الولايات المتحدة الأمريكية: قوة اقتصادية عظمى – 2 –

الولايات المتحدة الأمريكية : قوة اقتصادية عظمى
الثانية باك آداب وعلوم انسانية ولغة عربية تعليم أصيل
النموذج الأول

مقدمة:

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أول قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية وعلمية… في العالم، تبلغ مساحتها 9363123 كلم²، وعدد سكانها 300933000 نسمة. فما مظاهر هذه القوة؟ وما العوامل المفسرة لها؟ وما هي المشاكل والتحديات التي تواجهها؟

  I-   مظاهر قوة الفلاحة الأمريكية والعوامل المفسرة لها:

1- تتميز الفلاحة الأمريكية بعدة خصائص:

تتسم الفلاحة الأمريكية بـ:

– كثافة وتنوع المحاصيل، وباحتلال منتجاتها للمراتب الأولى على الصعيد العالمي، كما يظهر من خلال الجدول التالي:

المنتجات الفلاحية

 القمح

الخشب

 القطن

  الذرة

الحوامض

البطاطس

الأبقار

الخنازير

المرتبة العالمية 3 1 2 1 2 4 4 2

– امتداد وتنوع المجالات الفلاحية، إذ نميز بين المجال الشرقي حيث تنتشر الزراعات الكثيفة المرتفعة المردود والمتعددة المحاصيل والتسويقية؛ وبين المجال الغربي حيث يسود الرعي الواسع والنشاط الغابوي وبعض الزراعات المسقية على ضفاف الأنهار.

2- تفسر قوة الفلاحة  الأمريكية بعدة عوامل:

يمكن تلخيص العوامل المفسرة لقوة الفلاحة الأمريكية في:

العوامل الطبيعية:  وتتجلى في:

– الامتداد الجغرافي للسهول والهضاب الصالحة التي تنتشر عليها استغلاليات زراعية عصرية وتوجد بها مراعي شاسعة لتربية الماشية.

– تنوع المناخ (المناخ المحيطي والمتوسطي والشبه المداري، والقاري الرطب) وما يتيحه من فرص متباينة للأنشطة الفلاحية.

– كثافة الشبكة المائية (نهري الميسيسيبي والميسوري) مما يسمح بتشييد سدود مهمة لسقي الأراضي الزراعية.

العوامل البشرية والتنظيمية:  وتتمثل في:

– توفر اليد العاملة الكثيفة الخبيرة والتي تتنقل في جميع المناطق الفلاحية.

– اعتماد أساليب إنتاجية متطورة في جميع مراحل الإنتاج الزراعي (الآلات، الأسمدة، المبيدات، تقنيات السقي…)، كما تربى الماشية بطرق حديثة منها أساليب تسمين الأبقار  lots- feed.

– وجود شبكة كثيفة لمعاهد ومدارس البحث والتكوين الزراعي تساهم في تأطير وإرشاد الفلاحين وتقدم أبحاث مهمة لفائدة الإنتاج الزراعي وتربية الماشية.

– الاستفادة من اندماج الفلاحة في علاقات رأسمالية مع قطاعات اقتصادية متعددة كقطاع النقل ومعاهد البحث العلمي، والصناعة الغذائية، والمطاعم وغيرها (الأكروبيزنيس)؛ فضلا عن وجود البورصة العالمية للحبوب بمدينة نيويورك.

      II-  مظاهر قوة صناعة الولايات المتحدة الأمريكية والعوامل المفسرة لها:

1- مظاهر قوة الولايات المتحدة الأمريكية في المجال الصناعي:

تتجلى مظاهر قوة الصناعة بالولايات المتحدة الأمريكية في:

– كون الإنتاج الصناعي الأمريكي يتميز بالضخامة والتنوع واحتلال الصدارة العالمية في  جل الأنواع الصناعية،  (المرتبة الأولى عالميا في إنتاج الحواسيب، وفي إنتاج السيارات والمطاط، المرتبة الثانية في إنتاج النسيج الاصطناعي والمرتبة الثالثة في إنتاج الصلب).

– المكانة المرموقة للمقاولات الأمريكية على الصعيد العالمي، بحيث أن ثمان منها ترتب ضمن العشر مقاولات الأولى عالميا.

– تعدد وتنوع المناطق الصناعية: مناطق صناعية قديمة في طور التحول بالشمال الشرقي  + مناطق صناعية حديثة في الجنوب وعند الحدود مع المكسيك + أقطاب التكنولوجيا العالية في دلاس وسان فرانسيسكو ولوس أنجلس واطلنطا وسياتل.

2- تعود قوة الصناعة الأمريكية لمجموعة من العوامل:

يمكن إجمال العوامل المفسرة لقوة الصناعة الأمريكية في:

العامل الطبيعي:  يتمثل هذا العامل في توفر الولايات المتحدة الأمريكية على ثروة معدنية هائلة (الفوسفاط، النحاس، الحديد، الذهب، الرصاص)، وعلى احتياطي مهم من مصادر الطاقة (الفحم، الغاز الطبيعي، البترول) إضافة إلى مراكز مهمة لتوليد الطاقة الكهربائية.

العامل البشري:  تتوفر الولايات المتحدة الأمريكية على موارد بشرية محلية ذات كفاءات علمية وتقنية وفنية هائلة، كما تستقطب أدمغة بشرية أي الأطر العليا المتخصصة والعلماء والباحثين والمفكرين من مختلف دول العالم تستفيد منهم لتطوير صناعتها.

العامل العلمي:  ويظهر ذلك من خلال الاعتناء بالبحث العلمي والتكنولوجي، واستعمال التكنولوجيا في تطوير الاقتصاد وربط الجامعة بمحيطها، حيث تتوفر الولايات المتحدة الأمريكية على شبكة من المعاهد والجامعات والمدارس ومراكز البحث العلمي تعمل على تطوير الصناعة الأمريكية، ومنها السليكون فالي  silicone valley (أكبر تجمع للعقول  المتخصصة في الصناعات الالكترونية والمعلوماتية) بكاليفورنيا، ومعهد ماسشوستس Massachostus  للأبحاث والتجارب قرب مدينة بوسطن.

العامل التنظيمي – الرأسمالي: يتجلى هذا العامل في وجود مؤسسات مهمة تهتم بالقطاع الصناعي ومنها:

– النظام السياسي الفيدرالي الديمقراطي الذي يخطط السياسات الصناعية ويوجهها ويدعمها في الأسواق الداخلية والخارجية.

– سيادة النظام الرأسمالي الحر الذي يشجع المبادرة الفردية والمنافسة الحرة مما أوجد مقاولات وشركات صناعية متعددة الجنسية منتظمة في إطار التروستات و الكونغلومرا Conglomerat والهولدينغ Holding، بل أصبحت تمثل ظاهرة احتكارية Oligopole  ضاغطة على المجتمعات العالمية.

   III- مظاهر قوة التجارة والخدمات بالولايات المتحدة الأمريكية والعوامل المفسرة لها:

1- مظاهر قوة الولايات المتحدة الأمريكية في المجال التجاري:

تتجلى مظاهر قوة تجارة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر أول قوة تجارية في العالم، في:

– تنوع المواد المصدرة والمستوردة.

– أهمية قيمة المواد المصنعة ضمن المواد المصدرة.

– مكانة نصيب المواد الأمريكية ضمن المبادلات العالمية.

– تعدد الشركاء التجاريين من مختلف القارات.

2- تفسر قوة التجار الأمريكية بعدة عوامل:

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أول قوة تجارية عالمية، ويفسر ذلك بعدة عوامل:

– العامل الطبيعي – الجغرافي:  ويتمثل في الموقع الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية المنفتح على العالم  بواجهتين محيطيتين، مما يسهل اتصالها بالعالم.

– العامل الاقتصادي: يتجلى في وفرة وجودة وتنوع المنتوج الأمريكي.

– البنية التحتية:  تتمثل في توفر شبكة كثيفة ومتطورة من وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية تقوم بتوزيع المنتجات وطنيا ودوليا، فضلا عن شبكة عصرية من وسائل الاتصالات تروج للسلع وتدير المشاريع وتراقب الأسواق…

– العامل التنظيمي:  يتجلى في وجود مؤسسات تجارية ضخمة متعددة الجنسيات و عابرة للقارات كالتروست والهولدينغ وغيرها تملك مؤهلات هائلة للتنافس في الأسواق العالمية.

– العامل المالي:  يتجلى في سيادة ثقافة النظام الرأسمالي الحر الاستهلاكي، واعتماد الدولار كعملة رئيسية في المبادلات التجارية العالمية.

      IV-    التحديات والمشاكل التي تواجه اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية:

1- رغم قوتها تواجه الولايات المتحدة الأمريكية عدة تحديات ومشاكل داخلية وأخرى خارجية:

المشاكل والتحديات الداخلية:  تتمثل هذه المشاكل والتحديات في:

– المشاكل الطبيعية والبيئية:  ويتجلى في تعدد الكوارث الطبيعية والمخاطر البيئية المتمثلة في تعرض  الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مستمر لمظاهر “الطبيعة العنيفة”مثل الأعاصير المدمرة، وما يتبع ذلك من فيضانات، إضافة إلى هبوب التيارات الهوائية القطبية الباردة التي تعمل على تخفيض درجات الحرارة، وانتشار المناطق المهددة بانجراف التربة، وتلوث الأنهار والمناطق الحضرية لاسيما في الجهة الشرقية حيث كثرة المصانع، أضف إلى ذلك إنهاك التربة ، وتلوث الفرشة المائية من جراء الاستعمال المكثف لهما.

– التحدي الاجتماعي: يتمثل في آفة البطالة وانتشار الفقر حيث تعيش فئات واسعة من السكان   (تصل إلى 20%) تحت عتبة الفقر في جميع مناطق الولايـــات المتحدة الأمريكيـــة خاصة في الجنوب والجنوب الغربي ( الخريطة ص: 129).

– التحدي المجالي-الاقتصادي:  يتمثل هذا المشكل في تركز معظم الأنشطة الاقتصادية واغلب الكثافة السكانية في القسم الشمالي الشرقي للبلاد مقارنة مع باقي المناطق الأمريكية، مما يساهم في حدوث استنزاف الموارد الطبيعية بهذه المناطق ويتسبب في حدوث تباينات في التنمية الجهوية بالبلاد.

– التحدي المالي:  تدبدب وضعية الميزان التجاري بين العجز والفائض، وعدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على تحقيق فائض ممتد في ميزان الاداءات.

– مشكل فائض الإنتاج:  تعاني الفلاحة والصناعة الأمريكيتين من فائض الإنتاج بفعل تراجع الطلب الخارجي على المنتجات الأمريكية.

2- المشاكل والتحديات الخارجية:  ونرصدها في المجالات التالية: 

– على مستوى الفلاحة والصناعة:  تواجه المنتجات الفلاحية والصناعية الأمريكية منافسة شرسة من طرف الاتحاد الأوربي ودول جنوب شرق أسيا وأمريكا اللاتينية، إضافة إلى الاعتماد على الواردات من المواد الأولية، وثقل فاتورة استيراد البترول.

– على مستوى التجارة: بالإضافة إلى المنافسة الدولية في زمن العولمة، تعاني التجارة الأمريكية من عجز الميزان التجاري لاسيما مع الدول المتقدمة.

– على المستوى المالي: عدم استقرار قيمة العملة الأمريكية «الدولار» في الأسواق المالية والتجارية العالمية، وانخفاضها أمام «الأورو» مما يخلق عدة مشاكل أمام التوازنات الاقتصادية والمالية للولايات المتحدة الأمريكية. أضف إلى ذلك تزايد النفقات الأمريكية على الحروب والقضايا السياسية والثقافية والاقتصادية الخارجية.

– على المستوى الاجتماعي: يتمثل هذا التحدي في الهجرة السرية خاصة من المكسيك وكوبا، وهو ما يزيد الوضع الاجتماعي تعقيدا، ويزيد من حدة التفاوتات بين الفئات الاجتماعية، وبالتالي يساهم في تفشي الانحراف والبطالة (%4,6) والفقر(%13). وأصبحت الهجرة من أخطر التحديات التي تواجه الدولة لاسيما بعد تنامي ظاهرة الإرهاب، رغم الإجراءات الصارمة والوسائل المستعملة للحد منها.

– على المستوى الأمني: يتجلى هذا التحدي في ضمان الأمن والاستقرار للمصالح الأمريكية أفراداً ومؤسسات خارج الولايات المتحدة الأمريكية.

خاتمة: بالرغم من كونها قوة اقتصادية عظمى- بالنظر إلى فلاحتها المتقدمـة وصناعتها المتطورة وتجارتهـا القوية – لا زالت الولايات المتحدة الأمريكية تواجه عدة مشاكل وتحديات تزداد حدة مع زيادة المنافسة العالمية في ظل العولمة خاصة من طرف الإتحاد الأوربي والقوى الاقتصادية الصاعدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *