تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث – ن 3 –

تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث
الثانية باك آداب وعلوم انسانية ولغة عربية تعليم أصيل
النموذج الثالث

التأطير الإشكالي:  

نتج عن تفاحش الاستغلال الاستعماري في بلدان العالم الثالث ميلاد حركات تحررية وطنية لجأت إلى أساليب متنوعة لتحقيق الاستقلال فمنها من استعملت الطرق السلمية ومنها من خاضت الكفاح المسلح، لكن بعد حصولها على الاستقلال واجهت هذه الدول عدة مشاكل عملت على تجاوزها بإنشاء تكتلات إقليمية.
• ما ظروف وعوامل حركات تصفية الاستعمار في العالم؟
• وما خصائص نضال الحركات التحررية في العالم الثالث؟
• وما أهم التكتلات الإقليمية التي عرفها ؟

المقطع الأول: ظروف وعوامل حركات تصفية الاستعمارفي العالم:

النشاط الأول: دور الاستغلال الاستعماري في تصاعد الحركات التحررية:
• اهتمت الشركات الاستعمارية باستغلال المعادن الثمينة بالمستعمرات كالذهب، النحاس، الماس…الخ، ناهيك عن الهيمنة الكبيرة على المنتجا ت الفلاحية كالبن،الفول السوداني، الموز…الخ
• فرضت الأنظمة الاستعمارية ضرائب ثقيلة على السكان وسخرتهم لخدمة المصالح الاستعمارية وفرضت عليهم الأعمال الإجبارية في بنائ الموانئ، الطرق، السكك الحديدية…الخ بدون مقابل أو بأجور زهيدة وفي ظروف صعبة.
• مع إندلاع الحرب العالمية الثانية كثفت الدول الاستعمارية من استغلالها لخيرات المستعمرات.

لقد أدت تلك التحولات إلى انعكاسات سلبية على أوضاع السكان الاجتماعية والاقتصادية حيث تزايدت حالة البؤس الاجتماعي ، تفقير السكان، ارتفاع البطالة، الهجرة القروية… وغيرها وهذا ما جعل السكان ينتفضون ضد الاحتلال.

النشاط الثاني: دور المؤسسات والاتفاقيات الدولية في تصاعد الحركات التحررية:
• ساهمت المبادئ الأربعة عشر التي حملها الرئيس الأمريكي “ولسون” إلى مؤتمر السلام سنة 1919 في تصاعد الحركات التحررية بالعالم الثالث لكونه دعى من خلالها إلى ضمان حق الشعوب في تقرير المصير.
• لقيت مدونة الرئيس الأمريكي ترحيبا كبيرا في معظم دول العالم الثالث، ففي الجزائر مثلا فقد وجه الوطنيين الجزائريين رسالة إلى الرئيس الأمريكي عبروا فيها عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية المزرية للسكان في ظل الهيمنة الفرنسية  كما طالبوا بوضع حد للإضطهاد الذي تتعرض له الشعوب.

• من أهم الاتفاقيات الدولية التي ساهمت في تصاعد الحركات التحررية أيضا هناك الميثاق الأطلسي الذي وقعته فرنسا وبريطانيا سنة 1941 والذي يقضي باعتراف الجانبان بحق الشعوب في تقرير المصير.
• كما ساهمت في تصاعد المد التحرري المبادئ التي نادت بها الأمم المتحدة من أجل المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وتعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات، علاوة على احترام حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير المصير.

النشاط الثالث: دور الصراع الرأسمالي الاشتراكي في إذكاء الحركات التحررية بالعالم.

في إطار الصراع الإديولوجي مابين المعسكرين الغربي والشرقي عمل هذا الأخير على دعم الحركات التحررية ذات الميول الاشتراكية( من بينها الفيتنام التي كانت تقبع تحت الاحتلال الفرنسي …) بينما عملت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم كل الأنظمة الرأسمالية.  يضاف إلى كل تلك العوامل نمو الوعي لدى المستعمرات.

المقطع الثاني: خصائص النضال لبعض نماذج الحركات التحررية بالعالم:

النشاط الأول الحركة التحررية بالهند: نموذج للمقاومة السلمية:

طالب غاندي باستقلال الهند من الاحتلال الإنجليزي باعتماد طريقة “اللاعنف” ومن أهم خائص هذه الطريقة:
• عدم استعمال العنف ضد الانجليز باعتباره أكبر قوة توجد في متناول الانسان
• مقاطعة البضائع الأجنبية  ورفض أداء الضرائب
• الاعتماد على الامكانات المحلية في التغذية والملبس
• التوصل إلى وضع حد للصراعات بين المسلمين والهندوس.

هكذا لقيت دعوة غاندي تجاوبا كبيرا لدى الشعب الهندي و أجبرت إنجلترا على الاعتراف باستقلال الهند سنة 1947

النشاط الثاني الحركة التحررية بالجزائر:  نموذج للمقاومة المسلحة
• في فاتح نونبر 1954 انطلق العمل المسلح في الجزائر بتنفيذ عدة عمليات مسلحة في منطقة القبائل وقسطنطينة ثم أخذ يتوسع تدريجيا حتى شمل مجموع التراب الجزائري سنة 1955 بل انتقل إلى فرنسا ذاتها سنة 1958
• بالرغم من الاجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال من أجل الحفاظ على وجودها بالجزائر فالكفاح المسلح لم يزدد إلا شدة وتمكنت “جبهة التحرير” من تحقيق انتصارات كبيرة تمثلت في إلحاق أضرار جسيمة بعملاء المستعمر ومنشآته الاقتصادية والادارية

هكذا دخل الشعب الجزائري في حرب تحررية ضد فرنسا انتهت باعتراف هذه الأخيرة باستقلال البلاد سنة 1962 بعد أن كلفت الجزائريين مليونا من الشهداء.

المقطع الثالث: مشاكل دول العالم الثالث غداة الاستقلال وبعض تكتلاتها الإقليمية:

النشاط الأول: بعض مشاكل العالم الثالث غداة الاستقلال:
1. ارتفاع المديونية  وبالتالي تراجع الواردات مما ينعكس سلبا على وضعية السكان الاجتماعية والاقتصادية
2. الاعتماد في التصدير على المواد الأولية وهي مواد ذات قيمة إضافية جد منخفظة
3. عدم التوازن بين حجم الانتاج الغذائي وعدد السكان علاوة على مشكل التبعية الاقتصادية للخارج
4. بعض البلدان في العالم الثالث تعاني من صراعات عرقية وسياسية
5. ارتفاع معدل الخصوبة مما يفسر التزايد السكاني السريع والذي يترتب عنه مشاكل حضرية خطيرة (الجريمة، الهجرة السرية، ارتفاع معدلات البطالة، السكن العشوائي، الباعة المتجولون… الخ)
6. ارتفاع معدلات الأمية وتزايد معدلات الهجرة القروية.

النشاط الثاني: ظهور دول العالم الثالث وحركة عدم الإنحياز:
• دول العالم الثالث هي تلك الدول الحديثة العهد بالاستقلال والتي أخذت تعمل من أجل التخلص من الوقوع تحت سيطرة إحدى المعسكرين وأن تصبح غير منحازة لأي من الكتلتين و من هنا نشأت بذور عدم الانحياز والتي تبلورت في البداية في مؤتمر البلدان “الافروآسيوية”في باندونغ بأندونيسا سنة1955 وحضره عدة دول حديثة العهد بالاستقلال كمصر بزعامة جمال عبد الناصر والهند بزعامة جواهر نهرو ويوغسلافيا بزعامة المارشال تيتو
• من أهم قرارات هذا المؤتمر احترام حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، احترام سيادة جميع الدول ناهيك عن تأسيس حركة “عدم الانحياز”
• انعقد أول مؤتمر لحركة عدم الانحياز في بلغراد (يوغسلافيا) سنة 1961 بحضور 25 دولة غير منحازة وارتفع عدد الدول الأعضاء داخل الحركة مع توالي المؤتمرات ليصل العدد إلى 92 دولة في مؤتمر هافانا(كوبا) سنة 1979

النشاط الثاني: التكتلات الإقليمية لدول العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية:

أ‌) الجامعة العربية: هي منظمة عربية تأسست في 22 مارس 1945 تضم حاليا 22 دولة عربية في الشرق الأوسط وافريقيا تشير احصاءات 2007 إلى وجود حوالي 339 510 535 نسمة تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية:
•تحقيق التعاون العربي في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (شؤون الثقافة، شؤون الجنسية والجوازات، شؤون المواصلات…)
• توثيق الصلات بين الدول الأعضاء وتنسيق خططها السياسية
• المحافظة على السلام والأمن بين الدول الأعضاء
• تأمين مستقبل الدول الأعضاء وتنسيق الدفاع عن الدول العربية

ب‌) رابطة دول جنوب شرق آسيا: ” آسيان” تأسست سنة 1967 من طرف 6 دول تهدف إلى :
• مواجهة التحدي الشيوعي في المنطقة
• تسوية النزاعات الحدودية التي تعاني من بعض الدولوالتخفيف من حدة النزاعات التي مازالت قائمة
• إقامة منطقة حرة بين دول الرابطة وهو ما تأتى لها بموجب إعلان سنغافورة سنة 1992

وبذلك يلاحظ انسجام أهداف هذه التكتلات مع قرارات حركة عدم الانحياز.

خــاتــمـة: وهكذا فقد خاضت بلدان العالم الثالث كفاحات طويلة بطرق ووسائل مختلفة من أجل التحرر والاستقلال لكنها مازالت تعاني من مخلفات الاستعمار وتتخبط في دوّامة من النزاعات السياسية  ومشاكل التخلف والتبعية الاقتصادية والثقافية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *