مدخل الاقتداء: الرسول (ص) مفاوضا ومستشيرا للأولى باك

مدخل الاقتداء: الرسول (ص) مفاوضا ومستشيرا للأولى باك

النموذج الأول

تمهيد:

رغم أن قريشا لم تكن تملك حق رد المعتمرين والحجيج عن بيت الله الحرام ، إلا أنها ردت رسول الله ﷺ، فكانت سابقة مشينة في تاريخ الرفادة والوفادة. أما ملاقاة زوار البيت بالسيوف فتلك فضيحة كبرى هزت جزيرة العرب، ووفرضت على قريش أن تتفاوض في الحديبية لتمحو عارها، لكن بأسلوب التجبر وفرض الشروط. فهل أفلحت قريش باستعلائها أن تصمد في وجه منهج التفاوض النبوي؟

نصوص الانطلاق:

  • قال تعالى: ” وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴿58﴾ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ايتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴿59﴾ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ ﴿60﴾ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴿61﴾” سورة يوسف الآيات: 58-61
  • قال تعالى:”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴿159﴾ “سورة آل عمران الآية: 159

شرح المفردات:

جهزهم بجهازهم: قضى لهم حاجتهم ووفاهم كيلهم.
خير المنزلين: خير المضيفين وكان قد أحسن ضيافتهم.
سنراود عنه أبانا: سنجتهد في طلبه منه.
لنت لهم: كنت رفيقا بهم تعاملهم بالرفق واللطف.
فظا غليظ القلب: خشنا في معاملتك قاسي القلب.
لانفضوا من حولك: لتفرقوا وذهبوا تاركينك وشأنك.
فإذا عزمت فتوكل على الله: إذا بدا لك رأي راجح المصلحة فاعزم على تنفيذه متوكلا على ربك.

مضامين  النصوص :

النص الأول: إقناع يوسف عليه السلام إخوته في تفاوضه معهم ليأتوه بأخيهم.
النص الثاني: العفو والتشاور والرحمة من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم.

I- مفهوم التفاوض والتشاور:

مفهوم التفاوض:
لغة: من فوض: بمعنى رد الأمر وأوكله، وفاوضه مفاوضة: بادله الرأي فيه بغية الوصول إلى تسوية واتفاق.
اصطلاحا: هو أسلوب من أساليب حل النزاعات وتسوية الصراعات بين طرفين مختلفين حول قضايا معقدة تتداخل فيها المصالح المادية بالسيادة والنفوذ مع قضايا الهوية والكرامة والعقيدة والقناعات.

 مفهوم التشاور:
لغة: من أشار إليه، أومأ إليه بالرأي.
اصطلاحا: إشراك أهل الرأي السديد والعلم المجيد في اتخاذ القرار الرشيد.

II- منهج تفاوض الرسول ﷺ في فض النزاعات:

 1 – الرسول ﷺ المفاوض الألمعي، صلح الحديبية نموذجا:

أبدى رسول الله ﷺ قدرة لا نظير لها في مفاوضة قريش، من خلال قدرته على التخطيط، واستيعابه للسياقات المعقدة للحدث، على مستويات السياق التاريخي العام، والموقع الجغرافي، وطبيعة تحركه، ومن خلال هدوئه أمام شروط سهيل بن عمرو المستفزة، وقبوله لها مقابل اختراق كبير في مواقف قريش، كان أولها إزاحتها عن منطق الحرب بقبولها للسلم مدة عشر سنوات واعترافها بالمسلمين ككيان ودولة.

    2- مميزات أسلوب تفاوض رسول الله ﷺ من خلال صلح الحديبية:

تميز أسلوب تفاوض رسول الله ﷺ بمميزات منها:

  • تقوية موقف الرسول ﷺ مفاوضا: وذلك ببيعة الرضوان.
  • إرباك الخصوم: باستمالة بعض سادة قريش لصفه.
  • فرض الاحترام لقواعد التفاوض: وذلك باشتراط إطلاق سراح عثمان بن عفان.

كفاءة الانسحاب التفاوضي: بقبوله ﷺ شروط عدم كتابة البسملة، ومحو صفة “رسول الله”.

III- الشورى منهج الرسول ﷺ في الاختيار واتخاذ القرار:

          1- الشورى مبدأ أصيل في الإسلام:

رغم ما ألزم به الله تعالى الصحابة والمسلمين عموما من واجب طاعة رسول الله ﷺ، إلا أنه ﷺ في تسييره للأمر كان يعتمد مبدأ الشورى امتثالا لقوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ سورة آل عمران الآية 159، كما أثنى الله تعالى على من جعلوا أمرهم شورى بينهم يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾ سورة الشورى الآية 35.

         2- الرسول ﷺ مستشيرا:

من أهم مشاورات النبي ﷺ:

  • مشاورة الرسول ﷺ لأصحابه في غزوة بدر:

عن أنس رضي الله عنه: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا” صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب غزوة بدر.

  • مشاورة الرسول ﷺ أم سلمة في الحديبية:

عندما تأخر الصحابة عن التحلل الذي امرهم به رسول الله ، أخذ النبي برأيها، فنصحته بألا يكلم أحدا حتى ينحر ويحلق، وفعل الرسول ففعل الصحابة اقتداء به . فكانت سندا له في هذه المحنة، وصار الحدث درسا لكل قائد حكيم مهما كان مستوى قيادته طلبا للقرار الرشيد.

7 تعليقات

  1. Chokran katiran

  2. جزاكم الله خيرا

  3. شيماء خمسين

    لكم جزيل الشكر والتقدير والاحترام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *