الدرس اللغوي: الاقتراض للثانية باك مسالك العلوم والتكنولوجيات

الدرس اللغوي: الاقتراض
الثانية باكلوريا مسالك العلوم والتكنولوجيات

تمثيل الظاهرة
– تَأمَّل رَبَّ الخورنق اذا أشر رَفُ يوماً للهدى تفكيـــــــر
سَرَّه ماله وكثرة مايمـــــ لِكُ والبحر مُعرِضاً والسَّديرُ
– رأيت برنامجا متلفزا يعرض للفردوس المفقود
– قال تعالى: ” متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنا الجنتين دان”
– ينفتح خطاب السينما على مجالات السوسيولوجيا والإيديولوجيا والإثنوغرافيا والأركيولوجيا وغيرها من المجالات ذات الصلة بالحضارة.
تحليل الظاهرة
من الظواهر اللُّغوية التي حظيت باهتمام اللغويين العرب: ظاهرة الاقتراض اللغوي، وتعني: العملية التي تأخذ فيها لغة ما بعض المواد المعجمية من لغة أخرى . والمقصود بـالاقتراض في اللغة العربية المفردات المُعرّبة والدخيلة التي أضيفت إلى القاموس اللغوي العربي من لغات أجنبية، حيث المُعرّب فيها خاضع للقوانين الصوتية العربية؛ مما يسهّل النطق به وييسر انتشاره (الخورنق ، السدير ، وبرنامج ، متلفز ، استبرق )، وحيث الدخيل فيها مستعمل بلفظه الأجنبي دون خضوع للقوانين الصوتية العربية (السينما ، الإيديولوجيا ، الإثنوغرافيا …) .
وطريقة العرب في نقل الألفاظ الأجنبية أو التعريب تقوم على أمرين :
أ – تغيير حروف اللفظ الدخيل، وذلك بنقص بعض الحروف أو زيادتها مثل : برنامه = برنامج ، بنفشه = بنفسج،
أو إبدال حرف عربي بالحرف الأعجمي مثل: بالوده = فالوذج ، برادايس = فردوس
ب – تغيير الوزن والبناء حتى يوافق أوزان العربية ويناسب أبنيتها فيزيدون في حروفه أو ينقصون ، ويغيرون مدوده وحركاته، ويراعون بذلك سنن العربية الصوتية كمنع الابتداء بساكن، ومنع الوقوف على متحرك ، ومنع توالي ساكنين .
ومن العلامات تعرف بها الكلمات الدخيلة : أن تكون مخالفة للأوزان العربية : جبريل ، خراسان. أن تكون فاؤها نوناً وعينها راء، نرجس، نرد. أن تكون منتهية بدال فسين، مهندس. أن تكون مشتملة على الجيم والصاد، جص، صنج. أن تكون مشتملة على الجيم والقاف، المنجنيق والجوقة. أن تكون رباعية أو خماسية مجردة من حروف الذلاقة وهي : مر بنفل .مثل ( جوسق ) – القصر الصغير .
والقرآن الكريم حوى علوم الأولين والآخرين ؛ فلابد من وقوع الإشارة فيه إلى أنواع اللغات والألسن ليتم إحاطته بكل شيء؛ فاختير له من كل لغة أعذبها وأخفها وأكثرها استعمالا ، وإن كان أصله بلغة العرب . والألفاظ المعرَّبة لا تقل في فصاحتها وبلاغتها عن الألفاظ العربية أصالة ، فكلمة ( إستبرق ) معناها : ماغلظ من الحرير،و لو اجتمع فصحاء العالم وأرادوا أن يأتوا بلفظة تقوم مقامها في الفصاحة لعجزوا.
وقد حدث الاقتراض اللغوي عن طريق الاحتكاك بالشعوب الأخرى لُغويا وسياسيا وماديّا ، الأمر الذي أدّى إلى دخول كثير من المفردات الأجنبية في اللغة العربية – خاصة الفارسية والسريانية والتركية، وذلك عن طريق الجوار والمخالطة؛ لأنّ العرب كانوا قبائل عديدة متفرقة، يخالطون جميع الأقوام المجاورين لهم، فتغْلب كانوا مجاورين لليونان، وبَكْر للقبْط والفُرس، وعبد القيس وأزْد عُمَان كانوا مخالطين للهند والفُرس، وأهل اليمن كانوا مختلطين مع الهند والحبشة، وثقيف وأهل الطائف كانوا مخالطين لتجّار اليمن المقيمين عندهم. وكان من نتائج ذلك الجوار وتلك المخالطة أن حلّت العربية محل الآرامية والفارسية في العراق، ومحل السريانية واليونانية في الشام، كما حلّت محل القبطية في مصر، ومحل البربريّة في معظم نواحي المغرب. ولا يعني ذلك: أن اللغة العربية هي صاحبة الاستقلال بالاقتراض اللغوي؛ إذ من المعلوم أنّ اقتراض المفردات يُعتبر حركة طبيعية لأية لغة يُراد لها أن تتطور وتنمو
فقد أقرضت اللغة العربية غيرها من اللغات أشياء كثيرة، واقترضت من غيرها أشياء كثيرة كذلك، وهذه أهمّ ملامح اللغات الحيّة الفاعلة، وعلى الرغم من كون الاقتراض اللغوي ظاهرة لغوية عالميّة لا تكاد تستغني عنها لغة أي أمة
إلا إنّ ثمّة مخاطر تنجم عن هذه الظاهرة في اللغة العربية،منها: ضياع القيمة التعبيريّة للجذر العربي، وتغيير البنية الصوتية العربية بإدخال أصوات غريبة عنها، وإرباك المعجميّة العربيّة، وغموض معنى المقتَرض في معاجمنا، وصعوبة ضبط اللفظ المعَرّب، وخرق القواعد الصرفية العربية، وتضييع خصائص اللغة العربية؛ ولكن يبقى للاقتراض اللغوي بشقّيه: المعرَّب والدخيل أثره الفاعل قديما وحديثا، ودوره الإيجابي في مسايرة الحياة والحضارة؛ حيث ظهرت مستحدثات لم يكن للعرب ولا للغتهم عهد بها من قبل، في ميادين الاقتصاد والصناعة والزراعة والتجارة والعلوم والفلسفة والدين والأدب والسياسة.
تركيب مفاهيمي
الاقتراض اللغوي استعارة لفظة من لغة أجنبية للتعبير عن معان جديدة ، وهو نوعان:
– الدخيل: وهو ما يحتفظ ببنيته الصوتية في لغته الأصلية .
– المعرّب: وهو الذي يجري تطويعه وإخضاعه للأوزان الصرفية العربية.

ذ محمد الدواس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *