مدخل الحكمة: وقاية المجتمع من تفشي الفواحش

مدخل الحكمة: وقاية المجتمع من تفشي الفواحش

الأولى باك جميع الشعب والمسالك

وضعية الانطلاق :
يرى بعض الأفراد أن وسائل التواصل الإجتماعي ساهمت في ذيوع الفاحشة واقتحامها بيوت المسلمين بشكل ملفت للنظر في حين اعتبر البعض الأخر أن انتشارها راجع إلى تحول القيم وتراجعها .
من خلال الرأيين بين وجهة نظرك حول تفشي الفاحشة في المجتمع ؟
1- نصوص الانطلاق:
النص الأول: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) سورة يوسف الآية 33.
النص الثاني: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) سورة الأعراف الآية 31.
النص الثالث: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) سورة النور الآية 19.
2- قاموس المفاهيم :
-أصب : أميل إلى تلبية رغباتهن .
-الفواحش: الرذائل وكل ما عظم قبحه.
– ما ظهر منها : أي الفاحشة الظاهرة مثل الزنا.
-ما بطن : الفاحشة الباطنة كالنفاق.
-البغي : الجور و الظلم و العدوان.
سلطان : حجه و برهان.
-تشيع : من الشيوع وهو الانتشار و الذيوع.
3- مضامين النصوص :
مضمون النص الأول : تفضيل يوسف عليه السلام السجن على إتباع الفاحشة .
مضمون النص الثاني : تحريم الآية الكريمة للفواحش الظاهرة و الباطنة.
مضمون النص الثالث : توعده عز وجل كل من يحب نشر الفاحشة و شيوعها بالعذاب الأليم

ثانيا : التحليل
المحور الأول : مفهوم الفاحشة و حكمها:
مفهوم الفاحشة: لغة : اسم لكل ما تفاحش و تزايد في الذنوب و تطلق و يراد بها الزنا. لأن الزنا من أقبح القبائح
اصطلاحا : الفاحشة ما عظم قبحه من أقوال و أفعال و قد أطلق القران اسم الفاحشة و الفحشاء على أفعال مستقبحة عرفا و شرعا، مثل : الزنا اللواط و الكبر والنفاق …
قال تعالى: “إن ما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن….”
أنواع الفاحشة: من خلال قوله تعالى “ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن,..” يتضح أن الفواحش نوعان :
الفواحش الظاهرة : كل ما تقترفه الجوارح مثل الزنا –السرقة –تعاطي المخدرات –اللواط –القتل –الكذب …..
الفواحش الباطنية: و هي التي تتعلق بحركات القلوب ك: الكبر-العجب-سوء الظن-الرياء- الغرور…
حكم الفاحشة : حرم الإسلام جميع الفواحش
قال تعالى: ”قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن…” , كما حرم الاقتراب من الأسباب المؤدية لها . قال تعالى ”ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ”. و اعتبر هذا التحريم غيرة على عباد الله قال صلى الله عيه و سلم ”إن الله يغار و غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ”.
و قد توعد الله عز و جل بالعذاب الأليم كل من يحب نشر و شيوع الفاحشة.
قال تعالى: ”إن الدين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة والله يعلم و أنتم لا تعلمون ”.

المحور الثاني : أساليب وقاية المجتمع من الفاحشة .
لا يصاب المجتمع بالخراب و الدمار و الفساد و انتشار الأمراض , إلا إذا تفشت فيه الفاحشة و أعلن عنها بشتى الوسائل قال رسول الله عليه الصلاة و السلام ” لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم …”
لذلك فقد سعى الإسلام إلى وقاية المجتمع و حصانته من الفاحشة بوسائل عدة :
– تحريم الوسائل و الطرق المفضية إلى الفاحشة كتحريم الأسباب المؤدية إلى الزنا من خلوة و تبرج و خضوع بالقول … قال تعالى: ”ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة و ساء سبيلا”
– تطهير الألسنة عن رمي الناس بالفاحشة “حد القذف ”
– تطهير النفس عن سوء الظن والوسواس قال تعالى “…..اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ……”
– التربية الإيمانية التي تنتج الغيرة على محارم الله وترسخ قيم العفة والفضيلة وتستحضر الرقابة الإلهية في كل فعل وقول .
– الامتناع عن نشر كل أشكال الفواحش خاصة ما يتعلق حاليا بوسائل الإعلام.
– التخلق الجماعي بقيمة الستر :ومنه مشروعية الاستئذان صونا وسترا للبيوت .
– نشر قيم العفاف والشرف بأساليب علمية :تيسير سبل الزواج – خلق أجواء إيمانية – تطبيق العقوبات الزجرية صونا للأعراض والأموال …
وعلى العموم فإن وقاية المجتمع من الفاحشة رهين بمدى مسؤولية الأفراد والأسر والمؤسسات ووعيهم بخطورة انتشار الفاحشة وما يترتب عنها من أضرار.

المحور الثالث: التحلي بفضائل الأخلاق وبثها في المجتمع درءا للفواحش :
تعتبر الأخلاق أهم عنصر لتكوين الفرد المثالي و الأسرة السليمة و المجتمع الراقي , من أجل ذلك حرص الإسلام أشد الحرص على تهذيب المجتمع بالأخلاق و الفضائل حتى يتجنب انتشار الفواحش و الجهل لأن انهيار الأخلاق طريق لتفشي الفتنة و الرذيلة و الجريمة و اختلاط الأنساب و انتشار الأمراض ”مثال: التعفنات المنقولة جنسيا” و إذلال للمرأة و ضعف للحياء و التدين…
فالفضائل بمثابة سياج رادع يصد النفس عن كل انحراف و انزلاق إلى مهاوي الرذيلة لذلك حينما تسود الأخلاق في المجتمع ترى معاني القيم متجلية في علاقة الأفراد مع بعضهم البعض فتنتشر بوادر المحبة و المودة و الحياء و الصدق و العفة و غض البصر … سيرا على هدي قوله تعالى: ”إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.”و إقتداءا برسوله الله عليه السلام القائل: ”أكمل المِؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا ”
كيف أستعصم في أجواء الإغواء ؟
-الانشغال بالعمل المفيد وملء الفراغ لأن الفراغ والتبطل منشأ كل شر وبلية .
– اختيار الصحبة الصالحة وهجر مجالس الغفلة والرذيلة .
– تقوية الإرادة وتسامي النفس عن رغباتها وغرائزها .
– المداومة على الاستغفار والحمد لأنهما يعصمان من الفواحش .

ذ. م. بوجخار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *