وحدة التربية التواصلية والإعلامية: التعارف والتواصل ضرورة بشرية

وحدة التربية التواصلية والإعلامية: التعارف والتواصل ضرورة بشرية

الأولى إعدادي

التمهيد:

لقد خلق الله الإنسان من أب واحد وأم واحدة، وقدر أن تختلف ألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم، ولو شاء لجعل الناس امة واحدةـ ولكن شاء إن يختلفوا.

  • فهل أوجد الله تعالى هذا الاختلاف لأجل التصارع والتقاطع، أم جعله للتعارف والتواصل ؟

النصوص الشرعية:

  • قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ سورة الحجرات الآية: 13.

توثيق النصوص:

  • سورة الحجرات: سورة مدنية عدد آياتها 18 أية، ترتيبها المصحفي 49 بعد سورة الفتح، تتضمن حقائق التربية الخالدة، وأسس المدنيّة الفاضلة، حتى سمَّاها بعض المفسرين “سورة الأخلاق”. سميت “سورة الحجرات” لقوله تعالى:{إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} ولأن الله تعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وهي الحجرات التي كان يسكنها أُمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهن.

مضامین النصوص:

  • بيان الآية الكريمة أن الله عز وجل خلق الناس متنوعين ليحصل بينهم التعارف والتواصل.

التـــحــــلــــيل:

مفهوم التعارف والتواصل:

التعارف والتواصل: هو اتصال الناس مع بعضهم البعض بوسائل متعددة من أجل الوصول إلى هدف معين قصد العارف وتبادل الخبرات.

الإسلام يدعوا إلى التعارف والتواصل:

لقد جعلنا الله تعالى شعوبا وقبائل ليس لتناحر والخصان، بل لتعارف والوئام، فأما اختلاف الألسنة والألوان، واختلاف الطباع والأخلاق، واختلاف المواهب، فهذا التنوع لا يقتضي النزاع والشقاق، بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات، بل الله يعتبر هذا الاختلاف أية من آياته، ولا يمكن لأي شخص أن يزيله، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) سورة الروم الآية 22، لهذا ليس غريبا إن يدعوا الإسلام المسلمين إلى التعارف والتواصل مع من يخالفهم في اللغة والجنس والمعتقد، إلا ولو شاء الله لجعل الناس كلهم مسلمين، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ سورة يونس الآية 99.

أسس وأخلاقيات التعارف والتواصل في الإسلام:

أسس والتعارف في الإسلام:

يقوم التعارف والتواصل في الإسلام علة أسس هي:

  • الله تعالى خلق البشر جميعا: ان التعارف والتواصل يقوم على أساس أن البشر جميعا خلق الله، أيا كان دينهم أو جنسهم أو لونهم، قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ سورة الصافات الآية 96، ومن مقتضى هذا الخلق إن الله تعالى كرم الإنسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ سورة الإسراء الآية 70، وهذا التكريم من الله يوجب لكل إنسان حق الاحترام.
  • البشر كلهم من أب وأم واحدة: تقرير الإسلام لوحدة الخلق، أي أن البشرية جمعاء من أب واحد وأم واحدة، أي أنهم جميعا إخوة، وهذا يفرض عليهم إن يتواصلوا فيما بينهم كما يتواصلوا الإخوة، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ سورة الأعراف الآية 189.

 

  • الاختلاف بين البشر سنة إلهية: اختلاف الناس في الدين وغيره واقع بمشيئة الله تعالى، الذي منح الحرية في الاختيار فيما يعمل ويدع، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ سورة هود الآية 118، وللمسلم يقين بان مشيئة الله لا راد لها، كما انه لا يشاء إلا ما فيه الخير والحكمة، فلا يمنع هذا الاختلاف من التعارف والتواصل، بل يدو إليه.

أخلاقيات التعارف والتواصل:

التعارف والتواصل في الإسلام يقوم على مكارم الأخلاق والاحترام والتواضع، لأن المسلم يؤمن بان الله تعالى يامر بالعدل، ويحب المقسطين، ولو مع المخالفين في العقيدة، ويكره الظلم ويعاقب الظالمين، ولو كان من مسلم لغير المسلم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) سورة المائدة الآية 8.

أهمية التعارف والتواصل:

خلق الله تعالى البشرية من آدم وحواء وبث منهما رجالا ونساءا قال تعالى:{يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} سورة النساءالاية1، وهذه الآية تفيد أن الناس مشتركون في النسب وهم أمة واحدة، غير أن حكمة الخالق سبحانه وتعالى جعلتهم مختلفين في الألسنة يتكلمون لغات ولهجات مختلفة، وفي الألوان فمنهم الأبيض والأسود والأحمر والأصفر، في الأماكن و البلدان، فهم يتوزعون على القارات الخمس

وسائل التعارف في الإسلام :

شاءت قدرة الله تعالى أن يخلق الناس بطبع اجتماعي ليتعارفوا فيما بينهم، ويتعاونوا على فعل الخير. والتعارف مبدأ إسلامي، هيأ له الله سبحانه أسبابا تحققه في علاقات المسلمين. مع بعضهم البعض ومع غيرهم من الأمم بوسائل متعددة أهمها العبادات والأخلاق، فالمسلم مأمور بأداء الصلوات المفروضة في المساجد لأنها تضمن التعارف والتآلف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *