الدرس اللغوي:خروج الخبر عن مقتضى الظاهر للجذع المشترك

الدرس اللغوي: خروج الخبر عن مقتضى الظاهر للجذع المشترك

تمثيل الظاهرة
أ) 1- درجات الحرارة هذا اليوم فوق المعدل الطبيعي
2- قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إنَّ الله لا يقدِّس أمةً لا يأخذُ الضعيف فيها حقَّه”
3- قال تعالى: ” أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”
ب) 1- قال تعالى: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الّذِينَ ظَلَمُوَاْ إِنّهُمْ مّغْرَقُونَ)
2- قال تعالى: (ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ)
3- قال تعالى: (قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ)
تحليل الأمثلة
أ) من درسٍ سابقٍ تعرفنا إلى أنه لا بُدَّ للمتكلم مراعاة الحال التي يكون عليها المخاطَب، فإذا أرادَ متكلمٌ أن يلقيَ خبرًا عليه أن يتوخَّى في خبره ما يناسبُ الحال التي يكون عليها المخاطَب، ليتحققَ له ما يهدف إليه من خَبِره على أتمِّ وجه، وهذا ما يدفعنا لتحديد أمرين :
الأول: الحال التي يكون عليها المخاطَب.
الثاني: الطريقة التي يلقى بها الخبر بما يناسب تلك الحال.
وهذان الأمران يجب أن يكونا محور اهتمامنا إن هممنا بإلقاء خبر ما من الأخبار إلى مَنْ نخاطب.
فمثلا إذا عرفنا أن مَن نخاطبه (خالي الذهن) بمعنى أن يكون مهيئا لتصديق الخبر لكونه ليس لديه علم مُسبق به، فعلينا أن نلقي له الخبردون حاجة إلى توكيده. كما في المثال الأول من المجموعة الأولى، إذ نلحظ أن الخبر لم يَرِد فيه أيًا من المؤكدات، لأنه يقدر أن المخاطب خالي الذهن من الخبر، وليس هناك ما يدفعه لإنكاره، أو حتى التردد في تصديقه. وهذا الضرب يسمَّى ابتدائيًا.
لكن إذا عرفنا أن المخاطَب متردد في تصديق الخبر، يتحتم علينا إزالة تردده بأن نُلقي عليه الخبر مؤكدًا بمؤكد واحد، انظر إلى النبي يخبرنا بذهاب القدسية والمهابة عن أمة يضيع فيها حق الضعيف، مزيلا عن المخاطبين أي تردد قد يعتريهم في قبول الخبر بتأكيده بمؤكد واحد هو (إنَّ) ويسمَّى هذا الضرب من الخبر طلبيًا.
ولكن لو عرفنا أنَّ من نخاطبه منكرللخبر، فمن البَديهيّ أن نؤكد الخبر بمؤكدين أو أكثر ، ألا ترى أن الله تعالى يصف من هُمْ في صف الإيمان والهدى بالفلاح، ويؤكد ذلك بمؤكدين هما (حرف التنبيه ألا و إنَّ) ليزيل الإنكار من نفوس المنكرين، ويسمى هذا الضرب من الخبر إنكاريًا
ب) قد يجري الخبر على خلاف ما يقتضيه الظاهر ليطابق مقتضى الحال ” حتى يكون الكلام بليغا.
– الحالة الاولى : قد ينزل خالى الذهن منزلة المتردد لوجود بعض القرائن جعلته يبدو متشككا ومترددا فيتطلب مؤكدا ليزيل ذلك الطارئ عنده فيقال إن الكلام خرج على خلاف مقتضى الظاهر ليطابق مقتضى الحال .
فنوح عليه السلام في الأصل خالي الذهن، ولكن لما شرع في صنع السفينة بدأ يتساءل ما الذي سيحدث لقومه فانتقل حاله من كونه خالي الذهن إلى كونه مترددا فسيق الخبر في حقه (إِنّهُمْ مّغْرَقُونَ).
– الحالة الثانية : أن يجعل غير المنكر كالمنكر للخبر فيؤكد الخبر لإزالة الإنكار الطارئ الذي ظهرت علاماته وأماراته. فلا أحد ينكر الموت ,ولكن لما ظهر عليهم من أحوال اشتغالهم بالدنيا وافتتانهم بها ,فكانت حالتهم كحال من ينكر الموت فسيق لهم الخبر كأنهم منكرون وأكدت الجملة ب “إن” و “اللام” و الجملة الاسمية.
ومثله أن تقول لمن يسيء الأدب لوالديه “إنهم لوالداك” فهو يعرف ولكن لما رأيت عليه أمارات العقوق سقت الخبر مؤكدا فحالته كمن ينكر أنهما والداه.
– الحالة الثالثة : عكس الحالة السابقة وهي أن يجعل المنكر كغير المنكر إن كان لديه دلائل لو تأمله لإرتدع عن إنكاره. فسورة الإخلاص بالكامل بدون مؤكدات لأن وحدانية الله تعالى أقر بها الكون بكامله فهي أمر واضح وجلي ,لذلك يعتبر إنكار كفار قريش لوحدانية الله تعالى ليس بشيء ولا يُعتد به .ومثله قوله تعالى: (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ قُلُوبُهُم مّنكِرَةٌ وَهُم مّسْتَكْبِرُونَ) إذ المخاطب في الآية كفار قريش فجاءت الآية بدون مؤكدات فنزل الكفار بمنزلة من لا ينكر لعدم الاعتداد بإنكارهم .
تركيب مفاهيمي:
أ) المخاطب بالنسبه لحكم الخبر أي مضمونه له ثلاث حالات وهي :
1- أن يكون المخاطب (خالي الذهن) وفي هذه الحال يلقى إليه الخبر خالياً من أدوات التوكيد ويسمى الضرب من الخبر إبتدائياً.
2- أن يكون المخاطب (متردداً) في الحكم شاكاً فيه ويبغي الوصول إلى اليقين في معرفته وفي هذا الحال يحسن توكيده له ليتمكن من نفسه ويحل فيها اليقين محل الشك ،ويسمى هذا الضرب من الخبر طلبياً.
3- أن يكون المخاطب (منكراً) لحكم الخبر وفي هذا الحال يجب أن يؤكد له الخبر بمؤكد أو أكثر على حسب درجة إنكاره من جهة القوة والضغف .ويسمى هذا الضرب من الخبر (إنكارياَ .
المؤكدات كثيرة منها:
إنَّ وأنَّ ولام البتداء ونونا التوكيد والقسم و (قد) التي للتحقيق وأحرف التنبيه وأحرف الزيادة وأمذَا الشرطية
ب) وقد يجري الخبر على خلاف ما يقتضيه الظاهر لاعتبارات يلحظها المتكلم ومن ذلك ما يأتي :-
1- أن ينزل خالي الذهن منزلة السائل المتردد إذا تقدم في الكلام ما يشير إلى حكم الخبر.
2- أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات الإنكار عليه.
3- أن يجعل المنكر كغير المنكر إن كان لديه دلائل وشواهد لو تأملها لأرتدع عن إنكاره.

ذ محمد الدواس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *