسان وجاءت لدفع كل الانتهاكات والمظالم التي تحاط بالإنسان.
العالمية: بمعنى أنها صالحة لكل الناس في مختلف مناطق العالم.

المحور الثالث: ربط المسؤولية بالمحاسبة مبدأ يشمل التكليف والتكريم الإنساني.

أ- مفهوم المسؤولية وعلاقتها بالتكليف الشرعي:
التكليف بفعل الشيء ومنه تكليف الله تعالى لبني آدم بمجموعة من التكاليف والمسؤوليات الشرعية للقيام بها والوفاء بها كما يجب،فكل بالغ عاقل مسؤول في الدنيا بحكم التكليف الذي تحمله بمجرد علمه بما أنزل الله تعالى من شرائع على الرسل ومسؤول يوم الدين عن معتقده وأقواله وأعماله. قال تعالى: ﴿ولتسئلن عما كنتم تعلمون﴾
ب- حكم المسؤولية: يتجلى في أن الإنسان وجب عليه الطاعة والعبادة قياما بحق الله تعالى ووفاء بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في اتباع ما أمر به الله تعالى واجتناب ما نهى الله عنه، والحذر من كون من تعدى محارم الله تعالى فقد تعدى الحدود:﴿ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه﴾ الطلاق:.وقد نبه الله تعالى عباده إلى حال الغافلين عن هذه المسؤولية يوم الفصل فقال:﴿وقفوهم إنهم مسؤولون﴾ الصافات:24ولن يستطيع الإنسان الوفاء بحق الله تعالى إلا بالتفقه في الدين.
ج- من أنواع المسؤوليات.
1- مسؤولية الإنسان عن شكر النعم:
إذا كان الإنسان في الحياة الدنيا مسؤولا عن أفعاله وقراراته واختياراته أمام الدولة والمجتمع،فيحاسب على ما اقترف في الدنيا،فإنه يحاسب كذلك في الاخرة على ما اقترفه في الدنيا ،ومسؤولية الإنسان في الاخرة تبدأ بالسؤال عن أداء حق الله تعالى في شكر نعمه،قال سبحانه:﴿ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم﴾ التكاثر:8.
ولقد قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المعنى عندما استضافه أنصاري رفقة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وذبح لهم شاة فأكلوا وشربوا،ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم،أخرجكم من بيوتكم الجوع،ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم» صحيح مسلم.
2- مسؤولية الإنسان عن كسبه: ومن أعظم ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ما اجترح من أقوال وأفعال،حتى الكلمة التي يستهين بها،يضحك بها جليسه،فتهوي به سبعين خريفا في نار جهنم.عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع…سنن الدارمي.
3-مسؤولية الإنسان عن علاقته بالغير: تتعلق بذمة الإنسان حقوق الغير من:حقوقالوالدين،وحقوقالإخوة،وحقوق الأقارب والجيران، حقوق البيئة والحيوان،بل وحتى حقوق عابر السبيل فيجب عليه أن يفي بها،لأن الله عدا هذا من حقوق الغير التي تجب على كل مسلم.

المحور الرابع :أهمية الأمانة عند الفرد وفي المجتمع.

إن الأمانة من أسس الدين وهي مسؤولية عظيمة على الجميع التمسك بها،ولأهميتها فقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أن السماوات والأرض والجبال أبين حمل الأمانة وقد حملها الإنسان،وبهذا فهي صفة حميدة لمن تمسك بها،ودليل على إيمان المرء وحسن خلقه،حيث إنها من صفات سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،الذي التزم بها قولا وعملا من قبل بعثته،فكان الناس يؤمنونه على أموالهم وأنفسهم،وهي من صفات عباد الله الصالحين، وللأمانة أهمية كبيرة،بحيث تتطلب مواقف الحياة الأمانة ؛فالكل راع ومسؤول عن رعيته،وهو محاسب على ما قام به من أعمال يوم القيامة ومن ذلك:
الأمانة مع الله: أمان ة العبد مع الله سبحانه وتعالى تكون بالقيام بالواجبات من عبادة؛كصلاة وصوم وغير ذلك من العبادات وعدم التقصير بها.
أمانة العبد مع نفسه وغيره من الناس: تكون بحفظ جوارحه من الحرام،واختيار الخير والأصلح في جميع مجالات الحياة،وبما يرضي الله سبحانه،وتكون بين الزوجين بالعشرة الطيبة وحفظ الأسرار الزوجية ،والقيام بالواجبات والحقوق بين الزوجين،وتربية الأبناء التربية الصالحة وتقديم كل ما يحتاجونه ،…وكذلك الأمانة مع الناس من خلال الأمانة في العهود معهم، وتسديد الديون وإتيانهم حقوقهم،فالفرد الأمين يحبه الناس ويقربونه ويؤمنونه على كل ما يمتلكون، وتجعله ذا قدوة المجتمع يقتدي به غيره ويعيش حياة السعداء،أما غير الأمين فيتصف بالخيانة يبتعد عنه الناس وينفرون منه ، فالمجتمع لا يستطيع أن يعيش من غير أمان؛ فإن لم تسد الأمانة انتشر الخوف وعدم الثقة بين الناس، فلا بد من أن تمثل الأمانة قيم المجتمع؛وذلك أن القيم،التي يتصف بها المجتمع أعظم من تلك القوانين والشرائع التي تفرضها القوانين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *