الدرس اللغوي: الاستعارة المرشحة والمجردة للأولى باك آداب وعلوم إنسانية

الدرس اللغوي: الاستعارة المرشحة والمجردة

للأولى باك آداب وعلوم إنسانية

أقسام الاستعارة باعتبار الملائم

قد تكون الاستعارة مرفوقة بما يلائم المشبّه أو المشبّه به في عمليّة التشبيه الضمنيّة التي تقوم عليها الاستعارة كما يمكن أن ينعدمَ وجود الملائم. وعلى هذا الأساس تقسّم الاستعارة إلى مرشّحة (التي ذكر معها ملائم المشبه به)، ومجرّدة (التي ذكر معها ملائم المشبه)، ومطلقة (التي خلت من ملائم المشبه أو المشبه به).

الاستعارة المرشحة

هي التي قرنت بملائم المستعار منه «أي المشبه به» نحو: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم). استعير الشراء للاستبدال والاختيار، ثم فرع عليها ما يلائم المستعار منه (من الربح والتجارة) ، ونحو: من باع دينه بدنياه لم تربح تجارته. «وسميت مرشحة: لترشيحها وتقويتها بذكر الملائم» وترشيح الاستعارة التصريحية متفق عليه.

ومن الترشيح في الاستعآرت التصريحية قولهُ تعالى:﴿َوآِمنُوا بَِما أَْنَزْلتم َصّدقا لَِما َمعُكْم َوَلا تَُكونُوا أَوَل َكاِفٍر بِِه َوَلا تشتَُروا بِآَياتِي ثََمنا َقلِيلا َوِاياي فَاتقُوِن﴾. فقد استُعيَر الاشتراء هنا لا بدال شيء بآخر دون تبايع، ثم جيء بما يلائم الاشتراء تقوية للمعنى الحسي، وزيادة في تناسي التشبيه وهو(الثمن)، بمعنى أنهُ قد تم بيع وشراء على الحقيقة وقد قُبض الثمن من المشتري، كما أن استعمال الاستعارة بصيغة (تشتروا) فيها دلالة على المبالغة والتأكيد في الشيء، إذ إنها تحيل على المبالغة والتكلف.

ومن الترشيح كذلك قولهُ تعالى:﴿وَهَديناهُ النجديِن فلا اْقتَحَم العقَبةَ﴾. والنجد هي الأرض المرتفعة، وهي هنا استعارة للخير والشر، وأصل النجد: الأرض المرتفعة ارتفاعا دون الجبل، وهي استعارة مشهورة في الطريق المرتفع عند العرب.

الاستعارة المجردة

هي التي قرنت بملائم المستعار له «أي المشبه» نحو: اشتر بالمعروف عرضك من الأذى. «وسميت بذلك: لتجريدها عن بعض المبالغة، لبعد المشبه حينئذ عن المشبه به بعض بعد».

في معرض تصوير الحق تبارَك وتعالى للأرض وتسخير ما فيها من نعم للإنسان يظهر التجريد شاخصا في قولِه تعالى:﴿ هو الِذي جَعَل لَكُم الأَرض ذلُولا فَامشوا في مَناكبِهَا وكلُوا من ِرْزِقِه َوِالَْيِه النشوُر﴾. فاستعارة الذلول للأرض جاءت لتصوير تذليل الانتفاع بها تشبيها بالدابة المسوسة المرتاضة بعد الصعوبة، فجيء بالمناكب تجريدا للاستعارة على صيغة الجمع، ذلك أن الدابة الذلول لها منكبان فقط والأرض لها متسعات كثيرة، والصورة تتضمن زيادة في تخييل الاستعارة لزيادة بيان تسخير الأرض للناس.

ومن التجريد الذي لحق التجارة في قولِه تعالى: ﴿يا أَيهَا الذين آَمنُوا هل أَُدلُّكْم َعلَى تِجاَرة تُْنجيكم من عَذاب أَلِيٍم﴾. فقد استُعيرت التجارة للعمل الصالح للمشابهة في طلب النفع من ذلك العمل، ثم جاءت الجملة (تنجيكم من عذاب أليم) في سياق التعبير القرآني لتُجّرَد الاستعارة من خصائصها، إذ إن النجاة من العذاب الأليم هي من ملائمات المستعار لهُ وهو العمل الصالح أو(الإيمان)، وانما المشهد تصوير للمعنى الذهني وزيادة في تفصيلات الصورة الحسّية، إذ تعتمد الصورة الإثارة والتشويق من خلال النداء، يعِقبُهُ الاستفهام المشّوق للجواب بصورة التجارة الرابحة.

الاستعارة المطلقة

هي التي لم تقترن بما يلائم المشبه والمشبه به: نحو (ينقضون عهد الله) أو ذكر فيها ملائمها معاً ء كقول زهير:  لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذّف له لبدٌ أظفاره لم تُقلَّم. استعار الأسد: للرجل الشجاع، وقد ذكر ما يناسب المستعار له، في قوله «شاكى السلاح مقذف» وهو التجريد، ثم ذكر ما يناسب المستعار منه، في قوله «له لبد أظفاره لم تقلم» وهو الترشيح، واجتماع التجريد والترشيح يؤدى إلى تعارضهما وسقوطهما، فكأن الاستعارة لم تقترن بشيء ء وتكون في رتبة المطلقة.

أمثلة توضيحية

مثل: رأيتُ بحرًا في المسجد، فالبحر هنا مستعار للعالم والقرينة ( في المسجد ) وليس هنالك ما يلائم المشبه أو المشبه به فتكون الاستعارة مطلقة.

مثل: رأيت بحرا في المسجد يشرح كتاب جمع الجوامع، فعبارة ( يشرح كتاب جمع الجوامع ) تلائم المشبه وهو العالم، فتكون الاستعارة مجردة.

مثل: رأيت بحرا في المسجد تتلاطم أمواجه، فعبارة ( تتلاطم أمواجه ) تلائم المشبه به وهو البحر فتكون الاستعارة مرشحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *