درس التاريخ: التطورات السياسية والإجتماعية في العالم الإسلامي -ن2-

درس التاريخ: التطورات السياسية والإجتماعية في العالم الإسلامي للجذع المشترك

النموذج الثاني

تمهيد إشكالي:

تزامن امتداد النفوذ العثماني بالضفة الجنوبية مع ظهور السعديين بالمغرب وارتبط ذلك بتحولات سياسية وعسكرية فرضت على العالم الإسلامي ضرورة التحرك للحفاظ على كيانه السياسي والدفاع عن كيانه الترابي بكل الوسائل الممكنة.

  • فما الوسائل الإدارية والعسكرية التي عملت على تحقيق هذه الغاية؟
  • وكيف أصبح الوضع الديني والاجتماعي في ظل هذا الظرف خلال القرنين 15 و16م؟

اتخذ التنظيم السياسي والإداري والعسكري للإمبراطورية العثمانية عدة مظاهر خلال القرنين 15 و16م:

اعتمد العثمانيون على جهاز إداري مركزي وآخر محلي:

تشكلت الإدارة المركزية من العناصر الآتية:

أ – الباب العالي: وهو أعلى سلطة تتجسد في قوة السلطان المستمدة من قوة جيشه، وهذا اللقب كان يطلق على الحكومة العثمانية ويعني في الأصل قصر السلطان، وقد لقب السلطان العثماني بعدة ألقاب “البرين” و”البحرين” حاميا الحرمين الشريفين، وكانت له سلطة مطلقة (تنفيذية تشريعية وقضائية باستثناء الأمور الإسلامية).

ب – الصدر الأعظم: أعلى منصب بعد السلطان وهو رئيس الوزراء ورئيس الديوان يعين الجيش وجميع المناصب الإدارية المركزية أو الإقليمية.

ت – الدفتر دار: المكلف بالشؤون المالية وحساب مواردها ومصاريفها، وهو يلي الصدر الأعظم كما يتمتع بحق تقديم العرائض المالية للسلطان.

ث – الكاهية باشا: الموظف العسكري الذي يتكلف بتسيير الشؤون العسكرية للإمبراطورية.

و – الشاوس باشا: موظف ينفذ الأحكام القضائية التي يصدرها القضاة.

د – رئيس الكتاب: هو كاتب السلطان مهمته جمع القوانين.

ذ – مجلس الديوان: يشرف على تسيير الشؤون العامة للدولة وهو أهم مجلس يقدم اقتراحات للسلطان أو للصدر الأعظم.

و – شيخ الإسلام: إصلاح الفتاوى الشرعية.

كان للانتماء المجالي تأثير كبير على وضعية ومكانة صاحب منصب ما، ويتمثل ذلك في تراتبية أجهزة الدولة العثمانية، وفيما يخص بروتوكول الاستقبال. فقاضي الرميلي كان أقرب وأعلى مكانة للسلطان من قاضي أناضول هذان القاضيان أول من يدخل على السلطان يليهما الوزير الأعظم والثاني والثالث ثم رئيس الكتاب ورئيس بيت المال ولا يرى غيرهم.

الجهاز الإداري المحلي في الإمبراطورية العثمانية:

كانت الدولة العثمانية تنقسم إلى مقاطعات (سناجق) وعلى رأس كل مقاطعة وال “سنجق بك” له اختصاصات عسكرية وإدارية يساعده ديوان وصوباشي (وهو ضابط أمن بصفة أساسية) بعد اتساع أطراف الإمبراطورية أصبحت تضم ألوية جديدة كان من الصعب ربطها بالعاصمة فاضطرت الدولة إلى ضم عدد منها في ولاية واحدة وعين على كل رأس ولاية أمير أمراء الألوية (بكلربك).

ساهم الجيش في تركيز نفوذ الدولة العثمانية:

العناصر المكونة للجهاز العسكري في الإمبراطورية:

كانت عناصر الإنكشارية تتلقى تربية إسلامية وهناك قانون داخلي نظم علاقات هذه العناصر مع بعضها البعض، وومنع الزواج طيلة مدة الخدمة العسكرية وفرض عليها الطاعة المطلقة مما جعل عناصر هذا الجيش تفقد روابطها الأصلية دون أن تستطيع اكتساب روابط جديدة مما حي لديها روح الجماعة المهنية وروح الولاء لعرش السلطان، كما كانت عناصر الإنكشارية تتكون من أسرى الحرب، وأصبحت الإنكشارية في نهاية ق 15م من أهم الفيالق العسكرية التي تسترد إليها الدولة، وقد أبان هذا الجيش في مرحلة قوة الدولة العثمانية عن انضباط كبير وقوة دفاعية أكسبتها هيبة كبيرة في الداخل والخارج، ومن وظائف السباهية أنهم كانوا يشكلون ما يسمى بالتيمار العسكري وهو نظام يمكن جيش السباهية (الخيالة) من إدارة الأراضي الزراعية (التيمارات) التي تسلم لهم مقابل خدماتهم في الجيش ويقومون أيضا بجمع الضرائب من الفلاحين ولا يتلقون أجورهم من الخزينة العثمانية، والسباهية كانوا أكثر عددا ويتوفرون على امتيازات اجتماعية أحسن من الإنكشارية، فالجيش كان يقوم بأدوار تتمثل في المحافظة على الأرض والاستقرار وقمع الثورات.

التجهيزات والمعدات العسكرية العثمانية:

استخدم الجيش العثماني السلاح الناري منذ ظهوره وانتصرت فرقته المدفعية كما انتصر بقوته العسكرية، إلا أنه تلقى هزيمة من طرف البنادقة في غاليبولي سنة 1416م الشيء الذي حملهم على التفكير جديا في إنشاء أسطول بحري وتجهيزه تجهيزا محكما من أجل حماية شواطئهم وفرض سيادتهم في البحر الأسود والبحر المتوسط ومواجهة القرصنة ودعم حركة الجهاد البحري ضد المسيحيين.

تطور التنظيمات بالمغرب خلال القرنين 15 و16م:

الوضعية السياسية بالمغرب خلال القرنين 15 و16م:

في أواخر القرن 15م وبداية القرن 16م، دخلت الدولة الوطاسية مرحلة الضعف، فانقسم المغرب إلى عدة إمارات، واحتل الإيبيريون (البرتغاليون والإسبان) المراكز الساحلية الأطلنتية والمتوسطية، وفي منتصف القرن 16م تأسست دولة السعديين التي وضعت حدا للأطماع العثمانية، وانتصرت على البرتغاليين في معركة وادي المخازن سنة 1578م، وقامت بضم بلاد السودان (إفريقيا السوداء خاصة الغربية) في عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي (1578-1603م).

التنظيمات الإدارية للدولة السعدية:

تشكلت الإدارة المركزية لدولة السعديين من العناصر الآتية:

أ – السلطان: الذي كان يجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية.

ب – الموظفون السامون: من أبرزهم الحاجب الذي يعد المسؤول الأول في الحكومة.

ج – صاحب خزائن الدار: الذي يشرف على الشؤون المالية.

د – صاحب المظالم: الذي يتلقى الشكايات ويرفعها إلى السلطان للبث فيها.

قسمت المملكة المغربية إلى عدة أقاليم يرأس كلا منها الوالي أو عامل الإقليم الذي يستعين بمجموعة من الموظفين منهم القاضي وصاحب الشرطة وشيوخ القبائل وأمناء الحرفيين والجباة (المكلفون بجمع الضرائب).

التنظيمات العسكرية والمالية:

تنوعت العناصر المكونة للجيش السعدي والتي تمثلت في أفراد القبائل المغربية وخاصة قبائل سوس، بالإضافة إلى العرب ذوي الأصول الأندلسية (الموريسكيون) والأتراك والأوربيين، كما أنشأ السلطان أحمد المنصور الأسطول الحربي، وعمل على تحصين بعض الموانئ خاصة العرائش والرباط وسلا، وقد تعددت مداخيل الدولة السعدية في عهد أحمد المنصور، إذ شملت الضرائب، والرسوم الجمركية، وعائدات تجارة القوافل ومصانع السكر واستغلال المناجم، بالإضافة إلى غنائم معركة وادي المخازن.

الأوضاع الدينية والاجتماعية في العالم الإسلامي خلال القرنين 15 و16م:

الأوضاع الدينية في العالم الإسلامي:

في القرن 16م كان المذهب السني هو الأكثر انتشارا في العالم الإسلامي وخاصة في الإمبراطورية العثمانية والمغرب وشبه الجزيرة العربية، في المقابل انحصر المذهب الشيعي في بلاد فارس.

الأوضاع الاجتماعية في العالم الإسلامي (المغرب كنموذج):

خضع المجتمع المغربي لتنظيم قبلي حيث شمل قبائل عربية وأخرى أمازيغية، وتألف المجتمع المغربي من طبقتين هما: الطبقة الفقيرة التي شكلت الأغلبية، وعانت من المجاعات والأوبئة، والطبقة الغنية التي كانت تمثل الأقلية، لكنها استفادت من عدة امتيازات.

عاش في المغرب بعض النصارى واليهود الذين استقروا في أحياء خاصة بهم عرفت باسم الملاح.

خاتمــــة:

كانت هذه التطورات السياسية والاجتماعية انعكاسا مباشرا للتحولات الاقتصادية التي شهدها العالم الإسلامي في القرنين 15 و16م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *