النص القرائي: وادي العيون للسنة الثانية إعدادي

وادي العيون

في سنوات الخير يظهر الخير ، أول ما يظهر ، في وادي العيون ، إذ إضافة الى غزارة المياه التي تملأ الأحواض الثلاثة المحيطة بالنبع ، فان مياه العيون تنحدر الى أماكن لم يكن متوقعا أن تصلها . وفي تلك السنين تزرع الخضرة وتظهر النباتات المختلفة ، خاصة التي تأتي مع الأمطار المبكرة . ويتصرف الناس عامتهم في الوادي بطريقة لا يصدقها المسافرون الذين تعودوا المرور على محطات كثيرة مشابهة ، إذ يسرف أهل الوادي في الإلحاح على المسافرين للبقاء فترة أطول ، ويظهرون تعففا زائدا في أن يأخذوا مقابل ما يعطون.
بشر وادي العيون ، إذن ، مثل مياهه : إذا زادوا عن حد معين فلا بد أن يفيضوا ، أن يتدفقوا الى الخارج ، وهذه الزيادة ، الهجرة ، لازمتهم منذ أمد بعيد . فجأة يحسون انهم تكاثروا ، وأن الوادي لم يعد قادرا على إحتمالهم ، ولا بد للشباب القادرين على السفر ، من إكتشاف أماكن جديدة ، ليشدوا الرحال إليها من أجل الإقامة والرزق . إن حالة مثل هذه تبدو خفية غامضة ، وقد لاتتعلق دائما بالأمطار أو المواسم ،كما هي الحال في أماكن أخرى ، إذ رغم المطر الذي قد يأتي في سنة من السنين ، ورغم المراعي التي تحيط بالوادي ،والمياه التي تفيض وتمتد إلى مسافات لم تكن تصلها في أوقات أخرى ، رغم هذه الأشياء جميعها فإن هاجسا ملعونا ينمو بخفاء وبطـء في القلوب.
وهذا الهاجس الذي يحسه الكبار ، لكن يتكتمون عليه ويقاومونه ، ينام وينهض في قلوب الشباب والأمهات ، فيأخذ شكلا حادا عصبيا عند الشباب ، وشكلا حزينا يائسا عند الأمهات . لكن رغبة اكتشاف العالم ، وحلم الغنى ” وذلك الحنين إلى شيء ما ” يلح على الشباب إلى درجة لايستطيعون معه الصبر أو احتمال نصائح المسنين ، ولذلك يقررون وحدهم ، مهما كانت هذه القرارات قاسية .
لايوجد رجل من الرجال في الوادي ، خاصة في سن معينة ، لم تستول عليه رغبة السفر، وقلما يوجد واحد من المسنين لم يسافر إلى مكان من الأمكنة ، صحيح أن هذه الرغبات والسفرات تتفاوت من حيث المدة والنتائج ، إذ قد تستمر سنوات طويلة ، وقد تمتد فتشمل العمر كله ، وبعضها قد لايدوم أكثر من شهور ، يعود بعدها المسافر خائبا أو ظافرا ، لكنه يعود أيضا مملوءا بالحنين في الحالتين ، ومثقلا بالأفكار والذكريات وحلم السفر مرة أخرى . أما النتائج التي جناها المسافرون من أهل وادي العيون فلا يمكن أن تتلخص بكلمات قليلة ، لأن لكل مسافر مقاييسه وتصوراته ، فالنجاح والفشل ، الغنى والفقر ، لايعنى مفهوما واحدا بالنسبة للجميع .فقد صادف في حالات كثيرة ، أن عاد بعض المسافرين من أهل الوادي ، ورافق عودتهم الكثير الكثير من الأحاديث والأفكار والقصص.
حديث وادي العيون والسفر كلاهما له بداية بالنسبة لأي شخص ، لكن ليس له نهاية . وهذه الحالة يعرفها الكبار والصغار ، وتعودوا عليها وألفوها الى درجة لم تعد تثير أحدا أو تخلق أحزانا لايمكن مقاومتها ، حتى الأمهات اللواتي يردن أن يبقى أولادهن في الوادي ، وأن يستمروا فيه إلى النهاية ، لأنهن يخفن الأمكنة الأخرى ولا يتصورن وجود أمكنة أفضل ، لابد أن يسلمن في فترة من الفترات تسليم العاجز اليائس ، مع أمل أن يعود هؤلاء في وقت من الأوقات ، لكن بعد أن يكونوا قد شبعوا من السفر!

عبد الرحمان منيف . مدن الملح (التيه) . ص ص : 7 – 14 (بتصرف)
   أولا : عتبة القراءة
      1- ملاحظة النص:– صاحب النص:

+ عبد الرحمان منيف.

+ ولد سنة 1933 بالسعودية .

+ كاتب روائي سعودي.

+ من رواياته: الأشجار و أغنية مرزوق – مدن الملح – حين تركنا الجسر – عالم بلا خرائط …

+ توفي عام 2004.

– مجال النص: سكاني

  • العنوان: وادي العيون

+ تركيبيا :.مركب إضافي يتكون من مضاف ( وادي ) و مضاف إليه ( العيون) و يمكن أن يصير مركبا اسناديا بتقدير المبتدأ المحذوف.

+ دلاليا : يدل العنوان على مكان : (الوادي) و هو المجرى المائي وسط التضاريس.. – العيون : مفردها عين وهي ينبوع الماء لاقترانها بمفردة الوادي.
– الصورة المرفقة : تمثل صورة لواد بمحاذاته واحة خضراء دالة على توفر الماء ، وبجانبها بضع بنايات طينية ، تدل محدودية عددها على قلة الكثافة السكانية في المنطقة.
– بداية النص: تقدم مؤشرات سردية ( الزمان – المكان – الأحداث) .
– نهاية النص : تقدم مؤشرات دالة على الهجرة (السفر – الأمكنة الأخرى – أمكنة أفضل)

– نوعية النص : نص حكائي

   2 – بناء الفرضية :

بناء على المؤشرات السابقة و القراءة الأولية للنص نفترض أن موضوعه يتناول قصة أهل وادي العيون و حياتهم هناك.

ثانيا: القراءة التوجيهية (فهم النص 🙂
– شرح المستغلقات :
– النبع: مصدر الماء

– يتكتمون عليه : يخفونه ويسترونه

– تتفاوت : تختلف وتتباين.

– الحدث الرئيسي : سرد حياة أهل وادي العيون و هوسهم بالهجرة.

ثالثا : القراءة التحليلية:
1 – الحقول الدلالية :

حقل الهجرة حقل الطبيعة
المسافرون – السفر – يشدوا الرحال – اكتشاف أماكن جديدة – الأماكن الأخرى – اكتشاف العالم – الحنين – – وادي العيون – المياه – الأحواض – النبع – مياه العيون – الخضرة – الأمطار – وادي – الفيضان …

2 – أحداث النص :
أ- تصوير وادي العيون وخيراته الوفيرة وآثارها  على أهله.
ب – حلم الهجرة يستهوي سكان الوادي  وخاصة الشباب منهم.
ج- سرد تاريخ أهل وادي العيون مع الهجرة  و تجارب  النجاح والفشل قي ذلك .
د-  تعلق أهل وادي العيون بالهجرة. و تأكيد السارد على ذلك.

3 – وتيرة السرد :
اعتمد السارد إيقاعا سريعا في استرجاع حكاية أهل وادي العيون التي امتدت في فضاء زمني مفتوح على زمن الماضي.

   4- الملامح الفنية
– التشبيه : شبه السارد سكان وادي العيون بالمياه من حيث الحركة و الهجرة و الانتقال في المكان.
– التأكيد : ترددت بعض الألفاظ  التي لها حمولة دلالية مرتبطة بالموضوع في النص للتأكيد عليها
– هيمنة الفعل و خاصة الفعل المضارع الدال على الدينامية و الحركية من جهة و على الاستمرارية من جهة أخرى

رابعا: التركيب :
يسرد الكاتب قصة سكان وادي العيون مع الهجرة و خاصة منهم الشباب الذين يتوقون إليها و يعتبرونها حلما تتوارثه الأجيال تباعا . و المثير في هذه الحكاية أن وادي العيون بالرغم من خصوبة أرضه و وفرة خيراته لم يستطع أن يشد إليه أهله ،دون التفكير في الهجرة بعيدا عنه..

16 تعليقات

  1. أشكركم جزيل الشكر

  2. شكراً لكم موقع الجميل جداً

  3. meeeeeeeeeerci bien pour ces informations importantes

  4. meeeeeeeeeerci

  5. شكرا أكثر جمالا ششششششششششكككككرررررراااااا

اترك رداً على aymane إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *