مدخل القسط: حق النفس: الصبر واليقين للأولى باك جميع المسالك

مدخل القسط: حق النفس: الصبر واليقين للأولى باك جميع المسالك

النموذج الثاني

– قراءة النصوص:

قال تعالى:﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)﴾ سورة يوسف الآيتان:89-90

– عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْرًا مِنْ الْيَقِينِ وَالْمُعَافَاةِ فَسَلُوهُمَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلّ” مسند أحمد

شرح الكلمات الصعبة:
– إذ أنتم جاهلون : أي لا تعلمون ما يؤول إليه أمر يوسف . – قد منّ الله علينا : أي أنعم بأن جميع بيننا بعد افتراق طويل أنتم سببه .
– من يتق ويصبر : أي يتق الله فيخافه فلا يعصيه ويصبر على ما يناله من وصب ونصب .
– اليقين : التباث والوضوح –المعافاة : السلامة
المضامين:
1- فضل التقوى والصبر وما لهما من حسن العاقبة .
2- قيمة اليقين والمعافاة فهي خير ما أعطي العبد في الدنيا.

المحور الأول: من حق النفس على المؤمن التحلي بخلق الصبر
أولا: مفهوم الصبر واليقين
أ- مفهوم الصبر لغة: الرضا والجلد والتحمل والانتظار في ثبات واطمئنان.
واصطلاحا:خلق يصدر عن قدرة العبد على الجلد وتحمل الشدائد والابتلاءات في ثبات ويقين، وهدوء واطمئنان ، دون شكوى أو جزع.
ب- مفهوم اليقين لغة:الثبات والوضوح والتحقق.
واصطلاحا: العلم الحق الثابت الراسخ في القلب رسوخ اعتقاد جازم لايخالطه شك ولاظن
ثانيا: قيمة التحلي بالصبر
إن من أهم ما يربي الإسلام عليه المسلم هو: خلق الصبر فالصبر من أهم الأخلاق الإسلامية وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، كما أنه من أصعب الأمور وأشقها على العبد وهو من أعظم العبادات التي تدل على قوة إيمان العبد ويقينه بالله واعتماده عليه لما فيه من مشقة على النفوس.
وقد أخبر الرسول ﷺ عن فضل الصبر وبين أنه خير للمؤمن فقال: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خير له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».
فقد يصل المسلم بصبره درجات عالية في الجنة لا يصلها بعمله، وقد يختبر الله العبد بأنواع الابتلاءات ليعلي بها درجته في الجنة، كما أن الصبر يحتاج إليه العبد في جميع أحواله في العبادات، والمعاملات، وفي الابتلاءات، وفي النعم، وفي جميع أموره الحياتية ، فبالصبر تتحقق العزة والكرامة والتأييد من الله تعالى، وتتحقق به محبة الله تعالى ومعيته وعونه ونصرته..
ثالثا: مظاهر الصبر وحقيقته في الإسلام
لا سبيل إلى الفلاح في الدارين إلا بالصبر، ومن تجليات الصبر:
أ- الصبر أعظم حقوق النفس على صاحبها : إن المسلم يحبس نفسه على ما تكره من عبادة الله وطاعته، ويلزمها بذلك إلزامًا، ويحبسها دون معاصي الله عز وجل فلا يسمح لها باقترابها، ولا يأذن لها في فعلها مهما تاقت لذلك بطبعها قال تعالى :” وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور”لقمان:17.
ب- الصبر وفاء بالأمانة والمسؤولية: إن الصبر على الطاعة والحرص على إلزام النفس معاشرة أهل الخير ممن يحافظون على الصلاة وتلاوة القرآن الكريم ، والتفكر والذكر هو وفاء بمسؤولية أمانة الخلافة وطريق إلى الجنة قال تعالى :” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ” سورة الكهف:28
كما أن الصبر عن الضجر والجزع عند حلول المصائب والمكاره وصبرالنفس عن الاندفاع وراء أهوائها، وشهواتها وغرائزها طريق إلى تحقيق العبودية ووفاء بالأمانة قال تعالى:” وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” البقرة:154

– تحليل المحور الثاني: نظرات في مفهوم اليقين من خلال سير الأنبياء والمرسلين عليهم السلام

1- علامات اليقين:
من بين علامات يقين المؤمن بوعد الله التوكل على الله حق توكله ، فلا يعلق قلبه بغير الله تعالى ، ويرضى بحكم الله فلا يخشى إلا الله ولا تزلزله الملمات ، ولا يسأل غير الله ، فلا تغريه المغريات ، فيمضي على الحق في الحياة بعزم وتباث
ولايتحقق ذلك إلا عندما يسري اليقين في القلب فيسري في أعمال القلب والجوارح ..
2- قبس من يقين الأنبياء والمرسلين:
لقد وردت في قصص الأنبياء والمرسلين صور عديدة توضح تباثهم ويقينهم بوعد الله ومن هذه الصور:
– دعوة إبراهيم عليه السلام ربه للعناية بزوجه وولده اسماعيل وأن يرزقهما عندما تركهما في مكة
– قصة إبراهيم مع ابنه لما رأى أنه يذبحه فاستجاب له حتى إذا أراد أن يذبحه فداه الله بذبح عظيم قال سبحانه:” قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ “الصافات:102
– قصة يعقوب عليه السلام مع أولاده كان موقنا بوعد ربه أن يرجع له ولديه عندما فقدهما.
– قصة موسى مع ربه عندما أخذ موسى عليه السلام العصا التي حولها الله تعالى حية كان موقنا بحفظ ربه له قال تعالى :” قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى” طه:20
– خروج الرسول ﷺ لأداء عمرة الحديبية كان موقنا بالفتح قال تعالى:” لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ” الفتح:27

تحليل المحور الثالث: كيف أحفظ حق نفسي فأتحلى بالصبر واليقين وأقتدي بسير الأنبياء والمرسلين عليهم السلام

– أقرأ سير الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، وأعتبر بها.
– أواظب على قراءة سيرة سيدنا محمد ﷺ ، وأتأمل صبره على الشدائد والمحن ويقينه بفرج الله ونصره.
– أتقي الله تعالى ، وأوقن أن الله تعالى مع الصابرين.
– أوقن بأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين ، وأتوكل عليه حق توكله بإتقان عملي وحسن معاملة الخلق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *