الدرس اللغوي: الإيجاز والإطناب والمساواة للأولى باك آداب وعلوم انسانية

الدرس اللغوي: الإيجاز والإطناب والمساواة

للأولى باك آداب وعلوم انسانية

تعريف الإيجاز والإطناب والمساواة

كل ما يجول في الصدر من المعاني يمكن أن يعبر عنه بثلاث طرق:

  • الإيجاز لغة: التقصير، واصطلاحاً: قصد اللفظ مع الوفاء بالمعنى أو يقال في تعريفه: هو التعبير عن المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة وافية. كقوله تعالى: ﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾.
  • الإطناب لغة : الزيادة، وفي اصطلاح البلغاء : زيادة الألفاظ على المعاني لفائدة بلاغية. كقوله تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ﴾.
  • المساواة: وهي تأدية المعنى المراد بعبارة مساوية له، بأن تكون على الحد الذي جرى به عرف أوساط الناس، وهم الذين لم يرتقوا إلى درجة البلاغة، ولم ينحطوا إلى درجة الفهامة. قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾.

كما أنه إذا لم تف العبارة بالغرض سمّي: (إخلالاً). كقول اليشكري:

والعيش خير في الــظلا  ۩۩۩  ل النوك ممّـن عـاش كدّاً

وإذا زاد على الغرض بدون داع سمّي: (تطويلاً). كقول ابن مالك:

كذا إذا عاد عليه مضمر  ۩۩۩  ممـــا به عنه مبيناً يخبر

أقسام الإيجاز

ايجاز القصر

ويسمّى ايجاز البلاغة، وذلك بأن يتضمن الكلام المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة من غير حذف، كقوله تعالى: (وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كراماً)، فإنّ مقتضى الكرامة في كل مقام شيء، ففي مقام الإعراض: الإعراض، وفي مقام النهي: النهي، وفي مقام النصح: النصح، وهكذا.. وهكذا.. وككقوله تعالى ﴿ ألاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾.

ايجاز الحذف

وذلك بأن يحذف شيء من العبارة، لايخل بالفهم، مع وجود قرينة. وقد حصر الحذف في اثني عشر شيئاً:

  • الحرف، قال تعالى: (ولم أك بغيّاً)، أي: ولم أكن.
  • الإسم المضاف، قال تعالى: (وجاهدوا في الله حقّ جهاده)، أي: في سبيل الله.
  • الاسم المضاف إليه، قال تعالى: (وأتممناها بعشر)، أي: بعشر ليال.
  • الاسم الموصوف، قال تعالى: (ومن تاب وعمل صالحاً)، أي: عملاً صالحاً.
  • الإسم الصفة، قال تعالى: (فزادتهم رجساً إلى رجسهم)، أي: مضافاً إلى رجسهم.
  • الشرط، قال تعالى: (فاتَّبعوني يُحبِبكم الله)، أي: فإن اتَّبعتموني يحببكم.
  • جواب الشرط، قال تعالى: (ولو ترى إذ وقفوا على النار)، أي: لرأيت أمراً عظيماً.
  • المسند، قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولنّ الله )، أي: خلقهنّ الله.
  • المسند اليه، كقوله: (قال لي كيف أنت؟ قلت: عليل)، أي: أنا عليل.
  • المتعلّق، قال تعالى: (لايُسئل عمّا يفعل وهم يُسئلون)، أي عمّا يفعلون.
  • الجملة، قال تعالى: (كان الناس اُمَّة واحدةً فبعث الله النبييّن)، أي: فاختلفوا.
  • الجمل، قال تعالى: (فأرسلون، يوسف أيّها الصدّيق)، أي فأرسلوني الى يوسف لأقصّ عليه الرؤيا وأستعبره عنها، فأتاه، وقال: (يوسف…).

دواعي الإيجاز

دواعي الإيجاز كثيرة نشير الى بعضها:

  • تسهيل الحفظ: ولذلك صار العلماء رحمهم الله يختصرون الكتب المطولة.
  • تقريب الفهم: ولربما إذا طال الكلام يُنسِي آخرُه أوله، فإذا صار قصيرًا فهمه الإنسان.
  • ضيق المقام: بأن يكون الإنسان عجلًا، لا يستطيع التطويل؛ لأن المقام لا يقتضيه.
  • الإخفاء: يعني: أنه يحذف بعض الأمور؛ إخفاءً لها.
  • سآمة المحادثة: وذلك يعني أن الذي تحادثه سئم منك، وأنت تشعر بهذا، إذا أخذ يقول لك: كفى، فأنت تتحدث، وهو يقول: كفى، وأنت تسأله عن حاله وحال أولاده، وهو يقول لك: كفى، فهنا يحسن الإيجاز؛ ولهذا ينبغي إذا خاطبنا الناس الذين عندهم أشغال كثيرة ألا نطيل عليهم، بل نختصر لهم الحديث اختصارًا.

مواقع الايجاز

مواقع الإيجاز الّتي يستحسن فيها كثيرة نذكر بعضاً منها: الشكر على النعم – الإعتذار – الوعد – الوعيد – العتاب – التوبيخ – التعزية – شكوى الحال – الاستعطاف – أوامر الملوك ونواهيهم.

أقسام الزيادة

ينقسم الزائد على أصل المراد إلى ثلاثة أقسام:

(1) الإطناب، وهو تأدية المعنى بعبارة أكثر منه لغرض مّا، كما تقدَّم.

(2) التطويل، وهو تأدية المعنى بعبارة أكثر بلا فائدة، مع كون الزيادة في الكلام غير متعيّنة نحو قول العبادي:

وقدّدت الأديم لراهِشيه  ۩۩۩  وألفى قولها كذباً ومَينا

فإن (الكذب) و(المين) يمعنى واحد، ولا يتعيّن الزائد منها، لصلاحية كل منهما لذلك.

(3) الحشو، وهو تأدية المعنى بعبارة أكثر بلا فائدة، مع كون الزيادة متعيّنة في الكلام غير مفسدة للمعنى نحو قول الشاعر:

واعلم علم الــيوم والأمس قبله  ۩۩۩  ولكنني عن علم ما في غدٍ عمي

فإنّ كلمة (قبله) زائدة لوضوح ان الامس قبل اليوم.

أقسام الإطناب

للإطناب أقسام كثيرة:

(1) ذكر الخاص بعد العام، قال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى).

(2) ذكر العام بعد الخاص، قال تعالى: (ربَّ اغفر لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات).

(3) توضيح الكلام المبهم بما يفسِّره، قال تعالى: (وقضينا اليه ذلك الأمر انّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين).

(4) التوشيع، وهو أن يؤتى بمثنى يفسّره مفردان، كقوله (عليه السلام): العلم علمان: (علم الاديان وعلم الابدان).

(5) التكرير وهو ذكر الجملة أو الكلمة مرّتين أو ثلاث مرّات فصاعداً، لاغراض:

  • للتأكيد، كقوله تعالى: (كلاّ سوف تعلمون ثمّ كلاّ سوف تعلمون).
  • لتناسق الـــكلام، فـــلا يضره طــــول الفصل، قـــال تعالى: (إنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)، بتكرير (رأيت) لئلا يضرّه طول الفصل.
  • للإستيعاب، كقوله: (ألا فادخلوا رجلاً رجلاً…).
  • لزيادة الترغيب في شيء، كالعفو في قوله تعالى: (إنَّ من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم).
  • لاستمالة المخاطب في قبول العظة، كقوله تعالى: (وقال الذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم انما هذه الحياة الدنيا متاع وانّ الآخرة هي دار القرار) بتكرير (يا قوم).
  • للتنويه بشأن المخاطب، كقوله: (علي رجل رجل رجل…).
  • للترديد حثاً على شيء، كالسخاء في قوله: قريب مـن الله السخيّ وأنـه  ۩۩۩  قريب من الخير الكثير قريبّ
  • للتلذّذ بذكره مكرّراً، كقوله: علــي وصــي علــيّ رضــي  ۩۩۩  علــــيّ تقــــــي علــيّ نقـــيّ
  • للحث على الاجتناب، كقوله: (الحية الحية أهل الدار…).
  • لإثارة الحزن في نفسه أو المخاطب، كقوله: (أيا مقتول ماذا كان جرمك أيا مقتول…).
  • للإرشاد إلى الخير، كقوله تعالى: (أولى لك فأولى ثمَّ أولى لك فأولى).
  • للتهويل بالتكرير، كقوله تعالى: (الحاقّة ما الحاقّة وما أدراك ما الحاقة).

(6) الاعتراض، بأن يؤتى في أثناء الكلام بجملة لبيان غرض من الاغراض، منها:

  • الدعاء، كقوله: ان الثمــــــــانين وبُلّغتهــــــا  ۩۩۩  قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
  • النداء، كقوله: كـــان بــــرذون أبــا عصــــام  ۩۩۩  زيـــــد حمــــــار دق بـاللجــــام
  • التنبيه على شيء، كفضيلة العلم، في قوله: واعلم فعلم المرء ينفعه  ۩۩۩  ان سوف يأتي كل ما قُدرا
  • التنزيه، قال تعالى: (ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون).
  • المبالغة في التأكيد، قال تعالى: (ووصَيّنا الإنسان بوالديه حملته أمّه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلىَّ المصير).
  • الإستعطاف، كقوله: ووجيب قلب لو رأيت لهيبه  ۩۩۩  ياجـــنّتي لرأيت فيه جهنّما
  • التهويل، قال تعالى: (وانّه لقسم لو تعلمون عظيم).

(7) الايغال، بأن يختم الكلام بما يفيد نكتة يتم بدونها المعنى، قال تعالى: (ولله يرزق من يشاء بغير حساب).

(8) التذييل، وهو أن يأتي بعد الجملة الاولى بجملة اُخرى تشتمل على معناها وذلك لأحد أمرين:

  • الأول: التأكيد:
  1. وهو إما تأكيد المنطوق، قال تعالى: (وقل جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقاً).
  2. وإما تأكيد المفهوم، كقوله: ولست بمستبق أخـاً لاتلمـــــّه  ۩۩۩  على شعث أيّ الرجال المهذب؟. فقد دلت الجملة الاولى بعدم وجود الرجل الكامل فأكّدها بالجملة الثانية: أي الرجال المهذّب؟
  • الثاني: التذييل:
  1. وهو إما يستقل بمعناه لجريانه مجرى المثل، كقوله: كـــــلّكم أروغ مـــن ثــــــعلب  ۩۩۩  مـــا أشبه الليلة بــالبارحـــــة.
  2. أو لا يستقل، لعدم جريانه مجرى المثل، كقوله: لم يبق جودك لي شيئاً اُؤمّله  ۩۩۩  تركتَني أصحب الدينا بــلا أمل

(9) الإحتراس، وهو أن يأتي بكلام يوهم خلاف المقصود فيأتي بما يدفع الوهم، وهو على نحوين:

  • قد يأتي به وسط الكلام، كقوله: فسقى دياركِ غير مفسده  ۩۩۩  صوبُ الربيع وديمة تهمي. فقد قال: (غير مفسده) دفعاً لتوهّم الدعاء للمطر عامة حتى المفسد منه.
  • قد يأتي به آخر الكلام، كقوله: حــليم إذا مــا الحكم زيّن أهله  ۩۩۩  مع الحلم فــي عين العدو مَهيبُ

(10) التتميم، وهو زيادة مفعول أو حال أو نحوهما، ليزيد حسن الكلام، كقوله: دعونا عليهم مــكرهين وإنـما  ۩۩۩  دعاء الفتى المختار للحق أقرب. ف(مكرهين) يزيد حسن الكلام كما لا يخفى.

(11) تقريب الشيء المستبعد وتأكيده لدى السامع نحو قوله: (رأيته بعيني يفعل كذا) و(سمعته بأذني يقول كذا).

(12) الدلالة على الشمول والإحاطة، قال تعالى: (فخرّ عليهم السقف من فوقهم)، فإنّ السقف لا يخرّ إلاّ من فوق، لكن بذكره (من فوقهم) دلّ على الشمول والإحاطة.

موارد الإطناب

هناك موارد يستحسن فيها الإطناب، منها:

  • الصلح بين الأفراد، أو الجماعات، أو العشائر.
  • التهنئة بالشيء.
  • المدح والثناء على أحد.
  • الذمّ والهجاء لاحد.
  • الوعظ والإرشاد.
  • الخطابة في أمر من الامور العامّة.
  • رسائل الولاة إلى الرؤساء والملوك.
  • منشورات الرؤساء إلى الشعب.

أقسام المساواة

المساواة هي الأصل في تأدية المعنى المراد، فلا تحتاج إلى علّة، واللازم الإتيان بها حيث لا توجد دواعي الايجاز والإطناب، وهي على قسمين:

  • المساواة مع رعاية الاختصار، وذلك بتأدية المراد في ألفاظ قليلة الاحرف كثيرة المعنى، نحو قوله تعالى: (هل جزاء الاحسان إلا الإحسان).
  • المساواة من دون اختصار، وذلك بتأدية المعنى المراد بلا رعاية الإختصار، نحو قوله تعالى: (كلّ امرىء بما كسب رهين)، وقوله سبحانه: (وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله)، ونحو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (انّما الاعمال بالنيّات ولكلّ امرىء ما نوى). فإن الكلام في هذه الامثلة لا يستغنى عن لفظ منه، ولو حذفنا منه ولو لفظاً واحداً لاختلّ معناه، وذلك لأنّ اللّفظ فيه على قدر المعنى لا ينقص عنه ولا يزيد عليه.

الخلاصة

إن زاد اللفظ على المعنى، فهو إطناب، وإن كان المعنى أكثر، فهو إيجاز، وإن تساوى اللفظ والمعنى فهو مساواة، وهذا هو الأكثر في الكلام.

 وإذا لم تكن في الزيادة فائدة، سمي تطويلًا إن كانت الزيادة غير متعينة، وحشوًا إن تعينت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *