درس التقنية والعلم للسنة الأولى باك -في رحاب الفلسفة-

درس التقنية والعلم للسنة الأولى باك -في رحاب الفلسفة-

التقنية و العلم

-تقديم يعيش الإنسان المعاصر الحضارة وسط زخم التقنية بين عدة أجهزة وآلات مختلفة أنتجتها التكنولوجيا الحديثة فانتظمت حياته أفرادا وجماعات بانتظام كل ميادين الحياة بانتظامها، فمن الميدان السياسي إلى الاقتصادي نجد المعدات والآلية تخترق الحياة البشرية حتى أضحت مألوفة لدى الناس ولا يستطيعون العيش بدونها، وخير مثال على هذا ما يطبع العالم اليوم من انتشار موحد لنماذج التنمية والتصاميم والمخططات وتطور أدوات التواصل واكتساح الإعلاميات لكل الحقول، وفرض مفهوم جديد عن الزمان، كل هذا لم يعد يخص منطقة من مناطق العالم دون أخرى بل أضحى العالم قرية صغيرة. المعنى الشائع لمفهوم التقنية في اللسان العربي نجده يقابل العلم، كما يقابل الممارسة النظرية وتطبيق المعرفة، ثم أنها شيء محايد، وهي ليست خيرا في ذاته ولا شرا في ذاته، إنما مجرد وسيلة تتخذ معناها من التوظيف التي توظف فيه. ويعرف معجم لالاند التقنية بأنها “مجموعة من العمليات والإجراءات المحددة تحديدا دقيقا، والقابلة للنقل والتحويل والرامية إلى تحقيق بعض النتائج التي تعتبر نافعة. يشير هذا التعريف في دلالاته الأولى إلى كل إنتاج لأشياء مختلفة (أدوات، آلات..) لا تستطيع الطبيعة توفيرها وإنتاجها بذاتها، ويحمل دلالات ثانية يمكن أن نجملها في كونه أولا بتركيزه على خاصية التحديد الدقيق يقصي من دائرة التقنية كل الوسائل التي لا تتلاءم بصفة مع الأغراض التي صنعت من أجلها، وفي كونه ثانية يربط التقنية بخاصية النقل والتحويل وهو ما يضفي عليها طابعا اجتماعيا تصبح التقنية بمقتضاه قابلة للتعلم والاكتساب والتطوير والانتشار داخل الوسط الاجتماعي وأخيرا يربط ذلك التعريف التقنية بأهداف عملية ونفعية. يمكن أن نستخلص من هذا التعريف إذن أن التقنية نشاط إنساني أساسي تقوم عليه باقي الأنشطة الإنسانية الأخرى، وأنه جزء من نسيج العلاقات الاجتماعية، وبذلك فالإنسان لم يحول الطبيعة باعتماده على التقنية بل تحول هو نفسه إلى كائن ثقافي يعيش حياة اجتماعية واعية. وقد أبرز معظم الفلاسفة والأنتربولوجيين أن البعد التقني سابق أو على الأقل ملازم للبعد المعرفي في الإنسان، وأن الإنسان نفسه كائن صانع قبل أن يكون كائنا عارفا، بمعنى أن المهارات العملية للإنسان سابقة بل متفوقة على مهاراته النظرية أو المعرفية. وإذا كانت التقنية قد تطورت عبر تاريخ الإنسانية تطورا بطيئا عبر عشرات القرون: الحجر، الحديد، البروز، فإنها أخذت تتحول نوعيا من التقنية اليدوية إلى التقنية الممكنة مع ظهور العلم الحديث ابتداء من القرن السابع عشر في أوربا حيث تلاحقت الثورات التقنية تباعا: الثورة البخارية، المحرك الانفجاري، اكتشاف الكهرباء ونتائجه، الثورة الإلكترونية، المعلوميات، الثورة الجينية وهي تحولات تحكمها معايير التسارع والميل إلى الاستقلال الذاتي والكونية والتطور العلمي بعيدا عن أي منظور غائي، وذلك في إطار تصور جديد للعلم ذاته الذي لم يعد كما كان في العصور القديمة معرفة نظرية شاملة متقابلة مع التقنيات كصناعات وممارسات علمية، بل في منظور أن العلم أصبح مرتبطا عضويا بالتقنية. إلا أن التطور الهائل للتقنية الحديثة وكشوفاتها وقدراتها التي جعلت الإنسان يحقق ما كان يحلم به عبر السحر والميتولوجيا في القديم سواء في استكشاف الأبعاد اللانهائية للكون الكبير وفي الأبعاد اللانهائية للأكوان الصغرى في المادة الجامدة والمادة الحية أو في السعي إلى التحكم في بعض مظاهر الحياة عبر التلقيح الاصطناعي أو الاستنسال وغيره كل ذلك بدأ يطرح تساؤلات للمقارنة بين إيجابيات التقنية وحدود سلبياتها، وحول كيفية ضبط تطورها قانونيا وأخلاقيا حتى لا تتجاوز حدود المعقول الأخلاقي.

– التأطير الإشكالي للوحدة: إذا كانت التقنية هي مجموع الوسائل والأدوات التي يخترعها الإنسان اعتمادا على العلم، والتي تهدف إلى توفير خدمات مختلفة للإنسان وتساعده على التغلب على حوائج الطبيعة وعلى الأمراض ومظاهر النقص وتمكنه من تقليص المسافات واختصار الأزمة وتقريب البعيد إلى غير ذلك من الفوائد إلا أن التطور الهائل الذي واكب التقنية الحديثة أصبح يطرح عدة تسؤالات:
– كيف يمكن تحديد مفهوم التقنية؟
– ولماذا تعتبر خاصية إنسانية؟
– ما العلاقة بين التقنية والعلم؟
– ما هي الآثار الناتجة عن هذه العلاقة؟
– هل تعمل التقنية خلف كشوفاتها الإيجابية وتحولاتها النوعية آثارا سلبية تهدد الإنسان والطبيعة؟
– ما نتائج تطور التقنية على وجود الإنسان؟ لماذا تحولت إلى قوة مسيطرة على مصير العالم؟

المحور 1 التقنية خاصية انسانية

– كيف يمكن تحديد مفهوم التقنية؟
– لماذا التقنية خاصية إنسانية؟
نص 1:  اوسولد شبنغلر
” إذا أردنا فهم ما هو أساسي في التقنية، فعلينا ألا ننطلق من تقنية العصر الآلي، ولا من المفهوم الخاطئ الذي يكون هدف التقنية بمقتضاه هو صناعة الأدوات والآلات. إن التقنية ترجع، في الواقع، إلى أزمنة غابرة، علاوة على أن منشأها التاريخي غير معروف، بل هي خاصية عامة تتعدى الإنسانية وتصل إلى قلب الحياة الحيوانية… إن نمط حياة الحيوان، يتميز عن نمط حياة النبات، بكون الأول يستطيع التحرك في المجال، فهو يمتلك نوعا ما، وبهذا القدر أو ذاك استقلال إزاء الطبيعة. إنه يدافع عن نفسه ويحميها، فيضيف شيئا أو مضمونا لوجوده الطبيعي.
وإذا أردنا أن نصل إلى دلالة التقنية، فعلينا الانطلاق من الروح أو النفس ومنها وحدها. فالوجود الحر للحيوان هو صراع وليس شيئا آخرا غير الصراع: إنه خطته الحيوية*… أما التقنية، في دلالتها الإنسانية، فهي خطة للحياة*.إنها الشكل الداخلي الذي يعتبر الصراع مطهره الخارجي. وهنا يظهر لنا الخطأ الثاني الذي ينبغي تفاديه. لا نفهم التقنية من خلال وظيفة الأداة. إن ما يهم ليس هو شكل الأشياء، ولا كيف نصفها، ولكن ما نفعله بها، وكيف نستخدمها. فما يهم، ليس السلاح بل الحرب.
إن الحرب الحديثة، التي تعتبر الإستراتيجية عنصرها الرئيسي (أي قيادة العمليات، ولا تقنيات الاختراع، والإنتاج، واستخدام الأسلحة التي تدخل في سيرورة أعم) تظهر لنا حقيقة أكبر، وهي أن التقنية هي مسألة سلوك مهتم وهادف، وليست أبدا أشياء وموضوعات، وهذا بالضبط ما يتم نسيانه…
إن كل آلة تستخدم سيرورة معينة وتخدمها وتدين بوجودها إلى التأملات والاستباقات الخاصة التي تحرك هذه السيرورة. فكل وسائل نقلنا ولدت وتم تطويرها انطلاقا من فكرة السياقة، والتجديف، والإبحار والطيران، ولا انطلاقا من تمثلات للعربة أو المركب. ”

– صاحب النص :
شبنغلر: مفكر ألماني معاصر اهتم بفلسفة التاريخ، كما اهتم بدراسة الحضارة، من أهم مؤلفاته “انحطاط الغرب” و”الإنسان والتقنية .

– الاشكال الضمني :
ما الذي يميز التقنية عند الإنسان عن التقنية الحيوانية؟
باي معنى تعد التقنية خاصية انسانية ؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
يؤكد شبنغلرعلى أن التقنية خاصية عامة تشمل بالإضافة إلى الإنسان الحيوان أيضا. وإذا كانت التقنية عند الإنسان تعبر عن نمط وجود فهي عند الحيوان مجرد خطة حيوية يحافظ بها على نمط وجوده.انها تعبير عن نظرة استباقية واستشرافية للمستقبل .

– مفاهيم النص :
التقنية: كانت تدل قديما على الفن كإتقان. وأضحت تدل على ما يضعه الإنسان لتحقيق المنفعة والفعالية المباشرة.
فلسفيا : “مجموعة من العمليات والإجراءات المحددة تحديدا دقيقا، والقابلة للنقل والتحويل والرامية إلى تحقيق بعض النتائج التي تعتبر نافعة.
خطة حيوية: طريقة منظمة خاضعة للغريزة توجه السلوك بهدف الحفاظ على بقاء النوع.
خطة للحياة: طريقة منظمة قائمة على التأمل والتخطيط والاستباق لتنظيم الوجود الإنساني.

– الحجاج الموظف في النص :
استخدم شبنغلر بنية حجاجية تراوحت بين:
الدحض: يدحض الاطروحة الخاطئة التي تنطلق في تعريفها للتقنية من تقنية العصر الآلي. الذي يعتبر أن هدف التقنية هو صناعة الآلات.
الإثبات: أثبت صاحب النص أن التقنية ذات منشأ تاريخي قديم. كما أنها غير معتمدة من طرف الإنسان لوحده.
المقارنة: يقارن بين طبيعة التقنية عند الحيوان وطبيعتها عند الإنسان (بالنسبةللثاني خطة للحياة/ بالنسبة للاول خطة حيوية).

نص 2 : مارتن هيدغر
” ما التقنية الحديث؟ إنها هي أيضا كشف، ولا يتبدى لنا الجديد في التقنية الحديثة إلا عندما نجعل نظرنا يستقر على هذه السمة الأساسية (…)
إن الكشف الذي يسود في التقنية الحديثة هو استشارة تفرض على الطبيعة تسليم الطاقة التي يمكن استخراجها وتخزينها(…)
إن فعل الفلاح لا يستشير الأرض الزراعية، إنه عندما يبذر الحبة يوكل البذرة لقوى النمو ويرعى ازدهارها. إلا أن زراعة الحقل دخلت الآن هي أيضا في دوامة نوع آخر من الزراعة اليوم هي صناعة آلية للتغذية حيث يتم إيقاف الهواء واستشارته ليعطي النتروجين، والأرض لتعطي المهادن، والمعدن مثلا ليعطي الأورانيوم، وهذا ليعطي الطاقة الذرية التي يمكن توليدها من أجل التدمير أو الاستعمال السلمي(…).
المولد المائي للكهرباء مقام على نهر الراين، لأنه يوقف النهر لإعطاء ضغطه المائي الذي يجعل المحركات تدور، هذا الدوران يحرك تلك الآلة التي تنتج حركتها التيار الكهربائي الذي تستحضر من أجله المحطة المركزية لتوزيع الكهرباء وشبكتها التي تقوم بنقل التيار(…).”
إن الكشف الذي يسود التقنية الحديث له طابع الإيقاف بمعنى الاستشارة. وتحدث الاستشارة من خلال استخراج الطاقة المختفية في الطبيعة، تحويل ما تم استخراجه، تخزين ما تم تحويله، توزيع ما تم تخزينه بدوره، ومن جديد تغيير اتجاه استعمال ما تم توزيعه. الاستخراج، التحويل، التخزين، وتغيير اتجاه الاستعمال هي كيفيات للكشف.”

– صاحب النص :
هيدجر: فيلسوف ألماني معاصر (1889-1976) اهتم بالكينونة أو الوجود الإنساني باعتباره موضوع تم نسيانه في تاريخ الفلسفة ابتداء من أفلاطون. من أهم مؤلفاته: “الوجود والزمن”

– الاشكال الضمني :
ما التقنية؟ ما حقيقتها ؟هل تحولت الى قوة مسيطرة على الانسان؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
التقنية قوة تسيطر على الإنسان وتتحكم فيه، تخفي في جوهرها علاقة الكون بالإنسان.

– مفاهيم النص :
– الماهية: الحقيقة الخفية الثابتة.
– الحدوث: الانكشاف والظهور في الزمن.

– الحجاج الموظف في النص :
عرض هيدجر مبينا علاقته بمفاهيم أخرى مرتبطة به: الانكشاف/ الحدوث ، الطبيعة، السيطرة.

نص 3 : ر ديكارت
” لم أكن أحصل على بعض المبادئ العامة في علم الطبيعة، وألاحظ وأنا أبدأ باختبارها في مختلف المعضلات الجزئية، مدى ما تستطيع أن تسوق إليه، ومبلغ اختلافها عن المبادئ التي استخدمت إلى الآن، حتى اعتقدت أنه ليس في وسعي أن أكتمها دون أن أخل إخلالا كبيرا بالقانون الذي يوجب علينا توفير الخير العام لجميع الناس على قدر استطاعتنا.لأن هذه المبادئ أبانت لي انه يمكننا الوصول إلى معارف عظيمة النفع في الحياة، وانه يمكننا أن نجد، بدلا من هذه الفلسفة النظرية التي تعلم في المدارس، فلسفة علمية، إذا عرفنا بواسطتها ما للنار، والماء، والهواء، والكواكب والسماوات، وسائر الأجسام الأخرى التي تحبط بنا من قوة وأفعال، معرفة متميزة كما نعرف آلات صنائعنا، استطعنا أن نستعملها بالطريقة نفسها في جميع ما تصلح له من الأعمال، وان نجعل أنفسنا بذلك سادة الطبيعة ومالطيها. وليس الغرض من ذلك اختراع عدد لا نهاية له من الصنائع، التي تجعل المرء يتمتع من دون أي جهد بثمرات الأرض، وبجميع ما فيها من أسباب الراحة. وإنما الغرض الرئيسي منه أيضا حفظ الصحة، هي بلا ريب الخير الأول، وأساس كل الخيرات الأخرى في هذه الحياة.”

– صاحب النص :
ديكارت: فيلسوف فرنسي (1596-1650) من رواد الفلسفة الحديثة عرف بالكوجيتو “أنا أفكر إذن أنا موجود” وبشكه المنهجي الموصل إلى اليقين. من أعماله “تأملات ميتافيزقية”، مقالة “الطريقة”، “مبادئ الفلسفة

– الاشكال الضمني :
ما الغاية المتحكمة في استعمال التقنية من طرف الإنسان؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
يهدف الإنسان من خلال استعماله للتقنية، ترويض الطبيعة من أجل استعمالها والتسيد عليها. أي أن التقنية وسيلة يسعى الإنسان من خلالها ممارسة سلطته على الطبيعة.

– مفاهيم النص :
– الفلسفة العملية: البحث الذي يهدف إلى معرفة القوانين المتحكمة في حدوث الظواهر بهدف السيطرة عليها.
– الفلسفة النظرية: بحث يقوم على التأمل العقلي المجرد بعيد عن العمل.

– الحجاج الموظف في النص :
عمل ديكارت في بنيته الحجاجية على تشبيه الطريقة التي تعمل بها الآلة بالقوانين المتحكمة في مسار الطبيعة. كما عمل على المقابلة بين فلسفة نظرية تدرس في المدارس، وفلسفة عملية تمكن من معرفة قوانين الطبيعة وتدخل التقنية في جوهر هذه الأخيرة.

المحور 2: التقنية والعلم

– هل التقنية كانت قائمة قبل العلم؟
– هل العلم ظهر بشكل متأخر مقارنة مع التقنية؟
ما طبيعة العلاقة التي تجمع بين التقنية والعلم؟

النص 1 : سرج موسكوفيتشي S. Moscovici
“لم يعد بمقدورنا التفكير في أنه بإمكان المهندس أن يحل مختلف المشاكل التي واجهتها أجيال من الحرفيين والصناع، إذا لم يكن متمرسا باستخدام الآلات والتقنيات الميكانيكية. ولكن علينا ألا نفترض بالضرورة وجود معارف دقيقة لديه (في المرحلة الأولى)، بل يتعلق الأمر بتعلمه لبعض مبادئ الهندسة والحساب، التي تسمح له بجعل الرسومات والخطاطات التي يدونها دقيقة وتعطي فكرة صحيحة عن أبعاد البناءات وأحجامها، وذلك مكممة*. ونفهم ضرورة هذا التكميم على الأساس التالي:
لقد أصبح من الضروري، اعتبار الاستقلال الآلات بعضها عن بعض، معرفة الأوزان والأحجام والأشكال، ولو بطريقة تقريبية (للرفع من أدائها)، فسرعان ما يطهر ان تملك مفاهيم الرياضيات هو الذي سيصبح الصفة المميزة للفن الجديد (التقنية الجديدة) لأولئك الذين يمارسونه، وهم المهندسون.
لقد انحصر استخدام الهندسة والحساب، في البداية، في وصف الآلات ورسم الخطاطات والتصاميم، وتنامى دورها، فيما بعد، لتصبح وسيلة للدراسة والقياس… فهذا العالم “ليوناردو دافنشي”، يلجأ إلى الهندسة لتصميم العجلة المسننة والتروس المخروطة واللولبية… كما لجأ إلى الرياضيات في أبحاثه في الطاقة الهوائية لإجراء حساباته وقياساته. وانطلاقا من قياسه لأجنحة الوطواط، أصبح قادرا على قياس كم الهواء القادر على حمل وزن محدد. لقد أصبحت وظيفة الرياضيات… معترفا بها. وهكذا نجد الرياضيات، في شكلها البسيط، سارية ومخترقة لمهارة المهندس باعتبارها العنصر المكون لهذه المعرفة. وتمثل الخطاطات والتصاميم والتجارب عنصرا آخر في هذه المعرفة، والذي يستجيب لضرورة بديهية: فعندما يتعلق الأمر ببناء منشأة جديدة بأحجام كبيرة أو إصلاح أخرى موجودة، أو تهيئ مشروع لحل مشكل تقني، يكون من الضروري إجراء التجارب والفحوص القبلية، وهو الأمر الذي يسمح في الأخير، باختيار أنسب الحلول من بين الحلول الممكنة.”

– الاشكال الضمني :
ما علاقة المهندس بالآلات والتقنيات الميكانيكية؟ وما علاقته بالرياضيات وعلاقة التقنية بالرياضيات ما دامت الرياضيات صفة مميزة وإلى أي حد استطاع الإنسان امتلاك القدرة للسيطرة على التقنية والتحكم فيها؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
– يرجع المهندس في عمله إلى التكميم الرياضي، لتسريع مهمة وثيرة عمله ولتدقيق أكثر باعتبار أن عملية التكميم الرياضي ضرورة ملحة.
– دقة عمل المهندس يتطلب منه التوفر على أكبر قدر من المعرفة الرياضية. فاستخدامه الفعال للرياضيات يوفر له القدرة على التدقيق ويستجيب لمتطلبات المهندس في إدخال وإبراز اقتراع أدوات العمل.
– المهندس يبحث عن الحلول للمشاكل المعقدة باعتبار المعرفة الرياضية.

– مفاهيم النص :
تمييز عمل المهندس مقارنة بعمل الحرفي أو الصانع.
*يستخدم المهندس الآلات والتقنيات الحديثة ويواكب تطور التقنية ناهيك عن انفتاحه على المعرفة الرياضية وباحثا عن الحلول الكفيلة لمشكلات تعترض عمله.
*أما الحرفي أو الصانع فمعروف عن ضعف تمرسه على الآلات والتقنيات الحديثة مع احتفاظه بالقديم دون الانفتاح على التقنيات الحديثة الرياضية مما يبقيه رهين الإتروتقنياته القديمة.
– علاقة التقنية بالمفاهيم الرياضية: علاقة تكاملية فامتلاك المفاهيم الرياضية سيطور قدرة المهندس على تطوير التقنيات والذهاب بعيدا في التصاميم الهندسية المعتمدة على المفاهيم الرياضية في علاقته بالتقنية فالمعرفة الرياضية في علاقته بالتقنية ليست فقط في تحسين الأشكال الهندسية وتطوير الأبحاث العالية المستوى.
– دلالة التجريب العلمي وأدواته: عنصر التجارب إلى جانب التصاميم والخطاطات تمثل العناصر الأساسية للمعرفة الرياضية ومن أدوات التجريب العلمي البناء والإصلاح والتفحص.

– الحجاج الموظف في النص :
– العرض – بل يتعلق الأمر بتعلمه…
-إثبات: لقد أصبح من الضرورة
-إثبات أن تملك مفاهيم…
-العرض: لقد خصر…
-إثبات واستنتاج: لقد أصبحت وظيفة الرياضيات.
-إثبات يكون من الضرورات.
*العرض – يتعلق الأمر…
– دلالة الاستشهاد: بأعمال “ليوناردو دافنتشي”
– لم يكتفي فقط بتقنيات عادية بل لجأ إلى الهندسة لتصميم الجلة المسننة والتروس المخروطة واللولبية لجوء يعزى الهندسة أكثر العلوم دقة وتخطيطا إلى جانب الهندسة لا يكتمل عمل المهندس أو العالم بدون الرياضيات ¬ نظرية علمية خاضعة للتجربة.

أدوات الحجاج: بل للاعتراض – لقد للإثبات.

النص 2 : إدغارموران: edgar morin
نعيش عصرا تاريخيا فيه التطورات العلمية والتقنية والاجتماعية تدخلات وثيقة وتفاعلات قوية فيما بينها وعلة مستويات عدة.
فالتجارب العلمي هو في حد ذاته تقنية “التحكم” كما أن تطور العلوم التجريبية يطور تقنيات وسلطا تحكمية للعلم في المادة الحية واللاعضوية. ويعمل هذا التجريب كذلك على تطوير التقنيات، التي تؤدي بدورها إلى تطوير أنماط جديدة من التجريب والملاحظة العلميين كملاحظة الجزئيات والتلسكوبات التي تسمح بتطوير المعرفة العلمية ( في اتجاه اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر). وهكذا لا تصبح إمكانية التحكم في العلم خارج العلم ذاته، بل يكون من صميم سيرورة العلم – تقنية* إن المنهج العلمي منهج للتحكم يفترض بل يستدعي أكثر فأكثر مزيدا من التحكم. أما اليوم فقد أصبح العلم مؤسسة قوية وضخمة في قلب المجتمع الذي يموّله ويراقبه بواسطة سلطة الاقتصاد والسياسة. وهكذا أصبحت السيرورة* التفاعلية على الشكل التالي:

العلم التقنية المجتمع الدولة فالتقنيات التي ينتجها العلم تحول المجتمع، ولكن المجتمع التكنولوجي يحول العلم نفسه وتلعب المصالح الاقتصادية الرأسمالية ومصالح الدولة الفعال في هذه السيرورة.

– صاحب النص :
إدغارموران: فيلسوف فرنسي معاصر، توزعت اهتماماته بين السوسيولوجيا والفلسفة والإعلام والبيولوجيا، ومن أهم مؤلفاته “وحدة الإنسان” و”الإنسان والموت”

– الاشكال الضمني :
– ما هي طبيعة العلاقة التي تربط التقنية والعلم؟
– هل تحتاج التقنية إلى العلم وما مدى أو نوعية وأشكال التحويلات التي طرأت على كل منهما؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
-التطور العلمي والتقني ودوره في تقنية الانتقال التاريخي الحضاري.
-ارتباط التجربة بالعلم مما أسهم في تقوية البعد الحكمي للتجويب العلمي كتقنية للتحكم.
-العلم مؤسسة قوية وضخمة في المجتمع تمول من طرف السلط الاقتصادية والسياسية أي ارتباط العلم كمؤسسة بالسلطتين الاقتصادية والسياسية.
-دور المصالح الاقتصادية والسياسية ودور الدولة في سيرورة العلم تقنية مجتمع.

– مفاهيم النص :
– التجريب العلمي: تقنية للتحكم.
– التجريب والملاحظة العلميين.
– المعرفة العلمية التي تتطور في اتجاه اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر.
-المنهج العلمي منهج للتحكم يتقوى ويستمر في تحكمه كلما استمرت القوة التقنية في التطور.
-العلم كمؤسسة ضخمة في قلب المجتمع والارتباط الوثيق مع القوة الاقتصادية والسياسية.
-التحولات الناتجة عن إنتاجات العلم.

– الحجاج الموظف في النص :
* اعتماد آلية الشرح نعيش عصرا تاريخيا.
* واعتماد آلية التحليل فالتجريب العلمي هو في حد ذاته تقنية للتحكم.
* اعتماد آلية الشرح كما أن تطور العلم التجريبية يطور تقنيات وسلطات حكمية للعلم في المادة الحية واللاعضوية.

*آلية التركيب:
– العلم. تقنية.
– المنهج العلمي.
– السيرورة: تفاعل تبادل.
– المجتمع التكنولوجي.

* آلية الشرح: فالتقنيات التي ينتجها العلم…

النص 3 – عبد السلام بن عبد العالي
ليست الفيزياء الحديثة تجربة لأنها تطبق على الطبيعة آلات من أجل فحصها بل العكس هو الصحيح. فلأن الفيزياء – مسبقا وكنظرية خالصة – تجبر الطبيعة لتظهر مركبا من القوى قابلا للحساب الرياضي، أمكن للتجريب أن يمحصها.
ذلك أن الآلية بمعناها الحديث، ليست مجرد تطبيق لعلوم الطبيعة، وإنما هي حلول لممارسة جديدة. فليست الآلية Machinisme تحويلا للأداة إلى آلة بقدر ما هي قائمة في طبيعة الآلة ذاتها، تلك الآلة التي ليست آلة إلا بمقدار ما فيها من الرياضيات. الآلة آلة باطنيا وانطلاقا من الجدة النوعية للنوعية المستخدمة، لا خارجيا وكتطبيق للمعرفة المستخدمة، لا خارجيا وكتطبيق للمعرفة بصفة عامة. إن المعرفة التي بفضلها اتخذت الممارسة شكلا آليا هي الرياضيات.إنها المعرفة التي أصبحت فيها الوجود ذا طبيعة رياضية. يتعلق الأمر بمعرفة “تجعلنا سادة على الطبيعة وممتلكين لها” كما يقول المقال في المنهج*. إدارة المعرفة هنا إدارة قوة وتمكن. والعلم ذاته لم يصبح رياضيا إلا بالإرتباط مع هذا الصراع وبغية السيطرة.

– صاحب النص :
عبد السلام بن عبد العالي: مفكر مغربي معاصر، ولد بمدينة سلا، أستاذ في الفلسفة بجامعة محمد الخامس (الرباط) اهتم بتاريخ الفلسفة في الكتابة والبحث والترجمة، من أهم أعماله “أسس الفكر الفلسفي المعاصر” و”ثقافة العين وثقافة الأذن” ومن ترجماته: “نظام الخطاب” لميشيل فوكو،ومن تآليفه “التراث والهوية”

– الاشكال الضمني :
ما علاقة الفيزياء بالتقنية من حيث هي معرفة وممارسة؟ وهل الفيزياء الحديثة فيزياء تجريبية؟ وما معنى الآلة أو التعريف الجديد للآلة وعلاقتها مع الطبيعة؟ هل المعرفة تجعلنا قادرين على السيطرة والتحكم؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
– التقنية حل لممارسة جديدة وتحمل فينظامها معرفة علمية متجددة.
– مفهوم الآلية وإسهامها في التطور العلمي والسيطرة.
– التحكم الأساسي في الطبيعة نتيجة الأبحاث والتجارب.
– التحول في المعرفة. إذ أن إرادة المعرفة حولت أو غيرت النظرة للطبيعة إذا أصبح الإنسان سيدا على الطبيعة وممتلكاتها.
– المعرفة قوة وتمكن والعلم ارتبط بالرياضيات للتمكن والتحكم والسيطرة.

– الحجاج الموظف في النص :
اعتمد الدكتور عبد السلام بنعبد العالي في نصه على المستوى الحجاجي آليات النفي (ليست الفيزياء الحديثة…) والإثبات (بل العكس…) النفي (ليست ماهية الآلية) الدحض والنفي.
الاستشهاد: إن المعرفة التي اتخذت شكلا آليا في الرياضيات. إنها المعرفة التي أصبح فيها الوجود ذات طبيعة رياضية يتعلق الأمر بمعرفة (تجعلنا سادة على الطبيعة وممتلكين لها…)

المحور الثالث: نتائج تطور التقنية:

– ما هي انعكاسات تطور التقنية؟ كيف نتمثل انعكاسات تطور التقنية على وضعية الإنسان؟ أهي سلبية أم إيجابية؟
النص 1 : التحكم في التحكم (م. سير M.Serres )
التحكم والتملك. هذا هو شعار “ديكارت” الذي رفعه في فجر العصر العلمي والتقني (الحديث)، عندما انطلق العقل الغربي فاتحا ومستكشفا للكون. “نسيطر عليه ونمتلكه”، هذه هي الفلسفة المشتركة بين المشروع الصناعي والعلم وصف بأنه محايد وموضوعي. إن التحكم الديكارتي يؤسس العنف الموضوعي للعلم كإستراتيجية مهددة. إن علاقتنا الأساسية بموضوعات العالم أضحت تتلخص في الحرب والملكية…
إن حصيلة الخسائر التي تكبدها الإنسان للعالم، تساوي الخسائر التي يمكن حربا عالمية أن تتركها ورائها…
لقد أصبحنا، بحكم تحكمنا المفرط في الطبيعة ضعفاء تمامها، حتى إنها تهددنا هي بدورها لتسيطر علينا. فمن خلالها ومعها وداخلها نقتسم نفس القدر. وأكثر من كوننا نملكها، ستملكنا هي بدورها، كما في القديم، عندما كنا نخضع للضرورات الطبيعية، لكن مع فارق نوعي. في الماضي، كان الخضوع محليا أما اليوم فسيكون عالميا.
فلما ينبغي لنا، منذ الآن، البحث عن التحكم في تحكمنا؟ لأن تحكمنا لم يعد منضبطا ولا مقننا، ويتجاوز هدفه، بل أصبح ضد الإنتاج. لقد انقلب التحكم الخالص على نفسه.
ينبغي، إذن تغيير وترك الاتجاه الذي فرضته فلسفة ديكارت. إن التحكم لا يدوم طويلا بفعل تفاعلاته المتشابكة فيتحول إلى عبودية. كما أن الملكية تبقى تحكما أو منتهى إلى الهدم.

– صاحب النص :
ميشيل سير: فيلسوف فرنسي معاصر يعتبر إلى جانب باشلار من الذين ساهموا بشدة في إرساء فلسفة العلوم. له عدة مساهمات في الرياضيات والفيزياء…

– الاشكال الضمني :
ما علاقة الإنسان بالتقنية؟
هل الإنسان هو الذي يتحكم في التقنية أم أنها هي التي تتحكم فيه؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
إن اتجاهنا نحو تملك الطبيعة والتحكم أدى إلى نتائج سلبية على الإنسان مما يفرض إعادة النظر في أساس آليات هذا التوجه.

– مفاهيم النص :
– التحكم والتملك.
– المشروع الصناعي والعلم.
– التهديد.
– السيطرة.
– الخضوع.
– التحكم في التحكم.

– الحجاج الموظف في النص :
– آلية العرض والتوضيح: عرض تصور ديكارت.
– آلية النقد: نقد التصور الديكارتي.
– آلية المقارنة: مقارنة تصوره بتصور الفلسفة الحديثة.
– آلية الإثبات

النص 2 – جلبير هوتوا.
تتضمن استقلالية التقنية المبادئ التالية:
أولا، إن كل ما هو ممكن يتحقق بواسطة نوع من النمو الذاتي الآلي بدون غاية خارجية عنه، بحيث أضحى البشر مجرد منفذين لهذا الأمر التقني الضروري.
ثانيا، إن اعتبار التقنية مجموعة من الوسائل الموضوعة لخدمة الإنسان، هو مجرد أسطورة ووهم.
ثالثا، إن التقنية – العلم هي، مقارنة بالثقافات، كونية وجامعة وشاملة وعابرة، فالتقنية عالمية، والقوانين العلمية هي كونية كذلك. لهذا فإن الحل، الذي يخترع، حسب منطق “التقنية – العلم”، لكل مشكلة يعتبر الحل الأكثر فعالية، وهو حل واحد، حيثما كان، رغم اختلاف الثقافات والتقاليد التي يخضعها لخدمته أو يعدمها. فالتقنية –علم هي، كليانية.
رابعا، لا يمكن العلم ولا التقنية أن يشكلان ثقافة أصلية، لأنهما يقدمان حلولها بوصفها حلولا نهائية وضرورية، من دون أن يتيحا أية فرصة لحرية الاختيار بين الممكنات. إن الثقافة الحقيقة هي دائما ثقافة رمزية وتقليدية متجذرة في تاريخ عريق وفي أمكنة محددة. فالتقنية هي، إذن، ضد الإنسانية، والحل الوحيد هو الرجوع إلى التقليد، وإلى حضارة الرمز والكلمة.

– صاحب النص : جلبير هوتوا (1949 – …..) مفكر بلجيكي، له مساهمات عدة في فلسفة العلوم والتقنية…

– الاشكال الضمني : هل يمكن اعتبار تقنية ثقافة إنسانية أم أنها زائفة رغم طابعها الكلياني الكوني؟

– الاطروحة التي يدافع عنها النص :
التقنية والعلم ثقافتهما زائفة وليست متجذرة لأنها مرتبطة بكل ما هو عالمي وكوني وتقدم طروحات نهائية وتنفي حرية الفرد الشخصية وطابع الخصوصية لدى المجتمع

– مفاهيم النص :
– استقلالية التقنية.
– خدمة الإنسان.
– أسطورة ووهم.
– الكليانية.
– سرية الاختيار بين الممكنات.
– ضد الإنسانية.

– الحجاج الموظف في النص :
– آلية التحليل والترتيب
– آلية المقارنة والدحض: مقارنة بين ثقافة التقنية والعلم وبين الثقافة الأصلية لدحض الفكرة القائلة بخدمة التقنية والإنسان….
– آلية الإثبات…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *