تفاوت النمو بين الشمال والجنوب – ن 3 –

تفاوت النمو بين الشمال والجنوب
الثانية باك آداب وعلوم انسانية ولغة عربية تعليم أصيل
النموذج الثالث

تقديم: اسفرت الحرب العالمية IIعن بروز عدة تناقضات داخل المجموعة الدولية كان من أبرزها عدم التكافؤ بين دول قوية وغنية (الشمال) ودول فقيرة وضعيفة (الجنوب)،ويمثل المجال المتوسطي نموذجا لتفاوت النمو بين المجموعتين.

الإشكالية:
ــ ما المقصود بالمجال المتوسطي، وأبرز خصائصه؟
ــ أين يتجلى عدم التكافؤ في التنمية بين شماله وجنوبه، وأسباب ذلك؟
ــ ما هي مجالات التعاون داخل المجال المتوسطي، وماهي حصيلتها وآفاقها؟

I ــ المجال المتوسطي وخصائصه العامة:

1 ــ موقع المجال المتوسطي:
يمتد المجال المتوسطي على مساحة شاسعة تقع بين خطي الطول 17° غ و40 شـ وبين خطي العرض 21° و48° شمالا.
تدخل ضمن دول الجنوب: المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، « فلسطين المحتلة »، لبنان، سوريا، وتركيا، وهي تصنف ضمن دول الجنوب النامية.
وتدخل ضمن دول الشمال المتوسطي: فرنسا، إسبانيا، ايطاليا، البرتغال، اليونان، سلوفينيا، كرواتيا، مقدونيا، ألبانيا، البوسنة، فبرص، مالطة، وأغلبهم يصنف ضمن الدول المتقدمة.
لهذا الموقع أهمية إستراتيجية بالغة الأهمية: فالبحر الأبيض المتوسط الذي يفصل بين المجموعتين شكل منذ القدم منطلق ومهد أهم الحضارات عبر المبادلات التجارية والتأثيرات الثقافية والاجتماعية،وهو اليوم يمثل همزة وصل بين أوربا،إفريقيا واسيا بفضل وجود العديد من المضايق والممرات المائية التي تربطه بباقي العالم.

2 ــ الخصائص الطبيعية والبشرية:

* الخصائص الطبعيية:
يضم المجال المتوسطي سلاسل جبلية كبرى مثل الأطلس بالمغرب والبرانس والألب بأوربا وطوروس بتركيا كما يضم سهولا ساحلية ضيقة .
يتميز المناخ بطابعه المتوسطي الرطب في الشمال والجاف في الجنوب، وهناك في المتوسط صيف جاف وحار. فالجفاف الصيفي يتصاعد، كلما اتجهنا نحو الشرق والجنوب، سواء من حيث المدة والشدة.
كما يتميز الغطاء النباتي بتنوعه الشديد،وتعرف الغابة تدهورا كبيرا  إذا لم تعد تمثل سوى 5 بالمائة من مساحتها الأصلية.
عموما فالمتوسط يعتبر وسطا هشا معرضا للأخطار باستمرار: حرائق، زلازل..
وفي كل ناحية هناك مشكل تدبير قلة الموارد المائية التي تتميز بالندرة والهشاشة وسوء التوزيع، إذ تستفيد دول الضفة الشمالية من النصيب الأكبر  من الموارد المائية.

*الخصائص البشرية:
يبلغ عدد سكان المجال المتوسطي حوالي أزيد من 400 م ن يتمركز أكثر من نصفهم بالجزء الجنوبي.
التزايد الطبيعي يجعل البلدان في تقابل : بلدان الضقة الشمالية من جهة  وبلدان الجنوب والشرق المتوسطي
دول الجنوب لديها نسب زيادة سنوية أكبر من 2% مقابل ضعف النسبة في مجتمعات شمال المتوسط
في الضفة الجنوبية للمتوسط نسبة الخصوبة أيضا مرتفعة؛ عدد الأطفال بالنسبة لكل امرأة اكبر من 2,5 (با أكبر من 3,5 في مصر، 3,7 في ليبيا) في الوقت الذي لا تتعدى فيه في إيطاليا وإسبانيا واليونان 1,2.. باستثناء فرنسا التي تصل إلى حوالي 1,9 طفل لكل امرأة.
وتتميز البنية السكانية بأهمية الفئة العمرية 15-65 سنة والتي تمثل أكثر من نصف تعداد السكان،وبارتفاع نسبة الشيوخ في الدول الشمالية(15.3 بالمائة ).
ويطرح عدد الشباب  المرتفع في دول الجنوب مجموعة من المشاكل الخطيرة: تعليم، صحة، شغل، سكن…
من جهة أخرى، يلاحظ عدم انتظام توزيع السكان في المجال المتوسطي، إذ ترتفع الكثافة السكاني على طول السواحل والأنهار،وبجوار السهول الخصبة وبالمدن الصناعية الكبرى وتنخفض عموما في المناطق الداخلية (الجبلية الجافة).

II ــ مظاهر عدم التكافؤ بين الشمال والجنوب في المجال المتوسطي:

1- عدم التكافؤ على المستوى الاقتصادي :
* الفلاحة: تتميز الفلاحة بالدول المتوسطية الشمالية بطابعها العصري وهي نستفيد من توفر مساحات زراعية أوسع من دول الجنوب.
استفادت الفلاحة من تطبيقات نتائج البحث العلمي (استعمال الأسمدةوالمواد الكيماوية).
الإنتاج عموما يفوق نظيره في دول الجنوب التي تعاني من الضغط الديمغرافي وسيادة الجفاف وتراجع المساحات المشجرة والمراعي.

*الصناعة: التفاوت في التوزيع الصناعي بين المجموعتين اذ:
تستفيد دول الشمال المتوسطي من التقدم التكنولوجي وتوفر اليد العاملة+أهمية البحث العلمي ووجود رؤوس الأموال.
وبالتالي فالإنتاج عندها ضخم ومتنوع لكنها تعاني من قلة المواد الأولية ومصادر الطاقة.
تعمل دول الشمال حاليا على تطوير صناعات جيل جديد كالتكنولوجيا الحيوية،الإلكترونيك،أدوات التجهيز الحديثة..)
يمثل الاتحاد الأوربي الشريك التجاري الرئيسي للبلدان المتوسطية الجنوبية ،إذ يمثل حوالي 45 بالمائة من قيمة صادراتها ووارداتها سنة 2004 أي حوالي 5 بالمائة من المبادلات الخارجية لهذا الاتحاد.
تفوق قيمة صادرات الاتحاد الأوربي في البلدان المتوسطية الجنوبية قيمة وارداته مما يتسبب في عجز الميزان التجاري لدول الجنوب.

2- عدم التكافؤ على مستوى الدخل الفردي:
على مستوى الدخل الفردي:
هناك تفاوت كبير بين المجموعتين،إذ في سنة 2005 بلغ متوسط الدخل الفردي بتونس حوالي 7000 دولار وهو الأكبر من دول جنوب المتوسطي ،بينما اكبر متوسط في الشمال والمتوسطي وصل إلى قرابة 2800 دولار بفرنسا..
ويؤثر هذا التباين على الأوضاع الاجتماعية لهذه البلدان؛ حيث نجد أن دول الجنوب لديها أكبر نسبة من الأمية (20,2%) والفقر (21%) والبطالة (19%) وأضعف نسبة في التعليم  (79,8%)
عموما هناك تفاوتات كبيرة بين الدول المتوسطية، حيث نميز بين:
ــ الشمال الغربي للحوض المتوسطي: بلدان قليلة التي تشكل جزءا من البلدان المتقدمة بمستوى حياة مرتفع: إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، اليونان (قبل الأزمة)
في شرق المتوسط: يمكن أن نضيف مالطا قبرص
ــ في الضفة الأوربية تعرف دول البلقان هوة فيما بينها وبين باقي الدول الأوربية المتوسطية
ــ في الجنوب: من المغرب إلى تركيا (IDH يتراوح ما بين 0,6 و 0,8) يؤكد على أن النمو الاقتصادي يضيع سدى مع متطليبات النمو الديمغرافي

III ــ التعاون الاورومتوسطي:المجالات، الحصيلة، الآفاق:

1- مجالات التعاون الأورو متوسطي:
* ترتبط المجموعة الأوربية وبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط بعلاقات واسعة وقديمة. ومن بين مجالات التعاون:
* العلاقات التجارية وانفتاح السوق وتطبيق قواعد السوق الداخلية
* وضع سياسة خاصة بالهجرة الشرعية وحركات الأشخاص في الحدود.
* تقوية التعاون في مجال الوقاية من الإرهاب ومحاربته
* إدماج الجيران الجدد من خلال شبكات النقل والطاقة
* إشراك الاتحاد الأوربي في الوقاية من النزاعات وتدبير الأزمات .
* الارتقاء بحقوق الإنسان والتعاون الثقافي.

2- حصيلة وآفاق التعاون الأورمتوسطي:
من أجل أرساء التعاون بين دول المتوسط وشعت عدة هياكل  لفضل الشراكة بين ضفتي المتوسط ازداد عدد المشاريع الممولة بدول الجنوب المتوسطي من طرف الدول الأوربية، حيث نجد برنامج ميد  I و II (1995/1999 ــ 2000/2006) الذي هو برنامج مالي أوربي مخصص للتعاون الخارجي. كما تطورت نسبيا في اتجاه تصاعدي الا ستثمارات الأوربية في بلدان الجنوب المتوسطي منذ إعلان برشلونة.
وعموما فآفاق التعاون المتوسطي يعرف تحديات كبيرة، وان كان البعض يتفاءل بهذا الخصوص

خاتمة:
عرف المجال المتوسطي تفاوتا في أشكال النمو بين الشمال والجنوب، وتبقى أمام دول الحوض تحديات كبيرة لتجاوزها خاصة في ظل الظرفية العالمية التي تتميز بالأزمة منذ 2008، متسائلين عن مدى امكانية الاتحاد من أجل المتوسط في تقليص الفوارق بين شمال وحنوب المتوسط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *