الطبيعة والنشاط الإنساني: من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها

المحور الثالث: الطبيعة والنشاط الإنساني للجذع المشترك
موضوع: من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها – مقرر في رحاب الفلسفة –
تحليل نص برتراند راسل

التعريف بصاحب النص:
برتراند راسل Bertrand Russell (1872- 1970): عالم رياضيات وفيلسوف بريطاني، ومن أشهر المفكرين والشخصيات العامة في بريطانيا، حتى وفاته في عام 1970 عن ثمانية وتسعين عاماً، بالإضافة إلى إنجازاته في الفلسفة والرياضيات والمنطق، اشتهر على نطاق واسع بفضل كتاباته المتعددة والمتنوعة في السياسة والشؤون العامة، اتسم أسلوبه في الكتابة بالأناقة في استخدام اللغة وبروح الفكاهة، وبالاستخراج الحاذق للمثل النافي والاستثناء، بهدف إضعاف موقف الخصم وإيجاد ثغرات منطقية فيه، وهو من أفضل كتّاب “المقالة” كنوع من أنواع الكتابة، عمل طيلة حياته من أجل السلم ومناهضة الأسلحة النووية وكان نصيرا للعدالة الاجتماعية في معظم كتاباته، وقد ساهم راسل مساهمة كبيرة في تطور المنطق الرياضي الحديث، فقد طور منطق “الإضافة” وحسن لغة الرموز المنطقية، ولقد حاول راسل مع هوايتهد في بداية القرن العشرين، وهما يتبعان فريغه (Frege) أن يستكملا الأساس المنطقي للرياضيات، وقد كتب عدداً كبيراً من الأعمال الفلسفية عن مشكلات العلم الطبيعي، وقد ذهب راسل إلى أن الفلسفة تستمد مشكلاتها من العالم الطبيعي وأن مهمتها هي تقديم تحليل وتفسير مادي لمفاهيم العالم الطبيعي، وأن ماهية الفلسفة هي المنطق والتحليل المنطقي للغة، ويعد راسل بحق أكبر ممثل بارز للوضعية الجديدة المحدثة، وقد طرأ على نظرة راسل في حل المشكلة الرئيسية للفلسفة، تطور من المثالية الموضوعية إلى المثالية الذاتية، فالإنسان في رأيه عليه أن يشتغل بالمعطيات الحسية، إن ما يدركه الإنسان هو “واقعه” ومركبا من “الوقائع”، والوقائع لا تعد فيزيقية أو حسية، إنها محايدة، وعند راسل أن ما يتجسد بشكل تجريبي لا يجب أن يعزى إلى مجال الفيزياء المحضة، بل إلى الفيزياء مضافاً إليها القطاع المقابل من علم النفس، فعلم النفس جزء جوهري لكل علم تربوي وراسل في نظرية المعرفة لا أدري (agnostic): فهو بإنكاره للنظرية المادية للمعرفة أورد فلسفة الشك محلها، وكان راسل في السنوات الأخيرة من حياته مساهماً فعالاً في حركة نزع السلاح العام، وقد خدمت مقالاته وخطبه ضد الحرب والدعوة إلى السلام، قضية التقدم الإنساني.
إشكالية النص:
يثير النص إشكالية علاقة الإنسان بالطبيعة، ويمكن صياغتها كالتالي:
– كيف كانت علاقة الطبيعة بالأيونيين؟
– وكيف أصبحت مع الإنسان في كنف العالم الحديث؟
– كيف تحول الإنسان من عاشق للطبيعة إلى طاغية مسيطر عليها؟
أطروحة النص:
يقدم راسل في نصه أطروحة يجيب فيها عن الإشكال المطروح، فعلاقة الأيونيين بالطبيعة كانت علاقة حب وعشق إن لم نقل قداسة لكونها شكلت معبودتهم الساحرة، إلا أن هذه العلاقة وبعد ظهور العلم الحديث تحولت إلى علاقة سيطرة وهيمنة.
مفاهيم النص:
اعتمد راسل في النص على بنية مفاهيمة غنية ومتنوعة يطغى عليها طابع التقابل وأبرزها: العلم، الطبيعة، باعث الحب، باعث السيطرة، ويمكن صياغة العلاقة بينها كالتالي:
وضع راسل علاقة الإنسان بالطبيعة في مرحلتين، الأولى مع الأيونيين وتمثل علاقة حب وعشق، والثانية مع الإنسان بعد ظهور العلم الحديث تمثل علاقة هيمنة وسيطرة.
حجج النص:
– يعتبر الفلاسفة الأوائل أول محب وعاشق للطبيعة لأنهم كانوا فقط يتأملون في الطبيعة ويسترخون فيها بأبصارهم.
– شعور الفلاسفة اليونانيين بالجمال العظيم مع عشقهم لجمال الطبيعة وسخرهم.
– من قوة وعاطفة وعقل الفلاسفة اليونانيين الكبار ستظهر حركة العلم الحديث كلها.
– هذه الحركة حولت الإنسان من عاشق للطبيعة ومحب لها إلى طاغية جبار مسيطر عليها.
– نمو حركة العلم الحديث نتج عنها انتصار السيطرة.
– بعد انتصار الإنسان على الطبيعة أصبحت هيكلا من الحطام وبالتالي لم تعد ملك للمحبوب بل أصبحت ملكا للمحب.
– تساؤل الرجل العملي عن أهمية الألم الذي قد يشكله مسبقا.
– دعوة راسل إلى تحقيق البهجة والمتعة والسرور من الطبيعة عوض السيطرة عليها.
استنتاج:
يعرض راسل في هذا النص نظرة الفلاسفة اليونانيين للطبيعة، معتبرا أن نظرة الفيلسوف اليوناني للطبيعة كانت نظرة عاشق لها ومحترم لقوانينها، وكانت بمثابة معبودتهم الساحرة وانجذبوا إليها بعقل عاطفي جبار، ومن قوة هذا العقل برزت حركة العلم الحديث كلها التي شكلت منعطفا حاسما من خلاله تحول رجل العلم من عاشق ومحب للطبيعة إلى طاغية جبار مسيطر عليها، ليبقى في الأخير مكمن السعادة مع راسل في تحقيق الإنسان مع الطبيعة.
أسئلة الفهم:
– يميز راسل بين مرحلتين أساسيتين في تصور الإنسان للطبيعة هي: مرحلة اليونان القديمة والمرحلة الحديثة، والتعليل: “لقد كانوا رجالا ذوي عقل عاطفي جبار”، “ومن قوة عاطفتهم العقلية نتجت حركة العلم الحديث كلها”.
– علاقتهما: وجود تطور إيجابي، التعليل: “قد أخذ يغتصب منه مكان القيادة على أساس نجاحه الغير منتظر”.
– بدا راسل في حديثه عن المرحلتين: مطالبا بالتوفيق بين المرحلتين، لأن: غايات الحياة ينبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة.
– فهمت من عبارة “بأن غايات الحياة ينبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة” لأن: الإنسان عندما يصبح منسجما مع الطبيعة لا مسيطرا عليها فإنها تمنحه البهجة والسرور والمتعة.
الإطار المفاهيمي:
الطبيعة عند اليونان
تأمل الطبيعة.
معرفة الطبيعة.
الإنصات إلى الطبيعة.
احترام ومحبة الطبيعة.
الطبيعة في العلم الحديث
تسخير الطبيعة.
الانسجام مع الطبيعة.
السيطرة على الطبيعة.
استخراج خيرات الطبيعة

– تصور الأيونيون الطبيعة وجودا يتمتع بقيم وحقوق على الإنسان احترامها، التعليل: “وكان الإنسان من أثر حبه لها أن علقت بها أفكارهم.
– خصائص نشاط الإنسان في الطبيعة تتمثل في: استغلال ثروات الطبيعة، التعليل: “أصبحت الطبيعة عبارة عن هيكل من العظام المقعقعة”.
– يكمن البحث عن سعادة الإنسان حسب راسل: في البحث عن الانسجام مع الطبيعة، التعليل: إن غايات الحياة تنبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *