الإستغلال الإمبريالي للمستعمرات و انعكاساته الإقتصادية و الإجتماعية

الإستغلال الإمبريالي للمستعمرات و انعكاساته الإقتصادية و الإجتماعية

دروس الاجتماعيات: الأولى باك آداب وعلوم إنسانية

مقدمة :
خضعت القارة الإفريقية خلال الثلث الأخير من القرن 19م ومطلع القرن 20م،لاجتياح كاسح من قبل الامبريالية الأوربية التي عملت على استغلالها طبيعيا وبشريا، مما خلف انعكاسات اقتصادية و اجتماعية.
– فما هي الوضعية العامة لإفريقيا قبل 1880 ؟ و ما هي الحركات الاستكشافية التي نظمها الأوربيون نحوها ؟
– وما هي الآليات و الأجهزة التي ساهمت في تركيز الاستغلال الامبريالي بعد مؤتمر برلين (1884 – 1885 ) ؟
– و ما هي مظاهر و عوامل و نتائج الاستغلال الاستعماري لإفريقيا و ردود الفعل إزاءها ؟

 I الوضعية العامة بإفريقيا قبل 1880م و الحركات الاستكشافية اتجاهها :

 1- الوضعية العامة بإفريقيا قبل سنة 1880 :

* كانت إفريقيا السوداء مجزأة إلى مجموعة من الممالك المتباينة الحجم و القوة و المعتمدة على النظام القبلي و العشائري .
*عانت إفريقيا السوداء من تجارة الرقيق التي صنفت إلى نوعين هما:
تجارة بحرية : تمثلت في نقل العبيد إلى أمريكا في إطار التجارة المثلثيةcommerce triangulaire أو نقلهم مباشرة إلى البرازيل .
تجارة قارية : حيث يتم نقل العبيد في اتجاه إفريقيا الشمالية و السواحل الشرقية للقارة الإفريقية .
← استنزاف القارة الإفريقية من طاقاتها البشرية الشابة المنتجة.

 2- الحركة الاستكشافية لإفريقيا خلال القرن 19 .

* خلال القرن19 نظم الأوربيون رحلات استكشافية للمناطق الداخلية من القارة إفريقيا . ومن ابرز هذه الرحلات.
– رحلة كايي.   Gaillé: إلى الصحراء الكبرى و إفريقيا الغربية فيما بين 1827م-1828 . ( لصالح فرنسا )
– رحلة برازا Brazza: إلى إفريقيا الوسطى الغربية وحوض الكونغو فيما بين 1875-1878م. ( لصالح فرنسا )
– رحلة ستانلي Stanley: إلى إفريقيا الوسطى الشرقية وحوض الكونغو فيما بين 1874- 1877م. ( لصالح بريطانيا )
– رحلة لفنغستون: Livingstone إلى إفريقيا الجنوبية وبعض المناطق و البحيرات فيما بين 1854-1873. ( لصالح بريطانيا )

* استهدفت هذه الرحلات جمع معلومات حول القارة الإفريقية كخطوة تمهيدية لبسط النفوذ الاستعماري.

 II الأجهزة الاستعمارية بإفريقيا بعد مؤتمر برلين :

1- أدى مؤتمر برلين إلى تركيز الاستعمار الأوروبي بإفريقيا :

بسبب اشتداد التنافس الاستعماري الأوربي حول إفريقيا وخاصة حوض الكونغو ،وتجنبا لأي صدام مسلح بينها لجأت هذه الدول’في أواخر 1884 و بداية 1885 م إلى عقد مؤتمر برلين.وقد حضره مندوبو 14 دولة هي : النمسا، المجر، ألمانيا، بلجيكا، ايطاليا، هولندا، البرتغال، اسبانيا، روسيا، السويد، تركيا، و.م.ا،وبريطانيا،وفرنسا. واهم القرارات التي صدرت عن المؤتمر :
* حياد إقليم حوض الكونغو وحرية التجارة فيه.
* حرية الملاحة في حوض الكونغو والنيجر.
* إلغاء تجارة الرقيق ومعاقبة القائمين عليها.
* ضرورة قيام أي دولة تريد استعمار ارض افريقية بإخبار الدول الأخرى بالأراضي التي تضع يدها عليها .وعند إعلان آية دولة أوربية حمايتها على ارض افريقية يجب ان يلازم ذلك وجود احتلال فعلي لتلك الأراضي وليس مجرد ادعاء بالحماية.
* التزام الدول الاستعمارية الأوربية بضمان امن السكان الأفارقة و تحسين ظروفهم المعيشية وإلغاء العبودية.

 2- الأجهزة الاستعمارية الأوربية بإفريقيا:

أ- على المستوى المركزي : أحدثت في الدول الاستعمارية الأوربية وزارة المستعمرات التي ضمت إدارات متخصصة ومجالس استشارية.
ب- على مستوى المستعمرات : كان يرأس كل مستعمرة حاكم عام أوربي يتمتع بسلطات تشريعية و تنفيذية و يستعين بموظفين استعماريين (مجلس الحاكم العام + السكرتير العام + مدير المقاطعة + مأمور المركز).
ج- الاستعانة بالقيادات المحلية من الأهالي حتى تكون أداة مساعدة تربط بين السلطة الاستعمارية والسكان الأهالي.

 III الاستغلال الاستعماري الأوربي لإفريقيا :

1- مظاهر الاستغلال الاستعماري الأوربي لإفريقيا :
* في المجال الضريبي: ارتفاع قيمة الضرائب في المستعمرات الإفريقية .وكانت تدفع نقدا وتفرض على الماشية والأرض والمنازل والناس أنفسهم.وكان الإنسان الإفريقي يحصل على النقود لدفعها عن طريق زراعة المحاصيل التسويقية أو العمل في مزارع الأوربيين أو في المناجم.وقد سمحت هذه الضرائب للقوى الاستعمارية من استعادة نفقات جيوشها وتوفير الأموال اللازمة لإدارة المستعمرات.
* في المجال الاقتصادي:
• في الفلاحة : استولى المعمرون والشركات الاستعمارية على أجود الأراضي الصالحة للزراعة بينما تركت الأراضي الأقل خصوبة والبورية للأفارقة .وتم اعتماد أسلوب الاستغلال العصري المفوض للشركات الكبرى وبدعم من الدولة من خلال توفير اليد العاملة الرخيصة لتحقيق المزيد من الأرباح .كما عملت الدول الامبريالية على الاعتماد على ما يسمى بالتخصص في إنتاج بعض المواد (البن،الكاكاو،القطن…).
• في الميدان الصناعي : تتوفر افريقيا على ثروات متنوعة مثل الذهب الذي يتركز بالخصوص في غانا وجنوب افريقيا والماس الذي ينتشر في أنغولا وجنوب افريقيا .كما تزخر افريقيا بكميات مهمة من الفحم الذي يعد بمثابة المصدر الرئيسي للطاقة. وقد عملت الدول الامبريالية على استغلال مختلف هذه الثروات لصالحها على حساب العامل الإفريقي الذي عانى من ارتفاع ساعات العمل وضعف الأجور.
• في الميدان التجاري : اتخاذ المستعمرات مصدرا لجلب المواد الأولية و سوقا لتصريف المنتجات الصناعية ومجالا لاستثمار رؤوس الأموال. ← تبادل غير متكافئ ← عجز تجاري بالنسبة للتجارة الإفريقية.
* في المجال البشري: تكريس العبودية من خلال فرض أعمال السخرة على الأفارقة و استغلالهم في الأشغال الشاقة بالمناجم وشق القنوات وإنتاج الخشب ومد خطوط السكك الحديدية، كل ذلك بأجور بخسة وثابتة + سلب الأراضي والبيوت والحريات + تدمير الحضارات الإفريقية العريقة .   ← تمردات مستمرة.

 2- عوامل الاستغلال الاستعماري الأوروبي لإفريقيا :

– حاجة الصناعة الأوربية إلى المواد الأولية
– الحاجة إلى الأسواق لتصريف فائض الإنتاج الصناعي.
– الحاجة إلى تصدير رؤوس الأموال ، و التخفيف من الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية الدورية .
– نهج سياسة الحمائية
– الحاجة إلى يد عاملة وفيرة ورخيصة وثابتة الأجر.
– ظهور نظريات عنصرية تعطي للبيض الحق في استعباد السود.

 IV آثار الاستغلال الاستعماري الأوروبي على إفريقيا وردود الفعل:

 1- مجال المستعمرات الأوربية بإفريقيا:
استعمر الأوروبيون الجزء الأكبر من إفريقيا . وكان نصيب الأسد لكل من بريطانيا و فرنسا ، و توزعت باقي المستعمرات على كل من اسبانيا و البرتغال و ايطاليا و بلجيكا و ألمانيا .

المقارنة بين خريطة افريقيا سنة 1870 (الوثيقة 29) وخريطة افريقيا قبل الحرب العالمية الأولى (الوثيقة 30).

 2- الآثار الاقتصادية والاجتماعية للاستغلال الاستعماري:

* في الميدان الاقتصادي : أصبح اقتصاد البلدان الإفريقية تابعا ومرتبطا باقتصاد الدول الاستعمارية في إطار مبادلات غير متكافئة ،حيث أدخلت سلع جديدة لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق التجارة وأصبحت النقود الوسيلة الأساسية للتبادل وأصبح تحصيل الضرائب ضرورة عامة ← استنزاف الثروات الإفريقية + اختفاء الصناعات الاستهلاكية المحلية.
 * في الميدان الاجتماعي :
• تفكيك أشكال الروابط الاجتماعية التقليدية من قبيلة وعشيرة.
• انهار النظام الاقتصادي القديم المغلق الذي كان يقوم على الاكتفاء الذاتي.
• ظهور أقلية من الأغنياء المحليين الموالين للاستعمار.
• تحويل الأفارقة إلى عمال وجنود.
• الهجرة إلى المدن.
• النزيف الديمغرافي.
• ضعف الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وتشغيل.

 3- ردود الفعل الإفريقية تجاه الاستعمار:

امام الهجمة الاستعمارية وجدت الشعوب الافريقية نفسها امام خيارين : اما المقاومة والحرب والثثورات العنيفة لطرد الاستعمار واما اللجوء الى التفاوض مع المستعمر.غير ان الكثير من الشعوب الافريقية فضلت اللجوء لخيار المقاومة والجهاد،مثل الدولة المهدية في السودان التي قاومت الانجليز حتى سنة 1892 ثم انتقلت المقاومة الى سلطنة دارفور حتى 1916م.وفي الصومال قاد الجهاد محمد عبد الله حسن ضد الانجليز حتى سنة 1920م.وفي ليبيا وسط الصحراء الكبرى تصدت الزاوية السنوسية للغزاة الايطاليين والفرنسيين .وفي المغرب واجهت الاستعمار مقاومة مسلحة ما بين 1908م-1934م.كما واجه شعب الاشانتي بغانا المستعمر البريطاني .واندلعت ثورة ماجي-مهاجي في تنزانيا (تنجانيقا)ضد الالمان.

خاتمـــة:

رغم تقسيم إفريقيا، اشتد التنافس الامبريالي بين الدول الأوربية الشيء الذي انتهى باندلاع الحرب العالمية الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *