الدرس اللغوي: أغراض الخبر

الدرس اللغوي: أغراض الخبر

الجذع المشترك للآداب والعلوم الإنسانية

تمثيل الظاهرة
المجموعة الأولى
1- كان معاوية ( رضي الله عنه) حَسَنَ السياسة و التدبير , يحْلُمٌ في مواضع الحلم , ويشتد في مواضع الشدة
2- لقد أدَّبتني باللين والرِّفق لا بالقسوة والعقاب

المجموعة الثانية
1- إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سنعي إلى ترجمان
2- قال المازني
إذا ما المَوتُ رَنَّقَ في جُفونـي….وبات بِكَـفِّه يـومًا زِمامي
فما يغني خيالٌ من حبيبٍ…. يَزورُك بالتَّحيَّة والسَّلام
3- قوله صلى الله عليه وسلم:
المسلمُ مَنْ سلمَ الناسُ من لسانه ويده
4- قال أبو فراس:
ونحنُ أُناسٌ لا تَوسُّطَ بيننا … لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
5- قال شوقي مادحا:
أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقام له وأنتَ أحييتَ أجيالا من الرِّمم
6- قال تعالى على لسان يونس عليه السلام: ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”
7- قال الفرزدق:
لقد ولدت أم الفرزدق فاسقا وأتت بوزواز قصير القوائم
8- لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
9- أبي جاء، جاء أبي

تحليل الأمثلة
ما من مُتكلم يُلقي إلى السامع خبرًا جزافًا، فلا بدَّ أن يكون له غرضٌ من إلقاء هذا الخبر. لو نظرنا إلى معلم كيف يسرد لتلامذته أمثلة ما، ليس لهم بها عِلمٌ من قَبْل، فيفسرها، فهو يفيد المخاطبين بأشياءَ لم يكونوا على عِلم بها، وهذا النوع من الأخبار يكون الغرض من إلقائه هو (فائدة الخبر) وكذلك الأمر في قولهم: كان معاوية حسن السياسة… وقولهم : تٌوفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ثلاثٍ وعشرين من الهجرة. فالغرض إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنه الكلام
لكن ماذا لو قال ابن لأبيه
لقد أدَّبتني باللين والرِّفق لا بالقسوة والعقاب
من المؤكد أن الغرض من إلقاء الخبر هنا قد تغير ولم يعد (فائدة الخبر) كما تقدم؛ لأن الأب حتمًا أعلم الناس بالكيفية التي ربَّى بها ابنه، والخبر هنا لم يُضِفْ إلى معرفته جديدًا، والسؤال الذي يبرزُ هنا هو: ما الغرض إذن من إلقاء الخبر في عبارة الابن؟
إن غرض الابن أن يُعْلم أباه أنه (الابن) عالم بما يتضمنه الكلام، وهنا يكون الغرض من إلقاء الخبر هو (لازم الفائدة) ويعني إفادة المخاطَب أن المتكلم عالم بالحُكْم الذي تتضمنه الجملة. نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (لازم الفائدة) إذا قَصَدَ المتكلم أن يُظهر للمخاطب أنه يعرف المعلومات التي تضمنتها الجملة الخبريَّة .
إن الغرضين اللذين ذكرناهما من أغراض إلقاء الخبر هما الغرضان الرئيسان، لكنَّ هناك أغراضًا أُخَر من إلقاء الخبر يمكننا أن نتعرفهما بتدبر سياقات الكلام الآتي:
دعونا ننظر الآن في قول الشاعر:
إن الثمانين، وبلّغتها، قد أحوجت سنعي إلى ترجمان
فالغرض إظهار الضعف و العجز وليس إفادة المخاطب علما أو مشاركة في علم، ولننظر إلى قول المازني
إذا ما المَوتُ رَنَّقَ في جُفوني وبات بِكَـفِّه يـومًا زِمامي
فما يغني خيالٌ من حبيبٍ يَزورُك بالتَّحيَّة والسَّلام
فهو لم يرد من الخبر (فائدة الخبر) ولم يرد كذلك (لزوم الفائدة) إنَّما أراد إظهار تحسره على عدم فائدة زيارة الحبيب إذا حلَّ به الموت، وكذلك الأمر في قول أبو العتاهية يَرثي ولده عليَّا:
بكيتك يا علي بدمع عيني فما أغنى البكاءُ عليك شيا
وكانت في حياتك لي عظات وأنت اليوم أوعظ منك حيا
الغرض إظهار الحزن و التحسر على فقد ولده
ثم ننظر في قوله صلى الله عليه: ” المسلمُ مَنْ سلمَ الناسُ من لسانه ويده ”
فإنه لا يخفى أنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما أراد أن يعظنا بالكفِّ عن إيذاء الآخرين قولا وفعلا، ويرشدنا إلى الحسن من القول والعمل، فهو النصح والإرشاد إذن
ولعلنا ندرك أن الغرض من إلقاء الخبر هو الفخر في قول أبي فراس الحمداني
ونحنُ أُناسٌ لا تَوسُّطَ بيننا لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
وفي قوله:
ومَكَارمي عددُ النجوم ومنزلي مأوى الكِرام و منزل الأضياف
فإن أبا فراس إنما يريد أن يفاخر بمكارمه و شمائله، وقول أبي العلاء المعري في الافتخار بالعقل و اللسان
ولي منطقٌ لم يرض لي كنه منزلي على أنني بين السّماكين نازل
وندرك أيضا أن غرض الخبر هو المدح في قول شوقي مخاطبا الرسولصلى الله عليه وسلم
أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقام له وأنتَ أحييتَ أجيالا من الرِّمم
وقول النابغة يمدح النعمان بن المنذر:
فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
ويظهر الاستعطاف والاسترحام جليِّا في قوله تعالى على لسان يونس عليه السلام، وهو في بطن الحوت يناجي ربه: ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” ، وقول إبراهيم بن المهدي يخاطب المأمون
أتيت جرماً شنيعاً وأنت للعفو أهل
فإن عفوت فمنّ وإنْ قتلت فعدلُ
والتحقير واضح في قول الفرزدق: لقد ولدت أم الفرزدق فاسقا ، والتوبيخ قائم في المثال الثامن ، وإظهار السور جلي في قول من كرر: جاء أبي
نتبين مما سبق: أن الخبر قد يخرج إلى أغراض كثيرة منها: إظهار الضعف، والتَّحسر، والنصح والإرشاد، والفخر، والمدح، والاستعطاف والاسترحام، والتحقير، والتوبيخ، وإظهار السرور…

تركيب مفاهيمي
الأصل في الخبر أن يلقى لأحد غرضين: –
* إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة , ويسمى ذلك الحكم فائدة الخبر
إفادة المخاطب أن التكلم عالم بالحكم ، ويسمى ذلك لازمَ الفائدة *
– قد يلقى الخبر لأغراضٍ أخرى تفهم من السياق ، منها ما يأتي: إظهار الضعف، والتَّحسر، والنصح والإرشاد، والفخر، والمدح، والاستعطاف والاسترحام، والتحقير، وإظهار السرور…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *