مدخل التزكية: الإيمان وعمارة الأرض للأولى باك

مدخل التزكية: الإيمان وعمارة الأرض للأولى باك جميع الشعب والمسالك

الوضعية :

في نقاش بين زميلين حول عمارة الأرض و الوجود الإنساني أشار محمد إلى أن الإسلام يقدم أروع صورة لعمارة الأرض و الإنسان المستخلف في ظل عقيدة التوحيد و حقيقة الإيمان . بينما أشار سعد إلى أن الحضارة الغربية و ما حصلته من تقدم على المستوى المادي و التقني تمثل أفضل نموذج لعمارة الأرض .
بين موقفك من هذين الرأيين ؟

أولا: قراءة النصوص و تحليلها:
1- النصوص :
النص الأول :  (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) سورة يوسف الآيات 55-56-57
النص الثاني: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ) سورة يوسف الآية 47
النص الثالث: (وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ) سورة هود الآية 60

2- القاموس :
حفيظ عليم : صاحب أمانة وعلم
يتبوأ منها : يتصرف وفق عدل الله
دأبا : كعادتكم بجد وعزيمة
أنشأكم : خلقكم و جعلكم خلفاء له في الأرض
استعمركم : جعلكم من عمار الأرض مستخلفين عنه عزوجل

3- المضامين :
النص الأول : تمكين يوسف عليه السلام من خزائن الأرض دليل على نموذج الإنسان المعمر لا المفسد
النص الثاني : التدبير الفلاحي الذي عمد له يوسف عليه السلام دليل على الإعمار الجيد لأرض مصر
النص الثالث : اعتبار العبادة مقصدا ساميا لعمارة الأرض و تحقيق الاستخلاف.

ثانيا : التحليل
المحور الأول: مبدأ الاستخلاف أساس عمارة الأرض .
 1- مفهوم الاستخلاف و عمارة الأرض
عمارة الأرض :
لغة : العمارة من عمر الأرض أي بنى عليها و أصلحها, و استعمره أي جعله يعمر, و العمارة نقيض الخراب و الهدم و الدمار
اصطلاحا : تعمير الأرض نسبة إلى العمران و هي استمرارية الوظيفة الإنسانية القائمة على العمل الصالح بجهد الإنسان و عمله المؤدي إلى الانتفاع بخيرات الأرض بما يحقق مرضاة الله
مبدأ الاستخلاف:
لغة : الاستخلاف لغة من الخلافة و هي مصدر خلف يخلف خلافا أي تعاقب و تداول و تطلق أيضا النيابة
اصطلاحا : تطلق على إنابة الإنسان و توكيله عن الله عزوجل في الأرض لعمارتها و تنفيذ مراده و تحقيق مشيئته .
2- مبدأ الاستخلاف أساس عمارة الأرض
الاستخلاف مهمة و أمانة اختارها الله عزوجل للإنسان يوم أصدر الإعلان الكوني فقال :“ إني جاعل في الأرض خليفة ” فكانت مهمته الأساسية هي إعمار الأرض و استثمار خيراتها التي أودعها الله في هذا الكون , قال تعالى  : “هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها … ” فتأسس هذا الإعمار على منهج رباني أساسه الإصلاح و العدل و الإحسان و استغلال ثروات الأرض قال عزوجل : “ و هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ”. فيكون اعمار الأرض غاية لا تتحقق إلا بالعبادة , الطاعة و  العمل.

المحور الثاني : النهي عن الإفساد في الأرض:
مفهوم الإفساد:
الإفساد لغة : من فسد يفسد فسادا و إفسادا أي خروج الشيء عن حد الإعتدال فهو ضد الإصلاح .
اصطلاحا : هو كل اعتداء على الدين أو العقل أو المال أو العرض أو النفس فيكون غايته الدمار و الخراب
موقف الإسلام من الإفساد:
نهى الإسلام عن الإفساد في الأرض فجاءت آيات كثيرة موضحة ذلك كقوله عزوجل:“ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها. ”و قوله أيضا :“ ولا تعثوا في الأرض مفسدين. ”حيث اعتبر الفساد شرا و بلاءا يترتب عنه دمار و خراب و من أنواعه : الشرك و هو من أعظم أنواع  الفساد في الأرض , القتل و الإرهاب , زرع التفرقة و العنصرية سوء استغلال الموارد الإقتصادية و سوء استعمال وسائل الإعلام…

المحور الثالث : واجب المؤمن عمارة الأرض و اصلاحها :
إن المسلم مطالب بتعمير الأرض بعلم نافع و عمل متقن و بأمانة و مسؤولية بعيدا عن كل ما يخل بالفطرة الإنسانية لأن عمارة الأرض بما هو صالح واجب على كل مؤمن عرف بالكفاءة و الإستحقاق و امتلاك القدرة على القيادة و التخطيط بشكل متوازن بما يحقق المصلحة العامة و الخلافة الحقيقية قال تعالى :“ وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ليتبوأ منها حيث يشاء … ” ولا يكتمل اعمار الأرض على الوجه الحقيقي إلا اذا اقترن الإيمان بالعمل الصالح الذي يكون مردوده ايجابيا على الفرد و المجتمع , قال تعالى :“ إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات إنا لا نضيع أجرمن أحسن عملا ”

كيف أمتثل لتوجيهات الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم لعمارة الأرض ؟
ـ السعي لطلب العلم لأن تحقيق عمارة الأرض يرتكز على قوة العلم المصحوب بالعمل .
ـ أن أكون عنصرا مصلحا لا مفسدا مقتديا بالأنبياء و عباد الله الصالحين .
ـ أسعى لتحقيق الغاية من تعمير الأرض فأكون عابدا مطيعا لله عز وجل .
ـ أغير السلوكات الخاطئة التي هي سبب في الإفساد و الدمار في الأرض .

ذة . م بوجخار

تعليق واحد

  1. شكراااا على المجهود . هناك خطأ في الآية – وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوا منها حيت يشاء – وليس ليتبوأ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *