موجة غضب بعد الحديث عن حذف الترقية بالأقدمية

يواجه محمد مبديع، الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، عاصفة غضب عارمة في أوساط الموظفين والنقابيين، بسبب تصريحاته ومشاريع إصلاح القوانين الأساسية للوظيفة العمومية التي اعتبروها إقصائية “تجزل العطاء لموظفي الأقاليم الصحراوية وتفقر باقي الموظفين الآخرين، بل تحرمهم من عدد من المكاسب والامتيازات السابقة مثل الترقية بالأقدمية”.
وأطلق مبديع من الداخلة، قبل أيام، تصريحا حماسيا قال إن إصلاح الإدارة وتخليقها سيغير النظرة إلى الوظيفة العمومية أداة لتوزيع الثروة، في الوقت نفسه طمأن موظفي الأقاليم الصحراوية بأن امتيازاتهم لن تمس، ما اعتبره نقابيون وموظفون تناقضا صارخا وتمييزا فاضحا بين أبناء الشعب الواحد.
وقال نقابي إن الوزير يضرب بمثل هذه التصريحات الإقصائية توجيهات جلالة الملك في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء عرض الحائط، وخصوصا الفقرة التي يقول فيها جلالته “وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع، فإما أن يكون المواطن مغربيا، أو غير مغربي. وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف، والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة، فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة. ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة، والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن”. وأكد المصدر ذاته نفسه ان مخطط مبديع يعتبر إجهازا على مكتسبات الموظفين الذين راكموها بعد سنوات طويلة من النضال والسجون والمعتقلات والتوقيفات والطرد، وبعد عدد من المحطات الوطنية الكبرى والإضرابات التي انطلقت من 1981 وتواصلت سنة 1990 واستمرت سنوات 1994 و2002، وصولا إلى الإضرابين الوطنيين لـ23 شتنبر و29 أكتوبر الماضيين.
وقال المصدر إن مبديع جاء في آخر المطاف ليشطب على كل ذلك بجرة قلم، مقترحا إلغاء الترقية بالأقدمية “التي لا تزال شريحة كبيرة من الموظفين يطالبون بتحسينها، ثم إلغاء نظام الكوطة”، مؤكدا أن ملف الترقية كان ضمن أهم النقاط المدرجة في الحوارات الاجتماعية منذ حكومة عبد اللطيف الفيلالي، ثم اتفاق فاتح محرم مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي، إذ استفاد عدد كبير من الموظفين من الترقية الاستثنائية لسنوات 1997 و1998 و1998 و1999، ثم مراجعة الأنظمة الأساسية للأطباء المهندسين والمتصرفين التقنيين واستفادة الممرضين من التعويض عن الأخطار وترسيم أكثر من 1600 عون موسمي.
وبعد اليوسفي، جاء إدريس جطو الذي قرر الاستفادة من الترقية الاستثنائية لسنوات 2000 و2001 و2002 وزيادة 600 درهم من السلم 1 إلى السلم 9 والزيادة في أجور المتصرفين والأطر المماثلة. وسار عباس الفاسي، الوزير الأول السابق، على النهج نفسه حين قرر استفادة جميع الموظفين من 600 درهم والرفع من نسبة الكوطا من 22 إلى 32 في المائة في إطار الترقي والاستفادة من التسقيف في الكوطا.
وأكد المصدر النقابي نفسه أن الحكومة الحالية جاءت لتجهز على جميع هذه المكاسب وتضرب عرض الحائط جميع الحقوق التي راكمها الموظفون على مدى سنوات، في وقت تغلق فيه أبواب الحوار الاجتماعي مع النقابات وتواصل تنزيل قراراتها المجحفة والانفرادية واللاشعبية.
وأكد أنه أمام عجز الحكومة على تنزيل الدستور الجديد وتحقيق الشعارات الانتخابية، مثل القضاء على الفساد والعدالة الاجتماعية ووضع حد لاقتصاد الريع وربط المسؤولية بالمحاسبة، فإنها تعود في كل أزمة إلى الإجهاز على ما تبقى من مكتسبات للموظف البسيط الذي ظل ملتزما بدفع كل مستحقاته لصندوق التقاعد، وهو نفسه الذي يدفع فاتورة الفساد المالي وسوء التدبير باقتطاعات من تقاعده وبزيادة من سنوات الخدمة من عمره.

 

يوسف الساكت : موقع الصباح بريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *