درس التاريخ: الاكتشافات الجغرافية وظاهرة الميركنتيلية -ن3-

درس التاريخ: الاكتشافات الجغرافية وظاهرة الميركنتيلية للجذع المشترك

النموذج الثالث

مقدمـة:
قامت أوربا خلال القرنين 15 و 16 بالبحث عن طريق جديدة نحو الهند لحاجتها إلى المواد الآسيوية (التوابل والحرير) وللتعرف على عوالم جديدة.
– فما هي طبيعة هذه الاكتشافات وامتدادها المجالي؟
– وما هي دوافعها ونتائجها؟
– وما هي خصائص الميركنتيلية كأساس للفكر الاقتصادي؟

І ـ تعددت دوافع الاكتشافات الجغرافية، واتسع مجال امتدادها المجالي خلال القرنين 15 و 16:
1 ـ الاكتشافات الجغرافية وامتدادها المجالي:
الاكتشافات الجغرافية الكبرى هي رحلات بحرية قامت بها بعض دول أوربا الغربية خلال القرنين 15 و 16م ومكنتها من الوصول إلى مناطق جدية بإفريقيا وأمريكا وآسيا.
تزعمت حركة الاكتشافات عدة دول أوربية كإسبانيا، حيث قام كريسطوف كولومب برحلات اكتشف خلالها جزر البهماس بأمريكا الوسطى معتقدا أنه وصل إلى الهند، لكنه كان قد اكتشف قارة جديدة (أمريكا) كما أكد ذلك خلفه أمريكو فسبوتشي.
قام البرتغالي فاسكو دي كاما برحلته نحو الهند عبر سواحل إفريقيا، كما أن بارطولومي دياز وصل على أقصى نقطة بجنوب إفريقيا (رأس الرجاء الصالح).
التحقت كل من فرنسا وإنجلترا بالدول المستكشفة، فشملت رحلاتهما أراضي كندا وسواحل أمريكا الشمالية  (الفرنسي كومبي، والإنجليزي كابو).
وقع نزاع استعماري بين إسبانيا والبرتغال حول المستعمرات، فتدخل البابا لحله من خلال التوقيع على معاهدة TORDESILIA، حيث حصلت البرتغال على أراضي بإفريقيا وآسيا والبرازيل، في حين استولت إسبانيا على ما تبقى من الراضي الأمريكية.

2 ـ تعددت دوافع الاكتشافات الجغرافية الكبرى:
أ – الدوافع الاقتصادية والتقنية والعلمية:
رغب الأوربيون في تجاوز الوساطة العربية والإيطالية وذلك للوصول مباشرة إلى المناطق المنتجة للتوابل والحرير والذهب بسبب متطلبات النهضة الاقتصادية والديمغرافية والنقدية.
تتجلى الدوافع العلمية والتقنية في تقدم العلوم كالرياضيات والفلك والملاحة البحرية واختراع سفن جديدة (الكرافيلا) وخرائط بحرية (البورتلان) والاستفادة من البوصلة والأسطرلاب.

ب – الدوافع الدينية والسياسية:
شجعت الكنيسة الاكتشافات الجغرافية بهدف ديني تمثل في العمل على نشر الديانة المسيحية بمناطق جديدة ومحاصرة الإسلام (الروح الصليبية وحروب الاسترداد)، فعمل البابا على منح امتيازات مالية لإسبانيا والبرتغال لتحقيق طموحاته الدينية.
تفوق الإيبيريون (إسبانيا والبرتغال) على باقي الدول الأوربية في حركاتهم الاستكشافية، بفضل توفرهم على دولة مركزية قوية وجيش منظم وسيطرتهم المطلقة على البحار.

ІІ ـ خلفت الاستكشافات الجغرافية عدة نتائج، كان لها تأثير كبير على أوربا وبقية العالم:
1 ـ أساليب تدبير المستعمرات وانعكاساتها:
زاحم البرتغال المغرب بخصوص ذهب السودان عندما وصلت سفنهم إلى مناطق الإنتاج (غرب إفريقيا) حيث أقاموا مراكز تجارية بالهند والصين وإفريقيا الغربية، فحصلوا على كميات هائلة من التوابل والذهب، كما استخدموا العبيد في الأراضي الفلاحية بالعالم الجديد.
شن الإسبان عملية إبادة واسعة ضد السكان الأصليين (الهنود الحمر) عن طريق الاسترقاق والاستغلال والحروب فتم القضاء على حضارات عريقة (الأنكا، الأزتيك والمايا) وذلك بسبب تعطش المعمرين للذهب والفضة.

2 ـ نتائج الاكتشافات الجغرافية:
تحولت طرق التجارة العالمية من البحر المتوسط نحو المحيط الأطلنتي، وازدهرت مدن بالسواحل الأطلنتية كلندن  وبوردو وأنفرس، كما وصلت كميات كبيرة كن المعادن النفيسة لأوربا من العالم الجديد مما انعكس إيجابيا على تجار أوربا.
استفادت الطبقة البورجوازية بازدياد ثرواتها، في حين انعكس ذلك سلبا على العمال والحرفيين الذين انخفض مستوى عيشهم وازدادت نسبة الفقر بينهم بسبب تدني الأجور وارتفاع الأسعار.
تفوقت الإمبراطورية الإسبانية وتوسعت مداخيلها، بينما ضعفت الإمبراطورية البرتغالية بسبب قلة سكانها حيث عجزت عن التوغل داخل المستعمرات واقتصرت على الاستقرار بالسواحل.
ІІІ ـ لعبت المركنتيلية دورا كبيرا في تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية بأوربا خلال القرنين 15 و16م:
1 ـ مفهوم المركنتيلية وأسسها:
استفادت الطبقة التجارية والطبقة الحاكمة من تدفق المعادن النفيسة من العالم الجديد على أوربا، حيث وجدت الدول الناشئة مصلحتها في القوة الاقتصادية للطبقة البورجوازية ومفكريها، فوجدت حلول فكرية واقتصادية تخدم المصالح السياسية والاقتصادية المشتركة، حيث ظهرت مدرسة التجاريين التي امتدت من القرن 15 إلى القرن 18م.
اشتقت المركنتيلية من الكلمة الإيطالية Mercante، وهي نظرية اقتصادية تجارية اعتبرت أن الثروة أساس قوة الدولة، وأن الثروة الحقيقية تتجلى في وفرة الذهب والفضة، إذ أن الهدف من السياسة الاقتصادية هو تحقيق تلك القوة.

2 ـ خصائص ومظاهر المركنتيلية بأوربا:
لتوفير أكبر كمية ممكنة من الذهب والفضة، سلكت دول أوربا سياسات مختلفة:
– إسبانيا: اكتفت بمنع إخراج المعادن النفيسة من البلاد، والعمل للحصول على كميات منها من المستعمرات دون وساطة.
– فرنسا: ركزت سياستها الاقتصادية على التصنيع وتشجيع الصادرات بواسطة شركات تتكلف بالتسويق وفرض سياسة حمائية على السلع المصنعة.
– إنجلترا: عملت على احتكار التجارة في البحار بواسطة أسطولها البحري القوي وشركاتها التجارية المتعددة.

خاتمـــــــــــة:
لعبت مجموعة من العوامل دورا كبيرا في نجاح الاستكشافات الجغرافية التي قسمت العالم إلى دول  وأخرى متضررة، كما لعبت المركنتيلية دورا مهما في تطور النظام الرأسمالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *