النص القرائي: حوار عجيب للسنة الثالثة إعدادي

النص القرائي: حوار عجيب للسنة الثالثة إعدادي

الراوي(ها هو حاييم الجندي الإسرائيلي يعود إلى بيته في ضاحية تل أفيف ، الأسرة في انتظاره كما هي العادة في كل إجازة أسبوعية ، يستقبله الجميع بفرح غامر لعودته سالما من رام الله ، بلد المظاهرات و قذف الحجارة.
يقبل حاييم أمه و زوجته ، وابنه الصغير موشي ثم يقول لأمه مفاخرا و هو يحتضن موشي الصغير):
حاييم – أتعرفين ماذا فعلت اليوم يا أمي ؟ لقد أطلقت النار على المتظاهرين ، أصبت طفلا في مثل عمر موشي كان يمسك بيد أبيه ويسير في المظاهرة .أعرف أن الطفل قد مات …. وهذا ما يجعلني أشعر بالسعادة .تصورت وأنا أصوّب بندقيتي إلى قلبه أنني أدافع بذلك عن ابني موشي .
موشي – يقفز من حضن أبيه مذعورا : مات ؟!
الأب (مبتسما): نعم ، مات و أرحتك من شره.
موشي: وهل الطفل شرّ يا أبى؟
الجدة – نعم يا عزيزي!
موشي – ولماذا يا جدتي ؟
الجدة – لأنهم معاندون.. ولا ينظفون أنفسهم.
موشي – ألا ينظفون أيديهم ووجوهم بالماء والصابون ؟
حاييم (ضاحكا) ليس المهم أن ينظفوا أجسامهم المهم أن قلوبهم فيها كراهية . فهم يكرهوننا.
موشي – لماذا يكرهوننا يا أبي ؟
حاييم – لأنهم لا يريدون أن ننعم بالراحة ، وأن يعترفوا بنا.
موشي (متعجبا) – وهل كل من يقذف بالحجارة يعتبر شريرا؟
(تدخل الزوجة وهي تحمل كأساً من الشراب لتقدمه لزوجها .المنتصر .وحين تسمع عبارة ابنها الصغير تغرق في الضحك).
الزوجة – كن حذراًيا حاييم وأنت تتكلم مع موشي … إنه يناقش الأمور بطريقة غريبة . تصور أنه ينصب لي محضراً حين أحدثه عنك وعن عملك في الأراضي المحررة . إنه يتعبني ويتعب جدته . فهو يسألنا مثلا : هل أبى يكره الأطفال ؟ ولماذا إذاً يطاردهم بالبندقية والهراوة كما يفعل باقي الجنود الذين رأيتهم على شاشة التلفاز؟؟؟
إذا كان يكرههم ..فهو إذا يكرهني . فأنا طفل مثلهم . إلى غير ذلك من التساؤلات التي لا تنتهي.
(امتقع لون حاييم ، يمسك بيد موشي كمن يريد أن يؤكد له أن كل ما يفعله صحيح):
اسمع يا موشي ……… هل رأيت الأطفال حقاً ، على شاشة التلفاز؟؟‍‍‍‍‍‍
موشي – نعم يا أبي ، رأيتهم ، ورأيت الجنود يطاردونهم ليقذفوهم بالقنابل ، وليطلقوا عليهم الرصاص.
حاييم – وهل شاهدت الأطفال يقذفون الجنود بالحجارة؟
موشي – نعم . ولكن ، كيف يقبل الجنود أن يتشاجروا مع الأطفال؟ أنتم تحملون السلاح وهم لا يحملون شيئا سوى الحجارة الصغيرة . ولماذا تتشاجرون مع أطفال المدارس؟
حاييم :لأنهم لا يريدون أن يعترفوا بنا ، ولا يريدون أن ننعم بالراحة.
موشي :ولماذا تريدونهم أن يعترفوا بذلك؟
حاييم:لتصبح جميع الأراضي التي احتلها جيشنا أرض إسرائيل.
موشي :أليست هي إذاً أرض إسرائيل ؟
حاييم :إنها فعلا أرض إسرائيل.
موشي :و ما حاجتنا إذاً لاعتراف الأطفال بذلك ؟
حاييم : حتى لا يحاربونا بالحجارة
موشي : هل تخاف من الأطفال يا أبي؟
حاييم :لا ، ولماذا أخاف منهم؟
موشي :إذا كنت لا تخاف منهم ,فلماذا تفكر بهم كثيرا؟
حاييم :من قال لك إنني أفكر بهم؟
موشي :سمعتك تقول لأمي أن أكثر ما يخيفك الأطفال الفلسطينيون.
حاييم(منزعجا):متى سمعت ذلك؟
موشي :في إجازتك الماضية . أي قبل أن تقتل الطفل الذي حدثتنا عنه اليوم.
الأب(ممتعضا): هذا الطفل يترصد أقوالي!
موشي : أبي . هل أقول لك شيئا قد يغضبك؟
حاييم: ما هو؟
موشي :أنت قاس يا أبي .لأنك تقتل الأطفال الصغار.لماذا لا تتركهم يلعبون و يضحكون؟!!
حاييم( صارخاً ):راحيل !!! هل هذا الولد ابني ؟!
راحيل (باسمة) إنك لم تسمع شيئا يا حاييم .ألم أقل لك إنه يتعبني ويتعب جدته بتساؤلاته التي لا تنتهي؟!
حاييم (مفكرا):كان الأجدر بي أن أصوّب رصاص بندقيتي إلى رأس ابني موشي بدلا من قلب علي ، لأكون بذلك جديراً بلقب الجندي البطل.

زينب حبش ، هذا العالم المجنون (تمثيليات) ، دار الكاتب ، القدس 1995 ، ص.ص :25 – 30 (بتصرف)

* صاحبة النص:

زينب حبش كاتبة فلسطينية من مواليد بيت دجن / يافا بفلسطين سنة   1942.من مؤلفاته: قالت لي الزنبقة – لماذا يعشق الأولاد البرقوق…

* الصورة: تجسد مظهرا من مظاهر التعذيب و التنكيل التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل..

* العنوان: حوار عجيب

+ تركيبيا: مركب وصفي يتكون من موصوف (حوار) و صفة (عجيب).

+ دلاليا: يدل الموصوف (حوار) على نوعية النص ، بينما تدل الصفة (عجيب) على طبيعة الحوار الذي يتسم بالغرائبية والعجائبية ، و هذه السمة تشكل حافز تشويق للمتلقي لقراءة النص واكتشاف السر في هذه العجائبية.

* بداية النص و نهايته:

+ اليداية: تتضمن مؤشرات تدل على نوعية النص ((المكان – الزمان – الشخصيات – الراوي – الحوار…)) .

+ النهاية: تتضمن حوارا داخليا يثير الاستغراب والتعجب ، فالأب يفكر في قتل ابنه و كأنه ذلك الحوار الموسوم بالغرائبية كما جاء في العنوان.

* نوعية النص: نص حواري ،و بالعودة إلى مؤشر بداية النص و نهايته نستشف أن النص مسرحية..

فرضية القراءة

بناء على مؤشرات العنوان و بداية النص و نهايته،نفترض أن موضوعه يتناول وحشية الصهاينة في البطش بالأطفال الفلسطينية من جهة،و حضور الضمير الإنساني في شخص موشي.

* اقتراح فرضية أو فرضيات القراءة .

ثانيا: القراءة التوجيهية

النص القرائي : حوار عجيب. ص 55

شرح المستغلقات:

– فرح غامر : فرح كبير
– مذعورا : خائفا ، فزعا
– امتقع : تغير لونه وصار شاحبا
– ممتعضا : متذمرا ومنزعجا

الفكرة العامة:  وحشية الصهيوني “حاييم” ضد الأطفال الفلسطينيين واستنكار ابنه “موشي” لذلك.

 

ثالثا: القراءة التحليلية

المستوى الدالي

حقل الوحشية و القسوة و حقل الاستنكار و التعاطف

حقل الوحشية و القسوة  حقل الاستنكار و التعاطف
لقد أطلقت النار على المتظاهرين- أصبت طفلا في مثل عمر  موشي –أعرف أن الطفل قد مات –هذا ما يجعلني  أشعر بالسعادة – أصوب بندقيتي  إلى قلبه – مات و أرحتك من شره – رأيت الجنود يطاردونهم ليقذفوهم بالقنابل و  ليطلقوا عليهم  الرصاص – تقتل الأطفال الصغار- كان الأجدر بي أن أصوب رصاص بندقيتي  إلى رأس ابني بدلا من قلب علي… إذا كان يكرههم فهو إذا يكرهني – أنا طفل مثلهم –هم لا يحملون سوى الحجارة  الصغيرة – هل تخاف ممن الأطفال يا أبي؟ – أنت قاس يا أبي – لمذا لا تتركهم يلعبون و يضحكون؟ …

– دلالة المعجم : معجم حقل  الوحشية و القسوة  مرتبط بحاييم و أسرته أما حقل الاستنكار و التعاطف مرتبط بالابن موشي.

المستوى الدلالي

1 – أحداث المسرحية:

+ وضعية البداية: عودة حاييم من رام الله بعد أن قضى هناك أسبوعا في محاربة الفلسطينيين ،و سعادة الأسرة بذلك.

+ الحدث الرئيسي: تباهي حاييم و افتخاره بقتل طفل فلسطيني.

+ العقدة: إصرار موشي على معرفة حقيقة ما يفعله والده بالأطفال الفلسطينيين.

+ الحل: محاولة الأسرة تبرير قتل الأطفال الفلسطينيين لإقناع موشي لكن دون جدوى.

+ وضعية النهاية: تفكير الأب حاييم في قتل ابنه موشي بعد عجز الكل عن إقناعه

2 – شخصيات المسرحية:

الجندي حاييم وأسرته(الزوجة و الجدة) الابن موشي الطفل علي
يمثلون الشخصية الإسرائيلية المحتلة لأرض فلسطين والعاجزة عن تبرير اعتدائها وكراهيتها للفلسطينيين يمثل الضمير الإنساني الحي الباحث عن سر قتل الأطفال والمستنكر لذلك يمثل القضية الفلسطينية و الإنسان الفلسطيني الذي يصر على التضحية بنفسه من أجل وطنه

3 – الفضاء الزماني و المكاني:

+ المكان: 

العام: أرض فلسطين المحتلة

-الخاص: رام الله – تل أبيب

+ الزمان:

– العام: زمن الاحتلال

– الخاص: الإجازة الأسبوعية
4 – أساليب النص المسرحي:

– الاستفهام : يعبر عن العديد من التساؤلات التي يثيرها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين (مات؟ – هل الطفل شر يا أبي؟…)
– الوصف : يصور الإنفعالات و الحالات الشخصية ويقرب ملامح الشخصيات من المتلقي.
– الحوار : يبرز تنوع الآراء واختلافها .

المستوى التداولي

– مقصدية النص: تسعى الكاتبة إلى إبراز معاناة الشعب الفلسطيني و خاصة الأطفال ،و دور الضمائر الإنسانية الحية في التعاطف مع الفلسطينين و مساندتهم في محنتهم  .

– قيم النص: يتضمن النص قيمة إنسانية تتمثل في تعاطف الابن موشي مع الطفل الفلسطيني و استنكاره لتصرف أبيه .

رابعا: تركيب النص

تصور الكاتبة معاناة الشعب الفلسطيني الناجمة عن الانتهاكات الجسيمة التي يقترفها الصهاينة في حقه من خلال قتل الأطفال الأبرياء ، كما تقدم مثالا للكفاح و النضال الفلسطيني ضد الاحتلال من خلال المظاهرات التي كلف الجندي حاييم بالتصدي لها. هذا الجندي الصهيوني الذي يسعد لقتل الأطفال الفلسطينيين، والذي وقف عاجزا أمام تساؤلات ابنه موشي عن حقيقة ما يفعل و دوافع ذلك،هذا الأمر الذي أقلق حاييم بل و دفعه إلى التفكير في قتله .

 

الاستاذ عبد الفتاح الرقاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *