نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة – ن 2 –

نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة
الثانية باك آداب وعلوم انسانية ولغة عربية تعليم أصيل
النموذج الثاني

التأطير الإشكالي:

تميزت العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى أواخر الثمانينيات بالمواجهة بين معسكرين متناحرين هما المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي بزعامة الإتحاد السوفياتي وذلك في إطار ما عُرف بنظام القطبية الثنائية، واختلفت حدة المواجهة بين المعسكرين بالتدبدب بين التوتر والانفراج .
ما السياق التاريخي لبروز نظام القطبية الثنائية ؟
• ما أسباب ومظاهر وأزمات الحرب الباردة الأولى ؟
• ما خصائص مرحلة التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية ؟

المقطع الأول: السياق التاريخي لبروز نظام القطبية الثنائية:

النشاط الأول: المد الشيوعي السوفياتي في أوربا الشرقية:
• انعقد مؤتمر يالطا في فبراير سنة 1945 بحضور الرئيس الأمريكي روزفيلت و الوزير الأول البريطاني تشرشل والرئيس السوفياتي ستالين، وقد أسفرعن الاتفاق حول تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق نفوذ، والتزام الإتحاد السوفياتي بفتح جبهة عسكرية ضد اليابان مقابل تحقيق مطالبه الترابية في عدد من الناطق شرق أوربا.
• استغل الإتحاد السوفياتي هذا الوضع الجديد، فعمل على مساندة كل الأحزاب الشيوعية في دول أوربا الشرقية، حيث ساهم في تحريرها من السيطرة النازية كما ساعدها على الوصول إلى السلطة، بهدف إقامة أنظمة اشتراكية بها على غرار النظام السوفياتي، ومن أهم هذه الدول رومانيا، بلغاريا، بولونيا…وغيرها.
• ساد تخوف كبير في أوساط المعسكر الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية من المد الشيوعي السريع في أوربا، فأدت هذه التحولات إلى القطيعة بين المعسكرين وقيام ستار حديدي بينهما في أوربا.

النشاط الثاني: رد الفعل الأمريكي من خلال مشروع مارشال :
• كان رد الفعل الأمريكي على المد الشيوعي في أوربا والعالم ظهور مذهب ترومان أو مايسمى بسياسة محاصرة الشيوعية وتدخل في هذا الإطار المساعدات المالية والاقتصادية الضخمة التي قُدمت للدول المتضررة من الحرب من خلال مشروع مارشال سنة 1947.
• اعتبر جدانوف أندري مستشار الرئيس السوفياتي ستالين أن مشروع مارشال يؤدي حتما إلى حدوث تغيرات على سياسة البلد الذي سيلقى هذا الدعم وبالتالي فرض الامبريالية الأمريكية على العالم لذلك دعى إلى مواجهة المشروع الأمريكي والصمود في وجه كل المخططات التوسعية الأمريكية.

المقطع الثاني: مظاهر الحرب الباردة الأولى وبعض أزماتها (1947-1953):

النشاط الأول: مفهوم الحرب الباردة ومظاهرها العسكرية والاقتصادية :
• مفهوم الحرب الباردة: هي ذلك الصراع بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي والذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية حيث عمل كل طرف على نشر مبادئه بمختلف الطرق مع تفادي الاصطدام العسكري المباشر وامتدت إلى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. وقد ظهرت بوادر الحرب الباردة منذ سنة 1945 بعد استعمال الولايات المتحدة الأمريكية القنبلة النووية في 9 غشت 1945 في حربها ضد اليابان حيث وجهت من خلالها رسالة قوية في حربها الباردة الدبلوماسية ضد الإتحاد السوفياتي من أجل تغيير مجرى الاتفاق المبرم مع ستالين في مؤتمر يالطا.

* المظاهر العسكرية : تتجلى مظاهر الحرب الباردة الأولى في تكوين مجموعة من الأحلاف العسكرية والسياسية ذلك أن الخلاف بين الكتلتين دفعت كل طرف إلى البحث عن حلفاء لتطويق نفوذ الطرف الآخر ومن أهم أحلاف الكتلة الشرقية نجد حلف الكومنفورم وحلف وارسو أما بخصوص أحلاف الكتلة الغربية فنجد الحلف الأطلسي و منظمة الميثاق الأطلسي

* المظاهر الاقتصادية: سعت الكتلة الرأسمالية إلى تأسيس المنظمة الأوربية للتعاون الاقتصادي سنة 1948 وكان رد فعل الكتلة الاشتراكية هو تأسيس مجلس المساعدة الاقتصادية المتبادلة ( الكومكون ) سنة 1949

النشاط الثاني: أزمات الحرب الباردة الأولى 1947-1953
• أزمة برلين الأولى سنة 1949: اندلعت هذه الأزمة بعد أن قرر وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإنجلترا تأسيس “جمهورية ألمانيا الفيدرالية” سنة 1949 فكان رد فعل الإتحاد السوفياتي هو محاصرة برلين الغربية وتأسيس”جمهورية ألمانيا الديمقراطية”  وكانت النتيجة تقسيم ألمانيا إلى قسمين شرقي اشتراكي وغربي رأسمالي
• أزمة كوريا ( 1953 – 1953 ): بلغت الحرب الباردة أوجها مابين 1950 و 1953 حيث كانت كوريا مقسمة إلى قسمين شمالية تابعة للمعسكر الاشتراكي وجنوبية تابعة للمعسكر الرأسمالية واندلعت الأزمة بسبب الحرب الأهلية بين الكوريتين فتدخلت الولايات المتحدة لمساندة كوريا الجنوبية وتدخلت الصين لمساندة كوريا الشمالية وبعد مشاورات طويلة تم التوقيع على هدنة سلام في يوليوز 1953 وتكريس تقسيم الكوريتين.

المقطع الثالث: مرحلة التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية :

النشاط الأول: مظاهر مرحلة التعايش السلمي وبعض الأزمات التي تخللتها ( 1953 – 1973 م )

أ‌)  مظاهر مرحلة التعايش السلمي :

بعد سنة 1954 دخلت العلاقات بين المعسكرين مرحلة التعايش السلمي وحدث هذا التطور بفضل الظروف الجديدة التي طبعت كل من الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية :
• الإتحاد السوفياتي عرف توجها جديدا في السياسة الخارجية بزعامة الرئيس السوفياتي الجديد خروتشوف الذي انتقد سياسة ستالين ونهج ساسة التعايش السلمي مع الولايات المتحدة.
• الولايات المتحدة سارت في نفس الإتجاه إبتداءا من فترة الرئيس الأمريكي إيزنهاور ( 1952-1960 ) الذي أخمد الحملة العنيفة ضد الشيوعية بل واستقبل الرئيس السوفياتي بالبيت الأبيض سنة 1960.

كما تجلت مظاهر التعايش السلمي أيضا في وعي الطرفين بالعواقب الوخيمة للتسابق نحو التسلح على البشرية وبالتالي توصلهما إلى نزع جزئي للسلاح من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات من بينها اتفاق 1959 القاضي بتدويل منطقة القطب الجنوبي ومنع إقامة منشآت عسكرية بها و اتفاق 1963 الذي يهدف إلى وقف التجارب النووية واتفاق 1968 حول منع انتشار الأسلحة النووية .

لكن علاقات الكتلتين تعرضت بموازاة ذلك لكثير من الأزمات التي هزت التعايش السلمي.

ب‌) أزمات التعايش السلمي:
• أزمة برلين الثانية: اندلعت هذه الأزمة ابتداء من سنة 1955 بعد أن فشلت الكتلتان في التوصل إلى حل لمشكلة تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق نفوذ فالإتحاد السوفياتي حاول فرض الاعتراف القانوني بجمهورية ألمانيا الديمقراطية مع تحويل برلين إلى مدينة محايدة بينما رفضت الأطراف الأخرى هذا الحل وانتهت الأزمة ببناء جدار برلين من طرف سلطات ألمانيا الشرقية سنة 1961
• الأزمة الكوبية: انفجرت هذه الأزمة سنة 1962 عندما اكتشفت طائرات الاستطلاع الأمريكية وجود قواعد سوفياتية لإطلاق الصواريخ بكوبا فكان رد فعلها سريعا حيث حاصرت كوبا وهدد الرئيس الأمريكي كينيدي السوفيات بشن حرب شاملة وانتهت الأزمة بسحب الصواريخ السوفياتية مقابل كف الولايات المتحدة عن تهديد النظام الاشتراكي بكوبا.
• حرب الفيتنام: تواجهت الفيتنام الشمالية التي حظيت بدعم المعسكر الاشتراكي مع الفيتنام الجنوبية الموالية للمعسكر الغربي منذ سنة 1954 ثم تدخلت الولايات المتحدة في الحرب بشكل مباشر سنة 1965 لكن التدخل الأمريكي انتهى بتوحيد قوات الشمال لشطري الفتنام سنة 1973 بعد أن اضطرت الو م أ من الخروج مما أسمته بالوحل الفيتنامي لعدة عوامل اقتصادية ودبلوماسية ومعنوية وبعد أن كلفت الفيتناميين مايقرب من 3 ملايين من القتلى.

النشاط الثاني: الحرب الباردة الثانية :(1975-1985)

عادت العلاقات الدولية إلى التوتر من جديد بين القطبين الثنائيين وذلك بعد أن امتد النفوذ السوفياتي إلى عدد كبير من بلدان العالم الثالث حيث عمل على توسيع الروابط مع كل من ليبيا سنة 1975 وأنغولا والموزمبيق سنة 1976 كما تدخل في أفغانستان سنة 1979 ، وبدأ الرد الأمريكي سنة 1977 بتزويد كل من مصر والصومال والسودان والتشاد بالأسلحة الدفاعية إضافة إلى دعم كل الحركات المناهضة للأنظمة الاشتراكية بالعالم الثالث.

بموازاة مع ذلك عززت كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي قدراتهما العسكرية حيث  توصل الطرفان إلى تطوير الغواصات الحربية والقنابل الذرية إبتداءا من سنة 1981 كما شرعت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ برنامج الدفاع الإستراتيجي سنة 1989 وهو البرنامج المعروف بحرب النجوم.

خــــاتــمـــــة:

هكذا يتضح أن العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية تميزت بالتنافس بين الكتلتين الشرقية والغربية حول مناطق النفوذ وهددت العالم بحرب عالمية ثالثة عدة مرات لكنها تميزت أيضا بتصاعد الحركات التحررية بالعالم الثالث المطالبة بالحرية والاستقلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *