التهيئة الحضرية والريفية: أزمة المدينة والريف وأشكال التدخل -ن 2-

التهيئة الحضرية والريفية: أزمة المدينة والريف وأشكال التدخل

الأولى باك للعلوم والتكنولوجيا والتعليم الأصيل

النموذج الثاني

التمهيد الإشكالي للوحدة:
تعاني المدينة والريف بالمغرب من أزمة حقيقية اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا تستوجب التدخل لمعالجتها عن طريق برامج وخطط التهيئة الحضرية والريفية وسياسة إعداد التراب الوطني.
فما هي مظاهر أزمة المدن و الأرياف بالمغرب؟
ما هي أنواع التدابير و وأشكال التدخل لمعالجة هده الأزمة ؟
ما هو دور التهيئة الريفية والحضرية وكذا سياسة إعداد التراب الوطني في إيجاد حلول لهاتين الأزمتين؟

I-تشخيص مظاهر أزمة المدن و الأرياف بالمغرب:
1. ترتبط مظاهر أزمة المدينة المغربية بالتطور السريع لظاهرة التمدين بالمغرب:
* تطور ظاهرة التمدين:
– عرفت نسبة الساكنة الحضرية ارتفاعا بحيث انتقلت من %5 سنة 1900 إلى %55 سنة 2004 (تضاعفت حوالي 11 مرة)
– ارتفاع عدد المدن التي تتركز بها كثافات مرتفعة وظهور مدن كبرى (الدارالبيضاء نموذجا).
– تختلف نسبة التمدين بالمغرب حسب الأقاليم حيث ترتفع بجهة الدارالبيضاء واد الذهب الكويرة العيون..بنسبة %75،في حين تبقى ضعيفة في جهة (دكالة عبدة%25…).
يفسر هذا الارتفاع ب: التزايد الطبيعي+ النزوح الريفي+توسع المدن+ظهور مراكز حضرية جديدة…

* انعكاسات التمدين السريع على وضعية المدينة المغربية:
وقد ترتب عن ظاهرة الانفجار الحضري عدة انعكاسات سلبية :
مجاليا : ارتفاع ظاهرة التسحيل (السكان،المؤسسات الصناعية…) >>> تفاوتات مجالية.
بيئيا: تراجع الأراضي الفلاحية بفعل الغزو العمراني+ ارتفاع الضغط على الموارد الطبيعية (الماء..) + مشكل النفايات وتدبيرها.الثلوث (هوائي سمعي،بصري).
إجتماعيا: ارتفاع الطلب على السكن والتجهيزات الإجتماعية+ تزايد عدد الفقراء + ضعف الخدمات الإجتماعية والثقافية والرياضية..
نسيج المدن: تفكيك النسيج الحضري + انتشار السكن العشوائي+ تدهور المدن العتيقة بفعل تزايد الضغط عليها اي تفكيك النسيج الحضري الأصلي القديم، تغيير في وظائف المدن وإعادة توزيع الوظائف الحضرية.

* مظاهر أخرى لأزمة المدينة بالمغرب:
في المجال الاقتصادي: افتقار المغرب لمؤسسات قوية من شأنها تحريك الاقتصاد الوطني+ضعف مردود الإقتصاد الحضري : تدني الدخل الفردي + تضخم القطاع الاقتصادي غير المندمج + تزايد حدة المضاربة العقارية.
في المجال الإجتماعي: الإقصاء الإجتماعي +ضعف فرص الشغل + مشكل السكن+ الفقر الحضري (%14.2) ظاهرة ترييف المدن.+ ارتفاع نسبة البطالة (تتجاوز أكثر من %24 من بالوسط الحضري بجهة الغرب ش. ب.ح ) أنظر الخريطة ص 156 من الكتاب المدرسي..
في المجال التجهيزات : عدم كفايتها ورداءتها (الطرق،التطهير،النقل..)+خصاص كبير في الخدمات العمومية (الإنارة،الماء الصالح للشرب..).+ مشكل النقل الحضري.
على المستوى البيئي: النفايات ومشكل جمعها وتدبيرها + هشاشة المدن العتيقة (فاس..) قلة المساحات الخضراء وتدهور الموجود منها.+  مشكل ارتفاع نسبة الثلوث بمختلف أنواعه و أشكاله وانعكاسات دلك على صحة السكان.
2. مظاهر أزمة الأرياف المغربية:
” يشكل المجال الريفي بالمغرب كل الحيز الجغرافي الخارج على نطاقات المدارات الحضرية ويشكل العالم القروي الى حد قريب المجال الاستيطاني للساكنة المغربية…
يقطن بالعالم القروي بالمغرب اليوم حوالي 45 من الساكنة هذه النسبة في تراجع مستمر لعدة أسباب:
– تزايد حجم المدن وتوسعها ظاهرة التمدين
– ترقية بعض المراكز القروية إلى درجة مراكز حضرية…
– الهجرة القروية….” المصدر مداخلة للأستاذ علي خربوشي إطار بإعداد التراب والبيئة.
* في المجال الاقتصادي :
– ضعف الإنتاج الفلاحي وتبدده وعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي.
– التفاوت الكبير بين المناطق البورية والسقوية .
– تدني الدخل الفردي.

* في مجال الخدمات والتجهيزات العمومية :
– ضعف التجهيزات العمومية: على الرغم من المجهودات التي تبدلها الحكومة في تزويد الأرياف المغربية بالماء والكهرباء فإن نسبة هذا التزويد لا تتجاوز %18.1 بالنسبة للماء و %43.2 بالنسبة للكهرباء.(إحصائيات 2004).
– الخصاص الكبير في التجهيزات الاساسية شبكة الطرق + الماء الشروب .
– انعدام شبه كلي للخدمات الصحية والتعليمية .
* في المجال الاجتماعي :
– ترتفع نسبة الفقر بالأرياف المغربية حيث تصل إلى %22 من ساكنة الأرياف ،الاقتصاد والتهميش الاجتماعي ،ارتفاع كبير في نسبة البطالة، ارتفاع وثيرة الهجرة القروية مما يساهم في إفراغ القرى من الساكنة…
– ظروف عيش غير ملائمة + ضعف التغطية الصحية + العزلة + الجفاف >>>البطالة >>> الهجرة نحو المدن>>> تفقير الأرياف.
– ارتفاع كبير في نسبة الأمية نتيجة انخفاض نسبة التمدرس: تعد الأرياف المغربية مجالا تتركز به الأمية بشكل كبير فالبرغم من انخفاضها النسبي في العقود الأخيرة فإنها لا تزال جد مرتفعة حيث تبلغ في المتوسط (%60.5) المعدل الوطني (%43).إلا أن نسبة الأمية ترتفع ببعض الأقاليم والمناطق الريفية بالمغرب للتجاوز %80 (أسا الزاك،طانطان،المناطق الجبلية المعزولة..). (أنظر الخريطة ص 160 من الكتاب المدرسي).

II – تحديد بعض التدابير و وأشكال التدخل لمعالجة الأزمة:
1. أشكال التدخل لمعالجة أزمة المدينة بالمغرب:
تختلف أشكال التدخل حسب القطاعات:
* التدابير الاقتصادية:
تشجيع الأنشطة الإقتصادية الموفرة للدخل ولفرص الشغل +تشجيع الإستثمارات الخاصة+دعم إنشاء المقاولات.
* التدابير الاجتماعية:
إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية INDH) وإنشاء صندوق الحسن الثاني للتنمية+ إحداث برامج (برنامج محاربة الفقر في الأوساط الحضرية والشبه حضرية باعتماد الشراكة بين السلطات العمومية والجماعات المحلية وفعاليات المجتمع المدني وبرنامج السلفات الصغرى+برامج السكن الإجتماعي (200 ألف سكن سنويا )انطلاق برنامج مدن بدون صفيح 2004/2010 لمحاربة أحياء الصفيح.
* على مستوى التجهيزات العمومية:
فتح أوراش عمومية لتوفير التجهيزات العمومية وإعادة تأهيل المدن + التدبير المفوض (تفويت بعض الخدمات الإجتماعية لشركات أجنبية: الماء الكهرباء،التطهير، جمع النفايات)    TECMED-  AMENDIS>>> ارتفاع تكاليف الماء+الكهرباء التطهير…
2. التدابير الاستعجالية وأشكال التدخل لمعالجة أزمة الأرياف بالمغرب:
تتدخل الدولة لحل الأزمة الريفية عن طريق تسطير مجموعة من البرامج أهمها:
* في المجال الاقتصادي :
برنامج التنمية المندمجة للمجال الريفي سنة 1994. + البرنامج الوطني لمكافحة التصحر و أثار الجفاف والتصحر.+ برنامج الإستثمار الفلاحي بالمناطق البورية.
* في المجال الاجتماعي :
برنامج الأولويات الاجتماعية الذي يهدف إلى تحقيق التنمية الاجتماعية عن طريق دعم التمدرس ومحو الأمية وبناء المستوصفات القروية ثم إنجاز أوراش تضامنية لخلق فرص الشغل،وتسهيل الحصول على الخدمات الطبية لتقليص وفيات الأطفال+ البرنامج الإجتماعي للقرب (2005/2006) + المبادرة الوطنية للتنمية البشرية + برنامج التنمية البشرية المستديمة ومكافحة الفقر.
* في مجال التجهيزات :
برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب + برنامج الكهربة بالعالم القروي + البرنامج الوطني للطرق القروية..
III – تحديد دور التهيئة الريفية والحضرية وكذا سياسة إعداد التراب الوطني في إيجاد حلول لهاتين الأزمتين.
1. دور التهيئة الحضرية ومخططات سياسة إعداد التراب الوطني في معالجة أزمة المدينة بالمغرب:
* تدابير التهيئة الحضرية لمعالجة مشكل التعمير بالمدن المغرب :
تتعدد المجالات التي تتدخل فيها التهيئة الحضرية من أجل حل مشاكل المدن المغربية ويمكن تلخيص أهم هذه التدابير فيما يلي:
التدابير القانونية:
– قانون التعمير لسنة 1952م.
– قانون التهيئة والتعمير لسنة 1992.
– مشروع إعداد مدونة جديدة للتعمير منذ شهر أكتوبر2005.
التدابير المؤسساتية:
– تأسيس المعهد الوطني للتهيئة وإعداد التراب سنة 1981.
– إنشاء الوكالات الحضرية (ظهير 10 شتنبر 1993).
التدابير التقنية:
-إصدار مجموعة من الوثائق الموجهة للتهيئة الحضرية مثال:
– المخططات التوجيهية ( أي التصاميم المديرية : تنظيم المجال الحضري على المدى البعيد 25س) للتهيئة الحضرية.
– تصاميم التنطيق: وثائق التعمير…،- تصاميم التهيئة :تدقيق في كيفية استعمال الأرض ،- المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية الساحلية…
وبالرغم من أهمية هذه الوثائق (وثائق التعمير) فإن مشكل تفعيلها يبقى مطروحا.
*تختلف التدابير المتخذة من طرف الميثاق الوطني لإعداد التراب لحل أزمة المدينة المغربية حسب المجالات:
التدابير المتخذة: (وثيقة 3 ص 159 من الكتاب المدرسي )
تنمية الأساس الاقتصادي للمدن : عن طريق تدعيم التنافسية بين المدن+ دعم الإقتصاد العصري والرفع من تنافسيته+ رد الإعتبار للصناعة التقليدية وللأنشطة غير المهيكلة.
اعتماد التنمية الاجتماعية : بإدماج الفئات الفقير في المجتمع الحضري+ محاربة الأمية ودعم التكوين المهني +تحسين ظروف العيش في مجال السكن والخدمات الاجتماعية+ حل مشكل الإقصاء الإجتماعي.
عمرانيا: محاربة السكن العشوائي + (برنامج وطني للسكن الشعبي) تبسيط المساطر القانونية في المجال العقاري.
اعتماد التخطيط الحضري: عن طريق وضع مدونة للتعمير+بلورة مخطط وطني للمدن الجديدة+ تفعيل التنمية الحضرية باعتماد استراتيجية عقارية.
2. دور التهيئة الريفية و إعداد التراب في معالجة أزمة الريف بالمغرب:
* ما هو دور برامج التهيئة الريفية في تنمية الأرياف وحل أزمتها؟
يقصد بالتهيئة الريفية مختلف التدخلات العمومية الحكومية الجماعات المحلية في الأرياف بهدف تحسين البنيات التحتية الإنتاجية +تطوير الخدمات العمومية بالأرياف وتنويع الأنشطة الاقتصادية بها بالإضافة إلى نشر التعليم +التخفيف من الهجرة القروية ….ومن أهم المشاريع التي طبقها المغرب في هذا المجال :
إنجاز عدة مشاريع كبناء السدود وإصلاح ميثاق الإستثمار الفلاحي ثم إحداث تصاميم التهيئة الريفية وهي (تصاميم التهيئة) وثائق من وثائق التعمير تكمن أهميتها في توجيه التنمية القروية والحضرية. كما تحد من التفاوتات المجالية.
تم إحداث عدة برامج وهي بمثابة مشاريع تهدف إلى تهيئة الأرياف أهمها:
مشروع التنمية الإقتصادية والقروية للريف الغربي “DERRO” والذي يهدف إلى فك العزلة عن الأرياف (جبال الريف) ثم الحد من التعرية بالأرياف،وقد استفادت من هذا المشروع عدة مناطق بجبال الريف.
مشروع حوض سبو 1968 : ويهدف إلى توسيع المساحات المسقية و إدخال الزراعات الكثيفة.
مشروع إنعاش وتنمية أقاليم الشمال إقتصاديا واجتماعيا (1994) ويرمي إلى فك العزلة عن الأرياف والقضاء على التهميش الإجتماعي وعقلنة استغلال الموارد الطبيعية بالأرياف.
استراتيجية 2020 التي تهدف إلى تهيئة المجال الفلاحي وتحسين البنيات التحتية الإقتصادية منها والإجتماعية إضافة إلى توفير الخدمات العمومية بالأرياف وخاصة بالأقاليم والمناطق الأكثر فقرا(الجبال،البور،الواحات).
* ما هو دور سياسة إعداد التراب الوطني في تنمية المجال الريفي ؟
إقتصاديا: العمل على تنمية الفلاحة وتشجيع الإستثمارات فيها وفي باقي الأنشطة الإقتصادية بالأرياف+تأطير الفلاحين + إعطاء الأولوية للأرياف الأكثر تضررا (المناطق الهشة+المناطق البورية+..)
إجتماعيا: إحداث التجهيزات والمرافق العمومية+ توفير الشغل + تحسين مستوى عيش السكان ..
خلاصــة : تتكامل أزمة الأرياف و أزمة الحواضر بالمغرب بحكم أن أهم أسباب تضخم المدن الهجرة الريفية الناتجة عن تردي أوضاع البوادي وبطء تدخل الدولة في الأرياف ، وعليه تبقى معالجة أزمة المدينة بالمغرب لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق تجهيز الأرياف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *