أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 -ن 2-

أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929

الثانية باك آداب وعلوم انسانية ولغة عربية تعليم أصيل

النموذج الثاني

مقدمة: عرف العالم سنة 1929 أزمة اقتصادية هزت بعنف أركان النظام الرأسمالي وقد انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية لتشمل باقي دول العالم باستثناء الاتحاد السوفياتي. وكانت لها انعكاسات عميقة على تطور الأحداث الداخلية للبلدان المتضررة وعلى العلاقات الدولية القائمة.
1.فما أسباب ومظاهر انطلاق هذه الأزمة؟
2.وما أسباب ومظاهر انتشارها في العالم الرأسمالي ؟
3.وما أساليب مواجهتها في الولايات المتحدة ؟

المقطع الأول: أسباب اندلاع الأزمة ضمن الازدهار الأمريكي  مابين 1922-1929:

عاشت الولايات المتحدة الأمريكية مابين 1923 و 1929 فترة من أزهى فترات الازدهار الاقتصادي وارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي ب 30% (يرجع هذا الازدهار إلى عوامل: غزو ألوم للأسواق الأوربية المدمرة نتيجة الحر، فعالية التنظيم الاقتصادي الذي يعتمد على طرق جديدة كالعمل المتسلسل، تشجيع الاستهلاك بفضل سياسة الإشهار والقروض …) لكن هذا الازدهار لم يكن شموليا بل كانت له حدوده التي شكلت بوادر الأزمة فالقطاع الفلاحي لم يستفد من الازدهار حيث انخفضت أسعار المواد الفلاحية وأدى فائض الإنتاج إلى انخفاض مدا خيل الفلاحين ولم ينجح الازدهار الصناعي في محو الفوارق الاجتماعية.

ورافق الازدهار الأمريكي أيضا انتشار المضاربات المالية (بيع وشراء الأسهم عن طريق القروض) من أجل تحقيق أرباح سريعة وسهلة والتجأ الأمريكيون إلى بورصة نيويورك للاستفادة من الصعود الذي تسجله أسعار الأسهم وهو ما جعل ارتفاع أسعار هذه الأسهم في البورصة يصبح مصطنعا ولا يساير ارتفاع الإنتاج لذلك  فبمجرد ارتفاع عرض الأسهم مقارنة مع الطلب عليها انخفضت قيمتها بشكل مهول  وهو ما حدث يوم 24 أكتوبر 1929  ( الخميس الأسود ) ببورصة  وول ستربت حي عرضت أكثر من 12 مليون من الأسهم للبيع فاختل التوازن مابين العرض والطلب وانهارت قيمة الأسهم وتعرضت الأبناك ومؤسسات القرض للإفلاس مما أظهر الأزمة للجميع .

المقطع الثاني: انتشار الأزمة في العالم الرأسمالي ونتائجها العامة:

النشاط الأول: انتشار الأزمة في العالم الرأسمالي وتفسيره:

ساهمت عوامل متعددة في تدويل الأزمة الاقتصادية ومن أهمها:
•ارتباط أوربا بالرأسمال الأمريكي: فالأزمة مست أولا البلدان الأوربية المرتبطة بالسوق المالية الأمريكية وهكذا انتقلت الأزمة سنة 1931 إلى كل من النمسا و ألمانيا بسبب سحب الرساميل وتوقف الإعانات الأمريكية إضافة إلى استيراد القروض
• تدهور المبادلات التجارية: انتقلت الأزمة إلى كل من بريطانيا واليابان بفعل انهيار التجارة الدولية بسبب تطبيق سياسة الحمائية أما فرنسا فعاشت المشكل بدرجة أقل نظرا لضعف ارتباطها بالرساميل الأجنبية
• التبعية الاقتصادية للمستعمرات: تسربت الأزمة أيضا إلى المستعمرات التي كانت تعاني من مشكل الارتباط بالدول الرأسمالية  حيث أدى انهيار الاقتصاد العالمي إلى توقف الصادرات الفلاحية لهذه الدول مما تسبب في حدوث كارثة اقتصادية زاد من تفاقمها تكثيف الاستغلال الاستعماري عليها.

النشاط الثاني: النتائج العامة للأزمة الاقتصادية:

أ‌) النتائج الاقتصادية:
• انخفاض الإنتاج الصناعي خاصة بين 1929 و 1932 بسبب عودة الدول  الرأسمالية إلى سياسة الحمائية وتكدس البضائع حيث انخفض الانتاج بألمانيا بنسبة 40 % والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة النصف.
• تدهور المبادلات التجارية الدولية بنسبة 40 %  حيث انخفضت الصادرات البريطانية مثلا بنسبة 70% والألمانية بنسبة 60% .
• انخفاض الأسعار والاستثمارات بالعالم فانخفضت هذه الأخيرة بالولايات المتحدة الأمريكية مثلا من 17,6% سنة 1929 إلى 9,3% سنة 1932.

ب‌) النتائج الاجتماعية:
• تزايد عدد العاطلين بفعل إغلاق بعض المعامل أو تسريح العمال حيث بلغ عدد العاطلين بالولايات المتحدة لوحدها سنة 1932 11 مليون عاطل مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن الأمريكي
• استفحال ظاهرة الهجرة نحو المدن سبب عدم قدرة الفلاحين على تمويل العمليات الفلاحية وبذلك أصبح البؤس طاغيا في كل المجتمعات التي مستها الأزمة.

المقطع الثالث: أساليب مواجهة الأزمة في الولايات المتحدة:

حاول الرئيس الأمريكي روزفيلت إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي على أسس متينة واعتمد في ذلك على سياسة عرفت بالخطة   الجديدة “النيوديل” وتميزت بتدخل الدولة في جميع الميادين الاقتصادية والاجتماعية ومرت بمرحلتين أساسيتين:

تدابير الخطة الجديدة خلال المرحلة الأولى 1933 – 1935

   ميدان الإصلاح أهم القوانين الصادرة التدابيرالمتخذة لمواجهة الأزمة
المالي قانون الإنقاذ البنكي . مارس 1934 تخفيض قيمة الدولار الأمريكي تشجيع الاستهلاك بواسطة منح القروض
الفلاحي قانون التوازن الفلاحي ماي 1934 تقليص حجم المساحة المزروعة مقابل تعويضات للمزارعين من أجل خفض الإنتاج وبالتالي عودة الأسعار إلى الارتفاع
الصناعي والتجاري قانون الإصلاح الصناعي يونيو 1934قانون التجارة وضع حد أدنى للأجور خفض ساعات العمل الأسبوعية لتشغيل أكبر عدد من العمالفرض سياسة الحمائية

تخفيض الرسوم الجمركية على الصادرات.

الخطة الجديدة خلال المرحلة الثانية 1935 – 1937

خلال هذه المرحلة تم التركيز على تحسين الأوضاع الاجتماعية

ميدان الإصلاح أهم القوانين الصادرة التدابير المتخذة
الاجتماعي قانون الضمان الاجتماعي غشت 1935قانون فاغنير يونيو 1935

إنشاء المكتب الوطني للشغل

التأمين على البطالة و العجز والشيخوخة ثم تقديم مساعدات

لذوي الاحتياجات الخاصةاعتراف الحكومة بالحق النقابي للعمال

تنفيذ برامج الأشغال العمومية

التوسط في النزاعات التي قد تطرأ بين العمال وشغليهم

لقد أحرزت الخطة الجديدة نتائج إيجابية أهمها ارتفاع الأسعار بنسبة 31 % والانتاج بنسبة 64% والصادرات بنسبة 30 % وانخفضت معدلات البطالة.

  • ومع تدابير الخطة الجديدة تحولت الرأسمالية الأمريكية من مرحلة الليبرالية المطلة إلى مرحلة الليبرالية الموجهة.
  • غير أن  سياسة روزفيلت عرفت عدة صعوبات حيث عارض أرباب المعامل تدخل الدولة في الاقتصاد و رفضت المؤسسات الكبرى الاعتراف بالحريات النقابية
  • ورغم ذلك فقد أعادت التوازن للاقتصاد الأمريكي وأنقذت الرأسمالية من الانهيار وكان ذلك من أهم دلالاتها التاريخية.

خـاتـمـة: هكذا تكون أزمة 1929 مثلت منعطفا كبيرا في تاريخ البلدان الرأسمالية والبلدان التابعة لها فقد أدخلت تغييرات على النظام الرأسمالي وأدت إلى تأزيم الأوضاع الاجتماعية والسياسية وساهمت في خلق ظروف دولية جديدة مهدت لقيام الحرب العالمية الثانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *