درس لغوي : الانسـجــــام 1: مبادئ الانسجام

درس لغوي : الانسـجــــام 1: مبادئ الانسجام

الثانية باك آداب وعلوم إنسانية

تقديـــــــم :
الانسجام لغة هو ضم الشيء إلى الشيء، واصطلاحا هو مجموع الآليات الظاهرة والخفية التي تجعل من خطاب ما مفهوما وقابلا للتأويل. وهو من صنع القارئ وليس وليد الخطاب؛ إذ يحكم القارئ بوجوده من خلال مبادئ وعمليات متحكمة فيه، وسنتعرف في هذا الدرس أهم هذه المبادئ .
التمثيل
نص محمد برادة “التجنيس والمرجعية في القصة القصيرة بالمغرب” متماسك العناصر بفضل تحقق الاتساق بين جمله وفقراته، لذا فهو مفهوم ومضامينه مستوعبة، وإذن فهو نص منسجم. فما هي المبادئ المتحكمة في عملية الانسجام ؟
التحليل :
1 ـ السياق وخصائصه :
هو الذي يحدد خطاب النص، ويشمل عناصر العملية التواصلية من : مرسل ومتلقٍ وموضوع الرسالة وفضاء ومقصدية
ـ المرسل : الكاتب المغربي “محمد برادة” الذي زاوج بين ضمير “أنا” الدالة على الجماعة وضمير المتكلم .
ـ المتلقي : يشمل نقاد القصة، وقراءها، والقارئ بصفة عامة. فالأمر يتعلق بمعرفة عملية القراءة وبظروف تلقي النص وبنوع المخاطَب وطبيعته وثقافته، والظروف العامة والخاصة التي تصاحب قراءته، وأسس “الإيكولوجيا” بما فيها من أعراف اجتماعية وثقافية وشروط تداولية وأسس بيولوجية نظرا لتفاعل العلاقة الوثيقة بين اللغة والثقافة والبيئات الاجتماعية.
ـ شكل القناة ونوعها: نص نظري…
ـ موضوع الرسالة : علاقة القصة بالمرجع من خلال رؤية القصاص والمتلقي .
ـ الفضاء (الزمان والمكان) : القصة المغرية من زمن 1956 إلى ما بعد 1970 .
ـ المقصدية : وهي البحث عن طبيعة العلاقة القائمة بين كاتب القصة ومرجعية نصه القصصي . إنها ” علاقة معرفية بين فاعل، وفعل، وتتعلق بها مقولات كالهدف والوسيلة والباعث (المحددات النفسية / الاجتماعية المحرضة على الفعل. والمكانة (تتسم بالثبات من حيث كونها تحدد فقط حالة ووظيفة فاعل في وضعية معينة)، والدور (يُعتبر ديناميا من حيث أن تلك الوظيفة تحرك معارف المتلقي في فهم النص)” . ولكي يفهم هذا النص ويؤول لا بد لك من معرفة ما يلي :
أ ـ السياق العام : ويتعلق بالمنهج الاجتماعي الذي ظهر في الغرب في أواخر القرن 19 ولا يزال يتطور إلى يومنا هذا، وقد اقتبسه العرب في بداية القرن 20 ليطبقوه على الأدب العربي.
ب ـ السياق الخاص : ويتعلق بظروف إنتاج دراسة محمد برادة للقصة القصيرة، حيث سعى إلى توظيف المنهج الاجتماعي قصد تفسير تطورها بالمغرب منذ فترة الخمسينات إلى فترة السبعينات وما بعدها.
ومعرفة السياق لا تتوقف عند معرفة الزمان والمكان، والمتكلم / الناقد (محمد برادة)، بل تتعدى ذلك إلى معرفة المقام والحضور وشكل لقناة ونوعها، كما ترتبط بعملية القراءة وبظروف تلقي النص وبنوع المخاطَب وطبيعته وثقافته، وأسس إيكولوجيا الإنتاج بكل أبعادها.
* نستنتج مما سبق أن تحديد سياق خطاب معين هو ما يجعله قابلا للفهم والتأويل.
2 ـ مبدأ التأويل المحلي :
إذا كان السياق هو المحدد لتأويل معقول لخطاب ما، فإنه يرتبط بمبدأ أساسي هو مبدأ التأويل المحلي، الذي يعلم المتلقي ألا يُنشئ سياقا أكبر مما يحتاجه في عملية التأويل، ويقيد الطاقة التأويلية عند قراءته للنص / الخطاب.
بتأملنا قول محمد برادة:”وأنتقل بسرعة إلى القصة المغربية، بعد 1956 بدأنا نسجل اهتماما أكثر بالكتابة القصصية التي يمكن أن نقول إنها كتابة واقعية بتلاوين متعددة” يتبين لنا أن الكاتب يوضح السياق المدروس، ويقيد الطاقة التأويلية للمتلقي فيحصرها في دراسة القصة المغربية بداية الاستقلال، إذ لا يهم المؤولَ مرحلةُ الاستعمار ولا المرحلة الراهنة.
* نستنتج أن مبدأ التأويل المحلي يقيد سياق الخطاب من جهة، ويقيد الطاقة التأويلية للقارئ باعتماده على خصائص السياق من جهة أخرى، ويقصي التأويل غير المنسجم مع المعلومات الواردة في الخطاب. كما يتعلق بكيفية تحديد الفترة الزمنية في تأويل مؤشر زمني ما، أو المظاهر الملائمة لشخص محال عليه بالاسم …
3 ـ مبدأ التشابه :
المقصود به استحضار نماذج مماثلة في فهم الخطاب وتأويله، فما توصل إليه محمد برادة لا يختلف كثيرا عما توصل إليه نجيب العوفي في النص الآتي، مثلا، في دراسة نفس الموضوع، ولهذا تجد نفسك مضطرا لاستحضار معارفك حول “التفسير الاجتماعي للقصة القصيرة بالمغرب” خاصة تلك التي تماثل هذا الاتجاه النقدي.
يرتبط التأويل المحلي بمبدأ التشابه إذ يتقيد تأويلنا بتجارب ومواقف سابقة تشبه ما نواجهه من نصوص ومواقف، وهي تجارب نستخلص منها ثوابت ومتغيرات، يتم تعميمها في عملية الفهم والتأويل على نصوص ومواقف أخرى.
* نستنتج أن مبدأ التشابه يسعى إلى إسقاط التجارب السابقة على ما نسعى إلى فهمه وتأويله.
4 ـ مبدأ التغريض / أو التيمة :
يقصد به نقطة البداية أو نقطة التمركز التي يتمحور حولها النص والجامعة له؛ ففي النص مركز جذب يؤسس منطلقه وتحوم حوله بقية أجزائه (العنوان ـ بداية النص ـ التكرار ).
بؤرة النص إذن تتجسد في علاقة القصة بالمرجعية وتأثير ذلك في استراتيجية التشكيل والكتابة وأفق التلقي. ويتقاطع هذا المفهوم مع مفاهيم أخرى “كالبنية الكلية” أو “موضوع الخطاب” باعتبارهما تمثيلا دلاليا إما لقضية ما، أو لمجموعة من القضايا، أو لخطاب بأكمله. فتلك التيمة تتحكم في تأويل الخطاب .
وعموما فإن المؤشرات التي تمرست بالاشتغال عليها في بناء فرضية القراءة أثناء ملاحظتك لهذا النص أو غيره، تُعتبر وسائل للتغريض بامتياز .

إضافة تخص النص السردي : الانسجام الموضوعاتي : العناصر التي تضمن انسجام العالم الخيالي في النص هي الموضوع ، الفضاء، الزمن، الشخوص
* نستنتج أن لكل نص بنية كلية ترتبط بها أجزاؤه، والقارئ هو الذي يصل إليها عبر عمليات متنوعة تشترك كلها في سمة الاختزال.

ذ محمد الدواس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *