تحليل النصوص: النص الحواري “إخلاص متبادل ! ” لتوفيق الحكيم

تحليل النصوص: النص الحواري “إخلاص متبادل ! ” لتوفيق الحكيم

الجذع المشترك للعلوم والتكنولوجيا

* التمهيد : الحوار طريقة من طرائق التعبير المختلفة في موضوع معين بين شخصين أو أكثر ، و تقتضي هذه الطريقة تعاقب المتحاورين على الكلام لتحقيق الهدف المتوخى.و يعتبر الحوار مثل السرد و الوصف أداة من أدوات الحكي يتخلل أنواع النصوص المختلفة من قصة و رواية و مسرحية ، بيد أنه يعتبر وسيلة أساسية في المسرح و خاصية مميزة له. فإلى أي حد يعكس النص قيد الدرس نمط الحوار ؟ و ما مدى تمثله لخصائص و مقومات الكتابة المسرحية ؟

– أولا : ملاحظة النص :

1- نوعية النص : بملاحظتنا للشكل الهندسي للنص و القائم على تواتر و تتابع أسماء الأطراف المتحاورة و تناوبها على الحوار أمكننا القول بأن النص نص مسرحي يعتمد على الحوار كأداة أساسية.

2- افتراض موضوع النص من خلال الجمل : الأولى و الثانية و الأخيرة : بقراءتنا للجملتين 1 و 2 و الجملة الأخيرة من هذا الحوار أمكننا القول افتراضا أن مضمون النص يتمحور حول رغبة الزوج في التأمين على حياته لفائدة زوجته بعد مماته ، لكن ظهور الفتاة أفشل العلاقة الزوجية من أساسها.و بناءا عليه فإن المسرحية مرآة عاكسة للوضع الاجتماعي المتردي للحياة الزوجية الهشة.فإلى أي حد يعكس النص ذلك ؟

– ثانيا : فهم النص :

1- مضمون الوثيقة التي وقعها الزوج أمام مندوب التأمين : الرغبة في التأمين على حياته لفائدة زوجته بع مماته قبلها مقابل ألفي جنيه.

2- تحديد شرط الزوج على المندوب : اشترط أن لا تعلم زوجته بوجود العقد بدعوى عدم قدرتها على تحمل الخبر.

3- سبب الجدال المثار بين الزوج و المندوب : يرجع إلى عدم حصول الزوج على المبلغ المؤمن في العقد إذا توفيت زوجته قبله فضلا عن عدم تقبله فكرة موت الزوجة.

4- الشخصيتان الجديدتان اللتان دخلتا ساحة الأحداث : * الزوجة و * سهام ابنة الجيران و المريضة نفسيا و التي تحمل مسدسا.

5- المبرر الذي احتجت به الزوجة لإنقاذ نفسها من الموت : احتجت الزوجة بكذبة مفادها أنها حامل .

6- تبيان طبيعة العلاقة بين الزوجين و حقيقة مشاعرها : هي علاقة مزيفة تنبني على الخداع و الكذب و الاحتيال و تلفيق التهم. و يبدو أن هذه الاتهامات حقيقية من جهة و هي مبررات للنجاة من الموت المفروض عليهما من قبل الفتاة من جهة أخرى.

7- مظاهر انفراج الأزمة : انفرجت الأزمة بإطلاق النار الذي كان من تدبير الطبيب النفسي لإخماد حالة الفتاة العصبية و النفسية.

8- تحديد نهاية الحوار : انتهى الحوار بعبارة دالة من كلام الزوج ” لقد قتلت حياتنا الزوجية ” و هذه العبارة تنم عن ضعف الحياة الزوجية بين الزوجين بافتعالهما لمشاعر كاذبة و اصطناعهما لإخلاص لا أساس له من الصحة.

– ثالثا : تحليل النص : 

1- المعجم  :

                  حقل الإخلاص حقل  الخوف و الصراع
السعد – مبروك – الاخلاص ….. بخوف – مسدسا – تكذب – يحتال – الرصاصة – يزعجها – يؤرقها…

* نلاحظ هيمنة حقل الخوف و الصراع الذي يحيلنا على حقيقة مشاعر الزوجين الموصوفة بالسلب و انعدام الإخلاص.

 2- أدوار الشخصيات الرئيسية :

تكتمل أدوار الشخصيات في الحوار المسرحي عن طريق التدرج ، و هذا ما نلاحظه في دوري ” الزوج و الزوجة ” اللذين كشفا عن صورتهما الحقيقية في نهاية أحداث المسرحية ( أي اكتمال شخصيتيهما ) .

3- العبارات الدالة على أن مندوب التأمين مدرك للحقيقة : 

” إخلاص متبادل ! – اطمئن ! – إذا توفيت أرملتك قبلك ، أقصد زوجتك – لن أدخل هذا البيت قبل أن أؤمن على حياتي لمصلحة الأولاد!…”

*الملاحظ أن الإطار التنغيمي لهذه العبارات يحتوي على التعجب و السخرية .

4-  الإشارات المسرحية :

الإشارات المسرحية هي الجمل الواردة بين قوسين و التي يكتبها الكاتب لمساعدة المخرج على إخراج مسرحيته. و يمكن تقسيم هذه الإشارات إلى :

*إشارات إلى الممثل : ” و هو يلقي على العقد نظرة أخيرة..- و هو يتناول منه القلم – فزعا – مأخوذة …”

*إشارات إلى المخرج – *إشارات إلى الديكور – *إشارات إلى الجمهور…

 5- علامات الترقيم :

تكتسي أهمية خاصة في الحوار المسرحي ، و من جملة ذلك احتواء النص على : علامة التعجب – علامة استفهام – نقطتا تفسير – فاصلة – نقطة … و الهدف من ذلك هو تنظيم حوارات الشخصيات و ترتيب أدوارها .

  6- العبارات و الألفاظ المكررة و دلالتها في النص :

الوفاة – إمضاء – خبر هذا التأمين – إنها تكذب – الرصاصة – قتلت …و الهدف من هذا التكرار هو تأكيد محتوى الخطاب الحواري.

 7- البنية الأسلوبية في النص :

يزاوج النص بين الأساليب الخبرية مثل : ” إذا مت فإن زوجتي تقبض..ألفي جنيه – لن يبلغها شيء من جهتنا… ” و الأساليب الإنشائية مثل : ” أيها المندوب ؟! – لا يا سهام ….” و الغاية من ذلك هو  الإخبار بحقيقة الزوجين و تجسيد حالتهما النفسية و مواقفهما الذهنية.

8- أسلوب السخرية :

غايته كشف طبيعة العلاقة الزوجية المتأسسة على مفهوم سلبي للإخلاص .

9- الفائدة الأخلاقية :

يراهن ” توفيق الحكيم ” في مسرحيته هاته على أن الإخلاص الحقيقي قيمة أخلاقية ضرورية لقيام حياة زوجية أفضل مؤداها التضحية المتبادلة من الطرفين : الزوج و الزوجة .

– رابعا : تركيب و تقويم :

1- موقف الكاتب من بعض السلوكات الغريبة : يعتبر سلوك الفتاة سلوكا غريبا استثمره الكاتب للكشف عن الصراع الدرامي بين الشخصيات ، و بالتالي توضيح رؤيته إلى الواقع الاجتماعي.

2- المسرح حلبة للصراع بين الشخصيات :

أ‌- مواضع الصراع الدرامي : صراع الزوج مع المندوب + صراع الزوج مع الزوجة + صراع الفتاة مع الزوجين .

ب‌- السبب في هذه الصراعات : هو الرغبة في تطوير الحوار و تنامي الأحداث بقصدية الوصول إلى الحل .

3- المسرح محاكاة للمجتمع : ينعكس ذلك من خلال رصد الكاتب لقضية اجتماعية حساسة و هي طبيعة العلاقة الزوجية و البعد الإصلاحي الذي يطرحه بهذا الصدد.

4- الحوار في المسرح يعوض السرد : من خلال كلام الشخصيات المحمل بالأحداث و الحركات و الوصف و الزمان و المكان…

5- الواقع محك أساس لاختبار العواطف : و لعل هذا ما كشفت عنه شخصية الفتاة التي استطاعت بفعلتها تغيير صورة مشاعر الزوجين إزاء بعضهما البعض .

6- يمكن تجاوز العواطف الزائفة بين الزوجين بارتياد سبيل الوضوح و الصراحة منذ البداية ، علاوة عل الالتزام بالإخلاص الحقيقي المبني على أساس التضحية و الحب الصافي و التآزر و التعاون وقت الأزمات…

الأستاذ عزيز ساشا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *