درس الوعي واللاوعي للأولى باكلوريا

درس الوعي واللاوعي للأولى باكلوريا – مباهج الفلسفة
مدخل:
يعتبر سؤال “ما الانسان؟” سؤالا مركزيا في مجال التفكير الفلسفي . فمنذ القديم قال سقراط: “ياأيها الانسان اعرف نفسك بنفسك”.وقد قدمت عدة تعريفات لمفهوم الانسان؛ فاعتبره أرسطو حيوانا ناطقا وحيوانا سياسيا. كما عرفه شوبنهاور بأنه حيوان ميتافيزيقي، وعرفه كاسيرر بأنه حيوان رامز. كما اعتبره مجموعة من الفلاسفة بأنه حيوان صانع. لكن بالرغم من هذه التعريفات فإننا لا نجد أيا منها يمكن اعتباره تعريفا جامعا مانعا لمفهوم الإنسان .فسواء في الفلسفة أو العلوم الإنسانية فالبحث دائم من أجل فهم أبعاد الكائن البشري. وفي مجزوءة الانسان سنعالج بعض الإشكالات المتعلقة بالوعي واللاوعي والرغبة والمجتمع كخصائص أساسية تميز الإنسان . وهكذا سنحدد مفهوم الوعي وعلاقته باللاوعي وتمظهراتهما المختلفة. كما سنحدد مفهوم الرغبة وأوجه الاختلاف بينها وبين الحاجة، وعلاقتها بالإرادة والعقل. كما سنثير إشكالية الرغبة والسعادة. أما فيما يخص مفهوم المجتمع، فإننا سنتساءل عن أساس الاجتماع البشري، وعن علاقة الفرد بالمجتمع. كما سنعالج إشكال السلطة داخل المجتمع.
مفهوم: الوعي واللاوعي
تقديم: لقد اعتبرت الفلسفة منذ القدم بأن الوعي هو الخاصية الجوهرية التي تميز الإنسان عن باقي الأشياء والكائنات الأخرى. فالوعي يصاحب كل أفعال الإنسان وأفكاره، وهذا ما يسمى بالوعي التلقائي. كما يرتبط الوعي بالشعور وبمجموع الأحاسيس التي تجري داخل الذات، وهذا ما يسمى بالوعي السيكولوجي. كما أن الوعي يتمظهر على مستوى الحياة العملية، فنتحدث عن وعي أخلاقي أو وعي سياسي مثلا. فللوعي عدة أشكال ومظاهر، غير أن الدراسات الفلسفية والنفسية وضعت الوعي موضع استشكال ونقد، واعتبرته غطاءا خارجيا لا يمثل سوى سطح الذات أو الجهاز النفسي، بينما يمثل اللاوعي الجزء العميق من الذات. فما هو الوعي؟ وما علاقته باللاوعي؟ ومن منهما يتحكم أكثر في أفعال الإنسان وأفكاره؟ وهل يقدم لنا الوعي صورة حقيقية عن أنفسنا وعن الواقع؟
المحور الأول: الإدراك الحسي والشعور
* إشكال المحور: هل الوعي شعور ذاتي خالص أم إدراك حسي مباشر؟
І- موقف روني ديكارت: René Descartes
* تحليل نص، ص 10 : الأنا والوعي
1- إشكال النص: ما الأنا؟ وهل الوعي بالذات حقيقة بديهية؟
2- أطروحة النص: الأنا عند ديكارت هو جوهر مفكر أو ذات واعية. والوعي عنده هو حقيقة بديهية تدرك عن طريق الحدس العقلي، بحيث لا يرقى إليه الشك أبدا.
3- البنية المفاهيمية: * الأنا ← الوعي : يعتبر الوعي خاصية أساسية وثابتة تميز الأنا كجوهر مفكر. * العلاقة بين مفاهيم: الأنا، الشك والوجود: أنا أشك، وما دام الشك نوع من التفكير، فأنا أفكر. وإذا كنت أفكر، فأنا موجود. هكذا صاغ ديكارت ما أصبح يعرف بالكوجيطو الديكارتي: أنا أفكر، فأنا موجود.
4- البنية الحجاجية: اعتمد ديكارت في عرضه لأطروحته على أسلوب السؤال. ويمكن التمييز بين نوعين من السؤال في النص:
– السؤال الاستشكالي: وتدل عليه في النص المؤشرات اللغوية التالية: ” أي شيء أنا…؟”، “ما الشيء المفكر؟”. وهنا يتساءل ديكارت عن طبيعته وجوهره كأنا.
– السؤال الاستنكاري: وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية: * لم لا تكون…؟ * ألست أنا… ؟ * هل هنالك…؟ * هل هناك… ؟
ويريد ديكارت أن يثبت من خلال هذه الأسئلة ما يلي:
– للأنا المفكر خصائص مثل الشك والتصور والتخيل والإحساس، وهذه الخصائص لا تنفصل عنه.
– يتميز الأنا المفكر بالوحدة والثبات؛ فبالرغم من أنه تصدر عنه عدة أفعال، فإنه يظل هو هو وفي تطابق مع نفسه.
– إذا كان الأنا يفكر فهو موجود. وهذا الوجود هو وجود يقيني لا يرقى إليه الشك. فأنا موجود حتى في حالة النوم، وحتى في افتراض أن هناك قوة عليا تحاول أن تخدعني أو تضللني.
ІІ- موقف دافيد هيوم: D.HUME
* تحليل نص، ص11: الوعي بالذات والإدراك الحسي
1- إشكال النص: هل الإدراك الحسي شرط أساسي لحصول الوعي؟
2- أطروحة النص: لا يمكن للأنا أن يعي ذاته ويشعر بها من دون عملية إدراكية حسية. وبزوال الإدراك الحسي يزول الوعي بالذات، ولا يعود الأنا موجودا.
3- البنية المفاهيمية: * العلاقة بين الوعي والإدراك الحسي: لا يمكن أن يحصل الوعي بالذات إلا من خلال الإدراك الحسي. * العلاقات بين مفاهيم: الأنا، الإدراك الحسي، الوعي، الموت،الوجود والعدم: الإدراك الحسي هو شرط أساسي لوعي الأنا بذاته، وحيث أن الإدراك الحسي يزول بزوال الموت، فإنه يزول معه الوعي، فلا يعود الأنا موجودا، أي يغدو عدما خالصا.
4- البنية الحجاجية: استخدم دافيد هيوم أسلوبين حجاجيين رئيسيين من أجل توضيح أطروحته:
أ- أسلوب الدحض والتفنيد: ويتجلي في محاولة إبطاله للتصور الذي يتبناه الفلاسفة العقلانيون حول الوعي، حيث يعتقدون أن الوعي شفاف ومباشر، وأنه بسيط ويقيني وملازم للذات باستمرار.
ب- أسلوب المثال: حيث قدم لنا هيوم مثالين هما النوم الهادىء والموت، وبين من خلالهما أن الوعي أو الشعور بالذات يزول بزوال الإدراك الحسي، وهذا يدل على علاقة التلازم القوية الموجودة بينهما.
المحور الثاني: الوعي واللاوعي
* إشكال المحور: كيف يتداخل عمل الوعي واللاوعي في تحديد هوية الذات وفهم دلالات أفعالها؟
أولا: الوعي.
І- موقف إيمانويل كانط:
* تحليل نص: الأنا والوعي
1– إشكال النص: ما الذي يميز الإنسان عن الحيوانات والأشياء، ويمنحه قيمة وكرامة وسمو عليها؟ وهل يرتبط الوعي بالذات بالنطق بلفظ أنا؟
2– أطروحة النص: يتميز الإنسان عن الحيوانات والأشياء بقدرته على تصور ذاته ووعيه بها، وهو ما يجعله كائنا حرا، مسؤولا وذا كرامة لا تقدر بثمن. ويرتبط الوعي بالذات بالنطق بلفظ أنا أو على الأقل امتلاك تصور عنها.
3– البنية المفاهيمية:
* العلاقة بين النطق بلفظ أنا ومفهوم الوعي: لا يمكن الوعي بالذات إلا من خلال النطق بلفظ أنا، أو على الأقل امتلاك مدلول عنها؛ فحينما يبدأ الطفل بالنطق بلفظ أنا، فإنه ينتقل من الإحساس الحسي المباشر بذاته ليرتقي إلى مستوى التفكير فيها والوعي بها.
* العلاقة بين مفهومي الوعي وهوية الذات: إن الوعي بالذات هو الذي يمنحها هويتها، أي يكسبها وحدتها وتميزها عن باقي الأشياء والكائنات.
* العلاقة بين مفهومي الوعي والكرامة: إن الوعي هو الذي يمنح الإنسان قيمة وكرامة لا تقدر بثمن.
4- البنية الحجاجية: استخدم كانط أسلوبين حجاجيين رئيسيين من أجل إثبات أطروحته:
أ- أسلوب المقارنة: ويتجلى من خلال المقارنة بين الإنسان من جهة، والحيوانات والأشياء من جهة أخرى. وذلك من أجل إثبات أن الإنسان يتميز عنها بالخصائص الرئيسية التالية: العقل، الوعي، الحرية، المسؤولية والكرامة.
ب- أسلوب المثال: يتعلق الأمر بثلاثة أمثلة:
* مثال الإنسان غير القادر على النطق بالأنا: مثل الأبكم مثلا نظرا لوجود مشكل في أعضاء النطق. لكن بالرغم من ذلك فإن له القدرة على امتلاك تصور لها، مما يؤهله لكي يكون كائنا واعيا.
* مثال اللغات التي قد لا تتوفر على صيغة تعبيرية عن ضمير المتكلم أنا: لكنها مع ذلك تكون مضطرة على أن تتوفر على مدلول أو تصور أو فكرة عنه.
* مثال الطفل: الذي لا يكون في بداية تعلمه للغة قادرا على الإشارة إلى نفسه بلفظ أنا، وحينما يبدأ بالنطق به فإنه ينتقل من مستوى الإحساس الحسي الغريزي إلى مستوى التفكير والوعي بالذات.
ІІ- موقف كارل ماركس:
* تحليل نص: الوجود الاجتماعي والوعي
1- إشكال النص: ما هي العلاقة الموجودة بين الوعي والوجود الاجتماعي؟ ومن منهما يحدد الآخر؟
2- أطروحة النص: يرفض ماركس أن يكون الوعي هو الذي يحدد الوجود الاجتماعي، ويرى على العكس من ذلك بأن مختلف أشكال الوعي من أفكار وأخلاق وتصورات وإيديولوجيا وثقافة روحية هي انعكاسات للحياة العملية والمادية.
3- البنية المفاهيمية:
* الوعي: هو مجموع الأفكار والتصورات العقلية، وكذا الخبرات السيكولوجية التي تجري في الذات، والتي هي نتاج للعلاقات المادية والاجتماعية.
* الإيديولوجيا: هي مجموعة من الأفكار والتمثلات الزائفة التي تحركها دوافع اجتماعية ومادية. هكذا فالإيديولوجيا عند ماركس هي مرادفة للوعي الزائف أو المقلوب أو المشوه.
* العلاقة بين مفهومي الوعي والمجتمع: ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي، لكن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.
4- البنية الحجاجية: استخدم ماركس أسلوب التفنيد أو الدحض، والذي تدل عليه المؤشرات اللغوية التالية: ( إننا لا ننطلق من… لا… ليس… بل…) وهنا يفند ماركس الأطروحة المثالية التي يعتبر الفيلسوف الألماني هيجل من أبرز ممثليها، والتي تقول بأن الفكر هو الذي يحدد الواقع، وبأن الحياة الاجتماعية نتاج للوعي. وخلافا لهذا يرى ماركس بأن مختلف أشكال الوعي هي انعكاس لما يجري على مستوى الواقع من علاقات اجتماعية ومادية.
ثانيا: اللاوعي.
* تحليل نص فرويد: مشروعية فرضية اللاوعي
1- إشكال النص: ما الذي يتحكم في أفعال الإنسان وأفكاره، الوعي أم اللاوعي؟ وما الذي يجعل فرضية اللاوعي فرضية ضرورية ومشروعة؟
2- أطروحة النص: هناك الكثير من أفعال الإنسان وأفكاره لا يمكن تفسيرها انطلاقا من الوعي، بل هي صادرة عن دوافع لاواعية. وهذا ما يجعل فرضية اللاوعي ضرورية ومشروعة، خصوصا وأن الممارسة الطبية النفسية أثبتت نجاحها ومشروعيتها.
3- البنية المفاهيمية:
* اللاوعي: هو جانب عميق وخفي في الجهاز النفسي، يحتوي على دوافع ورغبات غريزية ومكبوتة.
* الظواهر القسرية: هي أفعال نفسية ناتجة عن دوافع لاشعورية تطفو على مستوى الوعي دون أن يستطيع الفرد التخلص منها.
* العلاقة بين مفهوم اللاوعي ومفهومي الهفوات والأحلام: تعتبر الهفوات والأحلام من أهم مظاهر اللاوعي، فهما شكلان من أشكال التعبير عن دوافعه ورغباته المكبوتة.
4- حجاج النص: قدم فرويد مجموعة من الحجج لإثبات مشروعية فرضية اللاوعي:
– معطيات الوعي ناقصة ولا يمكنها تفسير وفهم الكثير من الأفعال النفسية كالهفوات والأحلام مثلا.
– تثبت التجربة اليومية أن هناك أفكار تخطر على الإنسان دون أن يكون مصدرها هو الوعي. فإذن لا يمكن أن تكون صادرة إلا عن دوافع لاواعية.
– فرضية اللاوعي هي فرضية مشروعة لأن التجربة العلمية أكدت نجاحها على مستوى علاج الكثير من الأمراض النفسية.
المحور الثالث: الإيديولوجيا والوهم
* إشكال المحور: هل بإمكان الوعي أن يمنحنا صورة حقيقية عن ذواتنا وواقعنا؟ ألا تتدخل الإيديولوجيا والوهم في تزييف الوعي وقلب صورة الواقع؟
І- موقف فرنسيس بيكون:
* تحليل نص: الأوهام المحدقة بالعقل البشري
1– إشكال النص: هل كل ما يقدمه لنا العقل حقيقي؟ ألا يمكن أن تحيط به مجموعة من الأوهام؟ وما هي أهمها؟
2- أطروحة النص: يرى بيكون أن العقل لا يقدم لنا دائما صورة حقيقية عن الواقع وعن أنفسنا، فهو غالبا ما يكون محاطا بكثير من الأوهام، اختصرها بيكون في أربعة أنواع يمكن تحديد خصائصها كما يلي:
* أوهام القبيلة: – عامة ومشتركة بين كل الناس. – ملازمة ومتأصلة في الطبيعة البشرية. – مرتبطة بالعقل البشري الذي يشوه خصائص الأشياء و يغير من شكلها.
* أوهام الكهف: – ذاتية وخاصة بكل فرد. – ناتجة عن تجارب الفرد، وقراءاته، وارتباطه بشخصيات نموذجية.
* أوهام السوق: – خاصة بجماعة بشرية ما. – تنشأ عن العلاقات التجارية بين الناس. – ناتجة عن تجمع الناس وتواصلهم بواسطة اللغة كمنشإ للأوهام.
* أوهام المسرح: – ترتبط بالمعتقدات والمذاهب الفلسفية. – ناتجة عن قواعد الاستدلال التي يساء استعمالها.
3- الأساليب الحجاجية: لتوضيح أفكاره استخدم فرنسيس بيكون مجموعة من الأساليب الحجاجية:
أ- أسلوب الجرد والإحصاء: ويتجلى من خلال تقسيمه للأوهام إلى أربعة أنواع، واستخدام الأرقام في ذلك: 1…2…3…4…
ب- أسلوب الاستعارة: ويتجلى في تشبيه أفكار ذات طابع عقلي مجرد بأشياء ذات طابع حسي ومشخص؛ هكذا فقد شبه الأوهام العامة بأوهام القبيلة لأنها تتعلق بالجنس البشري ككل، وشبه الأوهام الذاتية بأوهام الكهف لأن داخل ذات كل فرد يوجد عالم غامض وعميق (اللاوعي) شبيه بظلام الكهف. كما شبه أوهام الجماعة بالسوق لأنها تتعلق بالتجارة وبتواصل الناس بواسطة اللغة، وشبه الأوهام المذهبية بالمسرح نظرا لأن كل مذهب له طقوسه ومشاهده، وأدوار موزعة داخله شبيهة بما يحدث على خشبة المسرح.
ج- أسلوب التشبيه: وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية: – “العقل البشري يشبه…” – “المذاهب الفلسفية هي مثل…” هكذا شبه بيكون العقل البشري بالمرايا المتراتبة، لأن كلا منهما يقدم صورة مشوهة عن الواقع ويغير من شكل الأشياء. كما شبه المذاهب الفلسفية بالمسرحيات، لأن كلا منهما تخلق في الذهن عوالم وهمية.
І- موقف لويس ألتوسير:
* تحليل نص: الإيديولوجيا واللاوعي
1- إشكال النص: ما هي الإيديولوجيا؟ وهل هي نتاج للوعي أم اللاوعي؟ وهل تعبر عن علاقة حقيقية للناس بظروف عيشهم؟
2- أطروحة النص: يرى ألتوسير بأن الإيديولوجيا بنية جوهرية في تاريخ المجتمعات البشرية، وأنها عبارة عن مجموعة من الصور والتمثلات والتخيلات التي تعبر عن معاناة الناس بظروف عيشهم، وتفرض نفسها عليهم كبنيات ووفقا لعمليات يجهلون مدلولها. كما تعبر الإيديولوجيا عن آمال وحنين الناس لمجتمع أفضل. وبذلك فهي لا تعكس الواقع الحقيقي للناس، بل تقدم صورة وهمية عنه.
3– البنية المفاهيمية:
* الإيديولوجيا: هي بنية جوهرية في تاريخ المجتمعات البشرية، وهي عبارة عن صور وخيالات تعبر عن علاقة الناس بعالمهم، وهي في الغالب تقدم صورة وهمية عن الواقع الحقيقي للناس.
* البنية: هي نسق يتكون من مجموعة من العناصر المنظمة التي تدخل فيما بينها وفقا لعلاقات محددة بحيث تتوقف كل علاقة على باقي العلاقات الأخرى.
* العلاقة بين مفهومي الإيديولوجيا واللاوعي: الإيديولوجيا هي بنية لاواعية، إنها صور وخيالات ناتجة عن عمليات ودوافع لاواعية. * العلاقة بين مفهومي الإيديولوجيا والواقع: هي علاقة لاواعية في جوهرها، فهي علاقة مركبة أو علاقة من الدرجة الثانية؛ ذلك أن الإيديولوجيا لا تعبر عن العلاقة الحقيقية للناس بظروف عيشهم، بل تعبر عن تصورات فكرية عن هذه العلاقة. ولذلك فالإيديولوجيا تقدم لنا صورة وهمية خيالية تعبر عن رغبة وطموح الإنسان إلى عالم أفضل أكثر مما تعبر عن واقع حقيقي فعلي.
4- الأساليب الحجاجية: استخدم صاحب النص من أجل عرض أفكاره وتأكيد أطروحته، مجموعة من الأساليب الحجاجية:
أ- أسلوب الدحض والاعتراض: *المؤشرات اللغوية الدالة عليه: – ” ليست الإيديولوجيا شذوذا…” – ” علينا ألا ننخدع…” *مضمونه: يعترض ألتوسير على التصور الذي يرى أن الإيديولوجيا زائدة وعرضية في التاريخ، ويعتبر على العكس من ذلك بأنها متجذرة وجوهرية في تاريخ المجتمعات البشرية. كما يدحض ألتوسير أطروحة ماركس التي تقول إن الإيديولوجيا هي تمثلات واعية وصادرة عن الوعي، ويقول خلافا لذلك إنها في جوهرها عبارة عن صور وخيالات تفرض نفسها على الناس بكيفية لاواعية.
ب- أسلوب العرض والتأكيد: * المؤشر اللغوي الدال عليه: – ” إنها بنية جوهرية…” – ” ففي حقيقة الأمر إن…”
ج- أسلوب الاستنتاج: * المؤشر اللغوي الدال عليه: – ” تتعلق الإيديولوجيا إذن…” * مضمونه: يستنتج ألتوسير بأن الإيديولوجيا، كصور وخيالات وتمثلات، تعبر عن معاناة الناس وعلاقتهم بظروف عيشهم. فهي علاقة من الدرجة الثانية، أي علاقة بالعلاقات أو علاقة مركبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *